لحظة فارقة تشهدها صناعة الرفاهية العالمية، إذ تمكنت مجموعة كيرينغ الفرنسية أن تُقدّم أداءً يفوق التوقعات خلال الربع الثالث من العام، رغم سلسلة التحديات التي تواجهها الشركة وعلامتها الأبرز غوتشي، والتي تتهيأ اليوم لمرحلة تحوّل حاسمة تحت قيادة رئيسها التنفيذي الجديد لوكا دي ميو.

بعيدًا عن لغة الأرقام البحتة، يبدو أن نَفَس التجديد بدأ يتسلل إلى هذه الإمبراطورية الفاخرة. فعلى الرغم من تراجع مبيعات غوتشي بنسبة 14% في سابع فصل متتالٍ من الانخفاض المزدوج، فإن مؤشرات التعافي بدأت تلوح في الأسواق الرئيسة بعد عامين من التراجع، ما أعاد الثقة تدريجيًا إلى المستثمرين وعشاق الدار على حد سواء.

إيرادات كيرينغ الإجمالية خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى سبتمبر بلغت نحو 3.93 مليار دولار أمريكي، أي بانخفاض 5% عن العام الماضي، وهو أداء تفوّق على توقعات المحللين الذين رجّحوا تراجعًا يقارب 10%. وجاء هذا الزخم مدعومًا بأداء قوي لعلامات المجموعة الصغرى مثل إيف سان لوران وبوتيغا فانيتا اللتين ساهمتا في رفع نتائج المجموعة وتأكيد قدرتها على المناورة داخل سوق يشهد تباطؤًا عامًا.

رغم تراجع غوتشي.. كيرينغ تستعيد ثقة الأسواق بأداء يفوق التوقعات

AFP

هذا الأداء المتماسك نسبيًا فتح الباب أمام قراءة أكثر تفاؤلاً لمستقبل المجموعة، خصوصًا في ظل تحولات السوق الآسيوية. وفي قلب هذه التحولات، تبرز الصين بوصفها لاعبًا محوريًا في استعادة الزخم، إذ بدأت المؤشرات الإيجابية تتبلور بوضوح. بحسب ما أكدت المديرة المالية للمجموعة أرميل بولو، فإن الطلب بدأ يتعافى بوتيرة واعدة تشبه ما رصدته مجموعات الرفاهية المنافسة مثل إل في إم إتش LVMH وهيرميس. فمنتجات غوتشي المصممة على نحو خاص للمستهلك الصيني مثل حقيبة Giglio الصغيرة لاقت إقبالاً واضحًا، ما عزز نسب الزيارة إلى المتاجر.

رغم تراجع غوتشي.. كيرينغ تستعيد ثقة الأسواق بأداء يفوق التوقعات

AFP

مع تحسن المؤشرات في الأسواق الرئيسة، بدأت كيرينغ تتحرك على أكثر من صعيد لتعزيز موقعها، سواء عبر التجديد الفني أو إعادة الهيكلة الإدارية. ففي الوقت الذي حققت فيه أولى مجموعات المدير الإبداعي الجديد ديمنا نجاحًا في المتاجر، يمضي دي ميو قدمًا في إعادة هيكلة المجموعة ماليًا وتشغيليًا، إذ وقّعت كيرينغ أخيرًا صفقة بقيمة 4.7 مليار دولار لبيع قسم مستحضرات التجميل إلى لوريال، مع منحها حقوق استخدام العلامات المملوكة للمجموعة، في خطوة تهدف إلى تخفيف المديونية وتعزيز التركيز على جوهر أعمالها في الموضة والسلع الجلدية الفاخرة.

وفي الوقت الذي استبعد فيه كبار التنفيذيين طرح وحدة النظارات للبيع مؤكدين أنها جزء جوهري من استراتيجية كيرينغ طويلة الأمد، تتجه الأنظار الآن إلى المرحلة التالية من خطة دي ميو الطموحة، التي تجمع بين الحزم المالي والرؤية الجمالية لإعادة غوتشي إلى مكانتها التي طالما ميّزتها في قمة هرم الأناقة العالمية.