بين طيّات ماضيها الحافل بالتقلّبات، تبقى سيارة نوتشيو Nuccio من بيرتوني Bertone شاهدًا نادرًا على التناقضات التي شكّلت مسيرة واحدة من أعظم دور التصميم الإيطالية.
ظهرت السيارة للمرة الأولى عام 2012 بوصفها مجسمًا استعراضيًا غير قابل للحركة، ثم ما لبثت أن عادت في العام نفسه في هيئة نسخة حقيقية عاملة، قابلة للقيادة، وصالحة للعرض، ما منحها طابعًا مزدوجًا يُجسّد ذروة الطموح والنهاية المحتومة في آنٍ معًا.
واليوم، تعود نوتشيو إلى دائرة الضوء، إذ تستعد للظهور في مزاد آر إم سوذبيز المرتقب في يوليو الجاري، بوصفها آخر سيارة صُنعت تحت اسم بيرتوني الرسمي قبل إغلاق الدار عام 2014، بتقدير سعري يراوح بين 460 ألف و600 ألف دولار أمريكي.
سيارة بيرتوني نوتشيو.. تكريم بصري لأسطورة لانشيا
استلهمت بيرتوني تصميم نوتشيو من سيارة لانشيا ستراتوس زيرو Lancia Stratos Zero، الطراز المستقبلي اللافت الذي كشفت عنه الدار في أوائل السبعينيات، وأثار ضجة كبيرة آنذاك بفضل تصميمه الإسفيني الجريء الذي كسر القواعد التقليدية. وقد اختير اسم نوتشيو تكريمًا لابن المؤسس، نوتشيو بيرتوني، الذي كان رمزًا لحقبة ذهبية من الابتكار داخل الاستوديو.
RM Sotheby’s
ولكن تحت هذا الغلاف المستقبلي المتقن، تتوارى بنية مأخوذة مباشرة من فيراري F430، بما يشمل الهيكل والمحرّك وناقل الحركة. هذا يعني أن الفائز بالمزاد سيحصل على سيارة نادرة مزوّدة بمحرك V8 من ثماني أسطوانات بسعة 4.3 لتر، يعمل بالسحب الطبيعي، مع ناقل حركة بعلبة تروس شبه أوتوماتيكية بنمط F1، وأداء صوتي استثنائي بفضل نظام العادم المعدّل.
تُعد الخطوط الخارجية لسيارة بيرتوني نوتشيو من أكثر ما يلفت الأنظار، خصوصًا الواجهة الأمامية ذات الطابع الحاد الذي يبلغ ذروته في تصميم الإسفين القاسي، والمصابيح التي تلتف حول الهيكل بطريقة فريدة.
وقد دمجت بيرتوني في هذا النظام الضوئي ميزة غير مألوفة: إشارة توقف مخصصة للمشاة أمام السيارة الفاخرة، تُضيء عند التباطؤ، ما يعكس حسًا إبداعيًا يتجاوز المألوف.
RM Sotheby’s
الزجاج الأمامي الواسع يكتفي بمسّاحة واحدة، في حين تتكامل خطوط السقف مع الزجاج الخلفي عبر أقواس ديناميكية مستوحاة من شكل التمساح، في إشارات تصميمية جريئة لا تخلو من الطابع التجريبي.
رغم أن المقصورة الداخلية لا تُحاكي الجرأة البصرية التي تميز التصميم الخارجي، إلا أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون مجرد محاكاة لفيراري. فهي تحمل طابعًا فريدًا يعبّر عن شخصية مستقلة، بدءًا من العدّادات الميكانيكية الكلاسيكية، وصولاً إلى الكسوة الجلدية الحمراء العضوية التي تلتف بانسيابية حول المقاعد وألواح الأبواب.
أما الكونسول الوسطي، فينساب بتصميم متدرّج يُشبه الشلال، فيما تبرز المفاتيح المعدنية المصقولة بتقنية التخشين Knurling كدليل على العناية الحرفية المتقنة بالتفاصيل الدقيقة.
تعود ملكية السيارة حاليًا إلى جامع خاص اقتناها عام 2018 خلال مزاد شمل مجموعة من أصول دار بيرتوني بعد إفلاسها، وقد احتفظ بها منذ ذلك الحين بوصفها رمزًا لأقصى ما يمكن أن تبلغه الحرفية الإيطالية من جنون إبداعي وجرأة هندسية.