بعد مرور قرنين ونصف على ميلادها، لا تزال جين أوستن تُلهِم القرّاء والباحثين حول العالم. وفي أكتوبر المقبل، تتجدد هذه العلاقة بين الماضي والحاضر من قلب نيويورك، حيث تنظّم دار سوذبيز مزادًا استثنائيًا بعنوان By a Lady (بقلم امرأة)، يسلّط الضوء على ثلاث قطع نادرة مرتبطة بالروائية الإنجليزية الخالدة، في احتفاء خاص بإبداع النساء عبر العصور.
نسخة "إيما" إلى ماريا إدجوورث
تتصدر المزاد نسخة أولى نادرة من رواية Emma (إيما)، التي أرسلتها جين أوستن بنفسها إلى الكاتبة الإيرلندية الشهيرة ماريا إدجوورث، إحدى أبرز رواد الرواية الواقعية في مطلع القرن التاسع عشر.
وتُعد هذه اللفتة الوحيدة الموثّقة التي بادرت فيها أوستن إلى مشاركة عمل أدبي مع زميلة لها، ما يمنح النسخة بعدًا تاريخيًا وأدبيًا فريدًا.
الرواية، التي صدرت في ثلاثة مجلدات عام 1816، لم يبقَ منها سوى المجلدين الأول والثالث، غير أن قيمتها الحقيقية تكمن في ندرتها وتفردها.
فهي النسخة الوحيدة المعروفة التي لا تزال تحتفظ بغلافها الأصلي المرن، وهو الأسلوب التقليدي القديم لتجليد الكتب قبل أن تُصبح الأغلفة الصلبة معيارًا في عالم النشر.
يضاف إلى ذلك توقيع إدجوورث بخط يدها على صفحة العنوان، إلى جانب ملاحظات وتعليقات أدرجها ورثتها على مر السنين، ما يجعلها أثرًا أدبيًا متفردًا تصل قيمته التقديرية إلى 350 ألف دولار أمريكي.
Sotheby's
رسالة إلى كاساندرا
ومن بين أبرز المعروضات، رسالة نادرة كتبتها جين أوستن إلى شقيقتها كاساندرا في 11 أبريل من العام 1805، خلال إقامتها في مدينة باث، والتي ستتحول لاحقًا إلى خلفية روائية في كل من Persuasion (الإقناع) وNorthanger Abbey (دير نورثانغر).
الرسالة، المكتوبة بخط يدها على أربع صفحات، تمثل نموذجًا حيًا لأسلوب أوستن الذي يمزج بين الملاحظة الاجتماعية الدقيقة والفكاهة الذكية.
ففيها تسرد بأسلوب ساخر زيارة قامت بها عائلة براون، وترسم ببراعة صورًا خاطفة لشخصيات محلية عابرة، مثل السيدة تشامبرلين، التي وصفتها بعبارة طريفة بأنها مشتعلة على صهوة جواد.
وقد قُدّرت قيمة هذه الرسالة ما بين 300 ألف و400 ألف دولار أمريكي، ما يجعلها الأغلى بين مختلف رسائل أوستن التي ظهرت في المزادات حتى اليوم، نظرًا لندرتها، وحيويّتها الأدبية، وارتباطها بمرحلة محورية في حياة الكاتبة.
Sotheby's
قصيدة بخط يد أوستن
وفي سياق إبراز مختلف جوانب شخصية أوستن، يطرح المزاد أيضًا قصيدة نادرة بخط يدها بعنوان Lines on Maria Beckford (سطور عن ماريا بيكفورد)، دوّنتها في فبراير 1811 بروح ساخرة تنم عن ذكائها اللاذع.
تسرد القصيدة حادثة طريفة لجارتها التي زارت طبيبًا فوصف لها علاجًا قديمًا يحتوي على الزئبق المعروف باسم "كالوميل"، لتنسج أوستن من هذا الموقف نصًا شعريًا يجمع بين الدعابة والنقد الاجتماعي.
Sotheby's
وتكتسب هذه القصيدة أهميتها الفائقة من ندرتها البالغة؛ فهي واحدة من ست قصائد فقط لا تزال في حوزة جهات خاصة، بعدما فُقد معظم إنتاجها الشعري أو أُتلف بمرور الزمن. ويُتوقع أن تحقق هذه القطعة الأدبية الاستثنائية ما بين 100 ألف و150 ألف دولار أمريكي.
