تتجدّد الحكاية مع كريستيز كل خريف، حين تفتح الدار العريقة أبوابها أمام كنوز الماضي لتعيد إلى الذاكرة بريق الحضارات التي لا تموت. وفي نيويورك، اختتم مزاد الآثار القديمة Antiquities فعالياته في 23 أكتوبر، بعد أن منح عشّاق الفن والتاريخ رحلة آسرة بين مصر القديمة وروما الكلاسيكية.
تصدّرت المعروضات مجموعة من أربعة أوانٍ كانوبية مصرية نُحتت من الألباستر لرجل يُدعى خاكاري، وتؤرخ إلى الأسرة السادسة والعشرين، بين عامي 664 و525 قبل الميلاد. صُممت هذه الأواني لحفظ أعضاء المتوفى المحنطة، وما زالت تحتفظ بجمالها الأصلي وتفاصيلها الدقيقة التي تعكس براعة الحرفيين المصريين القدماء في النحت والتشكيل.
وبالرغم من أنها عُرضت من دون حد أدنى للسعر، إلا أن قيمتها التقديرية راوحت بين 120 ألف دولار و180 ألف دولار أمريكي. ومع الإقبال المتزايد عليها، بيعَت الأواني في المزاد مقابل 203 آلاف دولار أمريكي، مسجّلةً حضورًا قويًا في واحدة من أبرز صفقات المزاد، ومُعيدَةً إلى الأذهان رهبة الطقوس المصرية القديمة وروعة فنونها الخالدة.
Christie’s
برزت في المزاد كذلك لوحة جنائزية استثنائية مصنوعة من الكتان المطلي بالجص، تمثل وجه امرأة تعود إلى نحو عام 225 إلى 250 ميلاديًا. تُعد هذه القطعة من نماذج فن البورتريه الجنائزي الأشد ندرة في مصر الرومانية. فهي تجمع بين الحسّ الواقعي الروماني مع رمزية الخلود المصرية في عمل واحد ينبض بالحنين والجمال الأبدي. وقد أثارت القطعة اهتمامًا واسعًا قبل أن تُباع مقابل 77 ألف دولار أمريكي، لتُخلّد حضورها في سجل القطع التي جمعت بين التاريخ والفن في لحظة واحدة لا تُنسى.
Christie’s
واكتمل المشهد بقطع رومانية تتنفس الفن الكلاسيكي في أنقى صوره، أبرزها رأس رخامي يمثل شخصية ديونيسوس، نُحت بملامح الشباب والجمال المثالي، في تجسيد خالد لفلسفة الجمال الإغريقي. وإلى جانبه، لمع خاتم روماني ذهبي على شكل أفعى مزدوجة الرأس، يعود إلى الفترة الممتدة بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، تُبرز تفاصيله المدهشة حسّ الصائغ الروماني ودقته الفائقة في تحويل الذهب إلى أسطورة صغيرة تروي قصص الحضارة والزمن.
Christie’s
وقد بيع هذا الخاتم في المزاد مقابل 30 ألف دولار أمريكي، ليؤكد أن الفن، مهما صغر حجمه، يظل شاهدًا على عظمة التاريخ وعبقرية الإنسان.







