بين الجزء الأول القديم من مسلسل "ماغنوم بي آي" Magnum, P.I. وجزئه الثاني الجديد، انتقل السفر بالطائرات المروحية من رحلة مشوبة بالضجيج والمخاطر إلى أخرى ملؤها السلاسة والهدوء والتطور التقني، على الأقل في قطاع الطيران الفاخر.

فقد أفضت سنوات من التحسينات في نواحي التصميم والهندسة إلى تزويد الطائرات المروحية الخاصة برجال الأعمال بمستويات من الأمان والرفاهية والسرعة، تجعلها أكثر فأكثر بدائل عملية عن طرز الطائرات الثابتة الأجنحة. بل إن هذا الواقع تعزز أكثر خلال جائحة كورونا، إذ اجتذبت هذه الفئة من الطائرات قائمة أوسع من الزبائن. 

وفي هذا يقول متحدث باسم شركة "بيل هليكوبترز" Bell Helicopters: "في أعقاب الجائحة، وجد الزبائن في الطائرات المروحية وسيلة أكثر خصوصية للسفر. فقد أتاحت لهم هذه الطائرات الاستغناء الكامل عن محطات المطارات ومحطات خدمات الطيران الأرضية FBO".

وتثبت الأرقام ما قاله هذا المتحدث: إذا كان عام 2020 قد شهد تسليم الصنّاع 27 طائرة مروحية خاصة برجال الأعمال إلى زبائن في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الرقم قد تضاعف بعد ذلك التاريخ بعامين وبلغ 50 طائرة.

لهذه الطائرات قيود صارمة مقارنة بالطائرات ذات الدفع التوربيني أو الطائرات الخاصة الخفيفة، خصوصًا في ناحية الرحلات التي تتعدى مسافاتها مئات الأميال. ولكنها تتمايز في المقابل بخاصية تفتقدها الطائرات الأخرى، إذ تستطيع بلوغ مناطق تتعذر على غيرها: إنها الوحيدة القادرة على نقل زبون من أعلى ناطحة سحاب في مانهاتن السفلى إلى هامبتونز، أو من يخت فاخر إلى ملعب بولو في برمودا.

وقد أسهمت التطورات الحديثة التي استهدفت خصوصًا مزايا الراحة في المقصورة والحد من الاهتزازات والضوضاء وتحسين كفاءة استهلاك الوقود في تعزيز قدرات طائرات رجال الأعمال المروحية وجاذبيتها. وفي الطرز التي جرى الكشف عنها أخيرًا شاهد على هذا. 

طائرات مروحية خاصة ترقى بمعاني الأمان والرفاهية

تُعد طائرة ACH160 من إيرباص، التي يُسّلم أول نموذج منها هذا العام إلى زبون في الولايات المتحدة، التجسيد الأمثل للقفزات الراقية التي تحققت في هذه الفئة. على أن الطراز الفاخر من هذه الطائرة المروحية يتمايز بتصميم أكثر رقيًا، مع مقصورة معدّلة يمكن تهيئتها لتستوعب 10 ركاب، وهذا ما يجعلها تنافس الطائرات الخاصة من حيث الأناقة. ويتمايز هذا الطراز أيضًا بمواصفات تقنية مذهلة، تتجلى في تخفيض مستويات الضوضاء والاهتزاز، بالإضافة إلى النوافذ الأكبر حجمًا والمساحات الداخلية الفسيحة والفخمة الممهورة بتوقيع شركة "بيغاسوس ديزاين" التي تتخذ من لندن مقرًا لها.

Airbus


تستفيد طائرة ACH160 من 68 براءة اختراع جديدة، منها نظام الطيران الإلكتروني Helionix 3 الذي تَعزز بتكنولوجيا الإقلاع الآلي وتجنب الاصطدام. بمقدور الطائرة التحليق بسرعة 178 ميلاً/الساعة لمسافة 529 ميلاً، كما تستطيع البقاء في الجو نحو أربع ساعات ونصف. أما ميزة الأمان المبتكرة التي تنشط عن طريق النقر مرتين على الزر المثبت على ذراع التحكم، فإنها تتيح استعادة السيطرة على الطائرة بسهولة في حالات الهبوط الاضطراري.

Airbus

طورت شركة بيل هليكوبترز أيضًا طائرة 525 Relentless الرائدة والتي تقترب من تلقي ترخيص إدارة الطيران الفيدرالية، وهي طائرة تتمايز بتصميم ابتُكر من الصفر على يد لجنة استشارية من الزبائن الدوليين. إنها أول طائرة مروحية تجارية معتمدة معززة بنظام طيران كهربائي موصَل بأسلاك، وهو نظام يُزعم أنه يقلل من الأعباء الملقاة على كاهل القبطان ويزيد من الوعي بالظروف المحيطة ويتيح تشغيل وظيفة الطيار الآلي.

ومن المنتظر أن تكون طائرة Relentless 525 أكبر طراز تجاري في أسطول شركة بيل هليكوبترز، إذ إنها تستوعب 16 راكبًا وطيارين اثنين، ويقال إنها ستكون قادرة على التحليق بسرعة 184 ميلاً/الساعة لمسافة 667 ميلاً، كما ستكون مجهزة على سبيل الاحتياط بمحركين توربينيين من شركة جي إي أيروسبيس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تجهيز هذه الطائرة بتنسيقات مختلفة للمقاعد ومفروشات مخصصة من ابتكار شركة "ميكار أفييشن غروب" Mecaer Aviation Group.

طائرة Relentless 525

Bell


مع ذلك، ليست الطائرات المروحية الجديدة مخصصة كلها لنقل كبار الشخصيات ومرافقيهم. ولا أدل على ذلك من طراز AW09 المرتقب الذي طوّرته شركة "كوبتر غروب" Kopter Group قبل أن تستحوذ عليها شركة ليوناردو الإيطالية في عام 2020. تسعى هذه الطائرة المستحدثة والمجهزة بمحرك وحيد إلى الجمع بين أداء الطائرات الباهظة ثنائية المحرك ومساحاتها الداخلية الفسيحة من خلال توظيف بنية هندسية مجزّأة تتخللها عناصر مركبة تسبغ على المساحات الداخلية رحابة تدعمها النوافذ العالية.

طائرة AW09

Kopter Group


وقد جرى تجهيز الطائرة بمحرك توربيني وحيد من طراز Safran Arriel 2K قادر على إنتاج قوة تعادل 1,000 حصان تقريبًا، ولذلك فإنها تستطيع نقل ثمانية ركاب بسرعة 161 ميلاً/الساعة لمسافة 497 ميلاً، والبقاء في الجو لخمس ساعات كاملة. ولا يستشعر الركاب ضجيج المراوح لأن اهتزازات المروحة الرئيسة منخفضة، فيما المروحة الخلفية محاطة بهيكل يحدّ من ضوضائها. 

لطالما تمايزت الطائرات المروحية الخاصة برجال الأعمال بمرافق لا مثيل لها وإمكانية بلوغ مواقع كثيرة لا تبلغها الطائرات المخصصة للرحلات الطويلة، بيد أن الطرز الصادرة حديثًا تتباهى بقدر كبير من الراحة والأمان والكفاءة، ما يدعو إلى القول إنها مروحيات بمواصفات ذات طابع تنفيذي.