لم يعد معرض صالون تورينو للسيارات Salone Auto Torino لعام 2025 مجرد احتفال إيطالي بهندسة السيارات كما كان لعقود، بل أصبح مرآة لتحول عالمي تقوده الصين بثقة. 

في قلب مدينة تورينو، العاصمة التاريخية لصناعة السيارات الأوروبية، بدت القاعات كأنها تعكس انتقال مركز الثقل من الغرب إلى الشرق، بعدما سيطرت العلامات الصينية على الحضور والعناوين حتى الجوائز.

ضمّ المعرض أكثر من خمسين علامة تجارية، نصفها تقريبًا من الصين، إلى جانب حضور آسيوي متزايد من كيا وهيونداي وسوزوكي. 

ومن بين أبرز الأسماء الصينية التي لفتت الأنظار: بي واي دي BYD، وليبموتور Leapmotor، وفويا Voyah، وتايغر Tiger، فضلاً عن لوتس Lotus التي أصبحت جزءًا من مجموعة جيلي Geely. هذا التنوع يعكس الطموح الصيني المتصاعد في دمج الأداء بالتصميم، ويؤكد أن المنافسة لم تعد في مهدها بل دخلت مرحلة التفوق الملموس.

من تورينو إلى بكين.. الطفرة الصينية تُغيّر ملامح معرض السيارات الإيطالي

Salone Auto Torino

لم تكتفِ الصين بالحضور الكثيف، بل انتزعت التقدير كذلك، إذ فازت شركة شانغان Changan بجائزتين بارزتين: الأولى عن طراز Deepal S05 في فئة الدمج الذكي المرتكز على الإنسان، والثانية عن Deepal S07 بوصفها صاحبة أفضل تصميم خارجي. 

ويُعد فوز شانغان رمزًا للتغيير العميق في المشهد؛ فهي تمتلك مركز تصميم في تورينو منذ عام 2003 يضم أكثر من 300 موظف من 31 جنسية مختلفة يعملون على تطوير تصاميم لعلامات مثل أفاتار Avatar وديبال Deepal، ما يجعل نجاحها في عقر دار التصميم الإيطالي ذا دلالة رمزية قوية.

في المقابل، بدت الشركات الإيطالية في موقع المتفرج. فمدينة تورينو التي احتضنت 21 مصنعًا عام 1907 لم يبقَ فيها اليوم سوى فيات ولانشيا، وكلاهما ضمن مجموعة ستيلانتيس Stellantis التي اكتفت بعرض 13 طرازًا فقط. 

من تورينو إلى بكين.. الطفرة الصينية تُغيّر ملامح معرض السيارات الإيطالي

Salone Auto Torino

ورغم أن فيات كانت في السبعينيات ثالث أكبر مصنع سيارات عالميًا وتبيع أكثر من 1.4 مليون سيارة سنويًا، إلا أنها اليوم لم تدخل قائمة الخمسين الأكثر مبيعًا في أوروبا سوى بطرازين: باندا Panda في المرتبة 23 و500 في المرتبة 42.

مشهد تورينو هذا العام كان بمنزلة فصل جديد من التاريخ الصناعي، يُظهر كيف باتت الصين تصمم في الغرب وتُنافس على أرضه، فيما يتراجع إرث أوروبا العريق إلى المقاعد الخلفية.