منذ فجر التاريخ، والطيران كان هدف الإنسان الأسمى الذي سعى إليه كثيرون. ورغم أننا نعيش في عصر أصبح فيه الطيران معتادًا، إلا أن هذا الحلم ما زال يراود بعض الحالمين الذين يرغبون في نقله إلى مستوى أعلى من خلال صناعة السيارات الطائرة وتحقيقها.

للوهلة الأولى قد تبدو فكرة السيارات الطائرة مسعى لا طائل منه، ولكن الفوائد والمنافع البيئية تدفع بهذا المسعى إلى الأمام دائمًا. كما أن مجرد فكرة وجود مركبة قادرة على المزج بين السير على الأرض والتحليق في السماء هي فكرة أجمل من أن تترك من دون أن تطرق وتحاول الشركات تنفيذها.

وفي الواقع، فإن قطاع السيارات الطائرة يبدو مبشرًا لرجال الأعمال أيضًا، إذ بحسب ما قاله كرياكوس كوروسيس رئيس برنامج جامعة ليميرك لصلاحيات الطيران، فإن هذا القطاع قد يكون أكبر من القطاعات المشابهة له مثل المركبات الطائرة الخفيفة، وهو ما يعني أننا قد نرى آلاف السيارات الطائرة في وقت قصير.

ثلاث سيارات طائرة قد نراها قريبًا

اهتمام الشركات بقطاع السيارات الطائرة بدأ يجني ثماره، والآن أصبحنا نقف أمام بضع سيارات طائرة اقتربت من مرحلة الإطلاق، وقد نراها في وقت أقرب مما نتوقع.

مركبة Aska A5

تتباهى شركة أسكا Aska التي اتخذت من كاليفورنيا مقرًا لها بأن مركبتها A5 هي أول مركبة في العالم تجمع بين قدرة السير على الطريق والتحليق في السماء، وهي تقترب من حجم سيارات SUV التقليدية.

وتعتمد هذه المركبة على محرك هجين يزود ست مراوح بالقوة اللازمة حتى تتمكن من الإقلاع عموديًا من مكانها والتحليق كطائرة تقليدية. وفي وضع الطيران تستطيع Aska A5 تجاوز سرعة 240 كيلومترًا/الساعة لمدى يصل إلى 400 كيلومتر متصلة. وأما في وضع القيادة الأرضية، فإن السيارة تستطيع الوصول إلى سرعة 120 كيلومترًا/الساعة، وهذا ما تسعى الشركة للحصول على الموافقات اللازمة له.

طموح الشركة لا يقتصر على مجرد بناء سيارات طائرة، بل يمتد إلى أبعد من ذلك، إذ يسعى مؤسس الشركة إلى بناء سيارات طائرة قادرة على قيادة ذاتها من دون أي تدخل من الإنسان. وبحسب تصريحات الشركة، فإن Aska A5 ستصل إلى الأسواق العالمية بحلول 2026.

مركبة Aska A5/ أفخم السيارات الطائرة

Aska

مركبة Klein Vision AirCar

الانطباع الأول الذي ستأخذه عن هذه السيارة هو أنها خليط هجين بين السيارات الإيطالية الخارقة والمركبات العسكرية، وذلك بفضل الذيل المميز لها، إذ تستطيع بضغطة زر واحدة جعل هذا الذيل يمتد ليصبح أجنحة مزودة بمحرك، ما يتيح للمركبة التحليق في وقت قياسي.

اتخذت الشركة من سلوفاكيا مقرًا لها، لذلك تمكنت من الحصول على التراخيص اللازمة لبناء المركبة من سلطات النقل الجوي السلوفاكية. ولكن الشركة ما زالت تسعى للحصول على التراخيص اللازمة للعمل في أوروبا وأمريكا.

تضم مساعي شركة Klein Vision الكثير من الطُرز الأخرى لسيارتها الطائرة، من ضمنها طراز مزود بأربعة، مقاعد وطراز آخر مزود بمحركات إضافية، وطراز يستطيع الإبحار أيضًا.

مركبة Klein Vision AirCar/ أفخم السيارات الطائرة

Klein Vision

مركبة Alef Model A

مؤخرًا، كشفت Alef عن طراز Model A، وهو تصور الشركة للسيارات الطائرة المرخصة من حيث كونها تستطيع السير في الطرقات التقليدية مع قدرات على التحليق العمودي مثل بقية المركبات الطائرة. وربما كانت الميزة الأهم في Alef Model A تكمن في حجمها المناسب، إذ لا يزيد على حجم سيارة كبيرة قليلاً، ما يجعلها الأنسب للاستخدام اليومي بشكل مستمر.

تعتمد السيارة على ثماني مراوح ومنظومة حركة كهربائية لتزويدها بالطاقة، وهي تسع راكبين مع حقائبهما في قمرة تشبه الفقاعة. وبحسب بيانات الشركة، فإن مدى السيارة يصل إلى 320 كيلومترًا على الأرض و 180 كيلومترًا في السماء، وهذه الأرقام نتجت عن الاختبارات الحالية التي تجريها الشركة على نموذج قابل للعمل.

وتطمح Alef لأن تطلق السيارة الطائرة خلال عام 2025 بسعر 300 ألف دولار تقريبًا، وهي متاحة للحجز المسبق من الآن.

مركبة Alef Model A/ أفخم السيارات الطائرة

Alef

عقبات تقف أمام الحلم

حلم السيارات الطائرة يبدو أقرب مما كان في الماضي مع وجود هذه النماذج الجاهزة للبناء والتي تسعى الشركات لإطلاقها خلال الأعوام المقبلة. ولكن الطريق الذي ينتظر هذه الابتكارات ليس ممهدًا على الإطلاق، وذلك لأن مجرد وجودها يفرض تحديات على الشركات مواجهتها قبل أن تصبح السيارات الطائرة مركبات المستقبل الرائجة.

ويتمثل أهم هذه العقبات بالقوانين المنظمة لكيفية عمل هذه السيارات وسيرها على الأرض وتحليقها. فالمركبات الجوية تعمل وفق قوانين تختلف عن تلك المعتمدة للسيارات، وتحتاج إلى مهارات قيادة خاصة قد لا تتوافر في جميع سائقي السيارات التقليدية. ورغم أن بعض الشركات توفر تدريبًا مخصصًا لمالكي هذه المركبات، إلا أن هذا قد لا يكون كافيًا بحسب التشريعات الحكومية في معظم الدول.

التحدي الآخر الذي يقف أمام هذه المركبات هو المساحات الأرضية التي تحتاج إليها للإقلاع والوصول إلى إرتفاع مناسب. وإذا كان حلم الضغط على زر يحول السيارة إلى طائرة تحلق في الجو بات ممكنًا، فإن تحقيقه شبه مستحيل مع الازدحام الذي تعانيه بعض المدن مثل دبي أو نيويورك أو شنغهاي مثلاً.

وحتى إن تمكنت المركبة من إيجاد مساحة كافية للانتقال إلى الوضع الجوي، فإن ناطحات السحاب والمباني المتقاربة ستشكل عائقًا أمام رحلة السائق، ما يجعل السيارات الطائرة خطرًا على حياة القاطنين في المباني الضخمة إلى جانب كل من يمر أسفلها أو إلى جوارها.

ويظل التحدي الأكبر هو القدرة على إنتاج سيارة طائرة تجمع بين مواصفات السيارة الفارهة والمركبات الطائرة، وذلك حتى تجذب هذه المركبات المستخدمين ليتحولوا إليها بشكل كامل في مختلف أوقاتهم.