تحتدم المنافسة بين كبار صنّاع طائرات رجال الأعمال، ويبدو أن بومباردييه تتصدّر المشهد مبكرًا بطائرتها Global 8000 التي تستوعب 19 مقعدًا. فإلى جانب كونها باتت أسرع طائرة رجال أعمال في تاريخ الطيران بعدما تخطّت حاجز الصوت في اختبارات الطيران، فقد سجّلت إنجازًا ثانيًا لا يقل أهمية بتحقيق مدى سفر يبلغ 8,000 ميل بحري، ما يتيح للمسافرين على متنها قطع المسافات بين أبرز مدن العالم من دون توقف، وبمستويات راحة غير مسبوقة.
على أن اشتعال هذه "الحرب على تحقيق المدى الأطول" ليس مفاجئًا. يقول براين فولي، الخبير الاستشاري والمدير التنفيذي السابق في قطاع الطيران: "لطالما كان كبار المصنّعين مهتمين بالتربّع على قمة السوق عبر الإتيان بالطائرات الأكبر حجمًا، والأسرع، والأطول مدى.
وقد باتت هذه السوق أكثر ازدحامًا". إلى جانب طراز Global 8000، يشير فولي إلى طائرة Gulfstream G800 من غلفستريم، المرتقب دخولها الخدمة هذا العام، وطائرة Falcon 10X من داسو، التي يُنتظر بدء تسليمها في عام 2027.
Bombardier
أصبحت طائرة Global 8000 أسرع طائرة رجال أعمال، وذلك بفضل أجنحتها المرنة Smooth Flex ومحركات GE Aerospace Passport التي أُعيد ضبطها.
أما طائرة Global 8000 نفسها، فتُمثل الجيل الثوري التالي في سلسلة غلوبال بعد طراز Global 7500. تشترك الطائرتان في الهيكل نفسه ومحركات GE Aerospace Passport ضمن تصميم جديد كليًا أعلن عنه عام 2010، ثم انطلقت أول رحلة تجريبية لطراز Global 7500 بعد ست سنوات من ذلك التاريخ.
يقول ستيفن ماكولو، نائب الرئيس الأول للهندسة وتطوير المنتجات في بومباردييه: "كان الهدف واضحًا: أن نبتكر ملكة أو ملك السرعة". ومنذ أن دخلت طائرة Global 7500 الخدمة في عام 2018، وحلق أكثر من 200 نموذج منها في الأجواء، سجلت 125 رقمًا قياسيًا للسرعة في السفر بين مدينتين.
أبصرت طائرة Global 8000 النور بعد أن أعاد مهندسو شركة GE Aerospace إعداد البرمجيات الخاصة بمحرك Passport، وعمل فريق ماكولو على زيادة سعة الوقود داخل الأجنحة. يقول ماكولو: "كنا نعلم أن ثمة إمكانية للارتقاء بأداء هذه الطائرة".
وقد جاءت النتائج النهائية لافتة، إذ تبلغ السرعة القصوى 0.94 ماخ (721 ميلاً/الساعة)، وسرعة الطيران الفائقة 0.92 ماخ (706 أميال/الساعة)، فيما تساوي سرعة الطيران القياسية 0.85 ماخ (652 ميلاً/الساعة)، وهي السرعة التي تضمن للطائرة مدى السفر القياسي البالغ 8,000 ميل بحري.
Bombardier
يمكن تضمين المقصورة الداخلية، التي تتوزّع مساحتها على أربع مناطق، حجرة نوم اختيارية في المؤخرة.
مقارنة بهذه التطورات الملحوظة في القدرات، قد تبدو بعض التفاصيل - مثل معدل الضغط في المقصورة (الذي يعادل الضغط على ارتفاع 2,900 قدم خلال التحليق على ارتفاع 41,000 قدم) - صغيرة. لكنها في الحقيقة تُحدث فرقًا جوهريًا للركاب.
عند معدل الضغط هذا، يحصل الجسم على كمية أكسجين أكبر ويختبر قدرًا أقل من الإجهاد. فضلاً عن ذلك، تركّز مزايا الراحة الوظيفية الأخرى في الطائرة على فيزيولوجيا الجسم البشري.
فنظام Soleil لتنظيم الإيقاع البيولوجي يضبط مستوى الإضاءة للحد من اضطراب الساعة الحيوية بسبب السفر، فيما نظام Pur Air يُجدّد هواء المقصورة كل 90 ثانية.
أما مقاعد Nuage المعززة بوضعية "انعدام الجاذبية"، فصُممت لتُريح الجسم سواء كان الراكب في وضع الجلوس أو الاستلقاء. بل إن الشركة أخذت في الحسبان أيضًا زاوية ميلان الطائرة خلال التحليق.
Bombardier
صُمم نظام Soleilللحد من آثار اضطراب الساعة البيولوجية عبر تعديل مستوى الإضاءة بما يُساعد الركاب على مزامنة إيقاعهم الحيوي مع توقيت وجهتهم.
يقول ماكولو: "قد يبدو أن درجتين أو ثلاث درجات لا تصنع فرقًا، لكن عندما تكون نائمًا خلال رحلة طويلة، من المهم أن تشعر كأنك في سريرك بالمنزل".
تُعزز هذه الابتكارات التقنية المتقدمة، إلى جانب الحجم السخي للمقصورة الموزعة على أربع مناطق داخلية، من قدرة الطائرة على التميّز في سوق طائرات رجال الأعمال.
وفي هذا يقول براين فولي: "إذا قارنّا الأرقام بدقة، فإن الطائرات المنافسة متقاربة جدًا في السرعة والمدى. لكن المرافق الداخلية والتجربة الشاملة هي ما سيُحدد الفروقات في هذه الفئة." ويُضيف: "ستكون المنافسة شرسة للتربع على القمة، لكننا سنشهد ديناميات مثيرة للاهتمام."
أما بالنسبة إلى بومباردييه، فيبدو أنها قد وجهت الضربة الأولى بثقة من خلال طائرة Global 8000.