يكشف طراز طائرات G700، الأكبر حجما اليوم في أسطول غلفستريم، عن أن تمايزه الحقيقي يكمن في رقي عناصره التصميمية المصقولة.

 

قد لا يبدو من الناحية الحسابية على الورق أن الأقدام العشر التي أضيفت إلى المساحة الداخلية لمقصورة طائرة غلفستريم الجديدة من طراز G700 تشكل فارقًا ملحوظًا مقارنة بطائرات الطراز G650 التي تحتل المرتبة الثانية في أسطول الشركة من حيث حجمها الكبير. لكن النموذج المصنّع بالحجم الطبيعي لطائرة G700، والمعروض في المقر الرئيس لغلفستريم في سافانا بجورجيا يكشف بوضوح عن الاهتمام البالغ الذي أولاه المصممون لكل بوصة على امتداد مساحة المقصورة. يقول تيم أوهارا، مدير وحدة ابتكار التصاميم في غلفستريم: «تحتضن مقصورتنا في الأصل مقاعد لثلاثة عشر راكبًا في المقدمة. وفي ما يتعلق بالرحلات الأطول، فقد بدت إضافة حجرة للنوم خطوة منطقية.»

تشكل حجرة النوم التي تضم حمامًا خاصًا بها أهم ميزة تتوافر على متن أي طائرة خاصة. أما على متن الطائرة الأكبر حجمًا في العالم، فإنها تُعد ملاذًا. لدى الضغط على أحد الأزرار باستخدام تطبيق خاص بالطائرة على الهاتف الذكي، يرتد فراش السرير الذكي، المصنوع من الخلايا الرغوية، من وضع الاستلقاء في مقعد مائل إلى الوضع المسطح بالكامل المثالي للنوم، فيما تخفت الأنوار بموازاة ذلك وتصبح النوافذ بيضاوية الشكل، الشفافة في العادة، معتمة. وسرعان ما تصبح الحجرة ذات الإضاءة الخفيفة التي تنبعث في أرجائها أيضًا موسيقا هادئة، فسحة إقامة فاخرة في أحد الفنادق أكثر منها مجلسًا على متن طائرة لرجال الأعمال.

 

تصميم باذخ

تمتد المقصورة بطول 57 قدمًا وعرض ثماني أقدام، فتبدو فسيحة على نحو مهيب. لكن بعيدًا عن الحجم، تكمن الفوارق الحقيقية بين طراز G700 ومختلف طُرز طائرات رجال الأعمال الأخرى في التفاصيل الدقيقة والذكية، والخفية في غالب الأحيان، التي تزهو بها المقصورة، فضلًا عن التزام الشركة استخدام الوقود الحيوي في الجيل الجديد من المحركات من طراز Rolls-Royce Pearl 700 التي جُهزّت بها الطائرة.

سافرتُ من سان بيترسبرغ في فلوريدا إلى سافانا على متن طائرة من طراز Gulfstream G550. إنها حقًا طائرة مثيرة للإعجاب، وتزهو بمقصورة داخلية تليق بالمديرين التنفيذيين. لكن النموذج المطوّر بالحجم الطبيعي من طائرات الطراز G700 تجلّى مأثرةً من نوع آخر. كانت الطائرة ضخمة للغاية، وبديعة المظهر. كما أن مساحة مقصورتها الرحبة، وخطوطها المنحنية، والضوء الطبيعي الذي يغمر أرجاءها، كلها عناصر حددت هوية هذه الطائرة بوصفها ابتكارًا جديدًا ومتميزًا، بل يكاد يكون باذخًا.

كانت المنحنيات غير المتكلفة التي تتخذ شكل الحرف S حاضرة في مختلف عناصر المقصورة، من المقاعد والحواجز الفاصلة إلى السجاد الذي يغطي الأرضية، وعبر امتداد السقف، وحتى في أحد الأعمال الفنية بالقرب من المدخل. تدثرت "المناطق" الخمس في المقصورة بألواح من خشب الجوز تتخللها تفاصيل من خشب الأبنوس، وضمنت النوافذ المصممة بشكل بيضاوي بحجم 21 x 28 بوصة إطلالات أخاذة ووفرة في الإضاءة الطبيعة، أو هذا على الأقل ما كانت لتوفره في العالم الواقعي. بل إن مصابيح الإضاءة التي تعتمد تقنية الصمامات الثنائية الباعثة للضوء فوق الرؤوس تميزت ببنية هندسية متعرجة تضمن بقاءها محجوبة عن الأنظار.

 

 Gulfstream G700

 

مطبخ متكامل

في مقدمة المقصورة، اعتمد المصممون كسوة من رخام كازابلانكا للمطبخ الذي أضفت عليه الخزائن نقية الخطوط المطلية باللون الأسود والمجلس ذو الكسوة الجلدية، مظهرًا أنيقًا غير متكلف دون المساومة على الإحساس برحابة المكان أو الطابع العملي.

لكن وجه الاختلاف الحقيقي كان يتجلّى في المنضدة التي تمتد بطول يزيد على عشر أقدام، وحوض غسل الأطباق المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ، وكلاهما يوفر مساحة فسيحة للعمل، وتكملهما ثلاجة كبيرة، ومنطقة تخزين رحبة، وفرن متعدد الاستخدامات، وجهاز مايكروويف. قد يجسّد هذا الطراز أول طائرة لرجال الأعمال تتيح للمالكين استقدام طهاتهم الخاصين ليعدوا لهم أطباق الطعام عوضًا عن الاستعانة بخدمات توفير الأطعمة الجاهزة للرحلات.

يقول أوهارا: «تحقق ضمان الاستفادة المثلى من المطبخ من خلال اختبارات قام بها المستخدمون. ففي مرحلة التصميم التي استغرقت سنوات عدة، عمدت مجموعة من 30 مضيف طيران ومضيفة إلى إعداد وجبات الطعام وتزويدنا بمعلومات مرتدة استندنا إليها في إجراء التعديلات. يجسّد هذا المطبخ التصميم بنسخته الرابعة.»

 

أداء وظيفي محسن 

خلال فترة التصميم التي امتدت خمس سنوات، توافرت المدخلات أيضًا من مالكي الطائرات، والربابنة، والمصممين من داخل الشركة. ابتكر أعضاء فريق أوهارا عشرة وحدات اختبارية للمقاعد ثم استخدموها في الجلوس إلى مكاتبهم. وفي هذا يقول: «ثمة فارق كبير بين الجلوس في مقعد مدة خمس عشرة دقيقة والجلوس ثماني ساعات. في نهاية الاختبار، كان أعضاء الفريق كلهم يحاربون دفاعًا عن التصاميم التي لقيت أقصى درجات استحسانهم بسبب الراحة والأداء الوظيفي المحسّن.»

أجريت اختبارًا مماثلًا في المنطقة الثانية من المقصورة. لم أختبر فحسب المقاعد المريحة، المكسوة بالجلد الأبيض، والتي يمكن ضبطها في وضع مائل إلى الخلف (وصولًا إلى وضع منبسط كليًا للنوم)، بل استكشفت فيها أيضًا تطور التصميم لدى غلفستريم. ابتكر فريق أوهارا مقبضًا خاصًا لتعديل أوضاع المقعد. فعوضًا عن آلية دفع المقبض في اتجاه خارجي، على ما هو عليه حال المقابض بمعظمها، دمج المصممون المقبض في مسند الذراع على نحو لا يجعل استخدامه مريحًا للمعصم فحسب، بل يضمن اندماجه الكلي في المقعد.

 

 Gulfstream G700

 

وفرة ابتكارات تقنية 

فضلًا عن ذلك، أتاحت تراكيب الإنارة الغائرة، المكونة من صمامات ثنائية باعثة للضوء، التخلي عن الكاشفات الضوئية الباعثة للحرارة. يقول أوهارا: «استغرقنا في ابتكار تراكيب الإنارة وقتًا طويلًا»، ويشير إلى إمكانية خفض قوة انبعاث الضوء من المصابيح إلى 2 واط، باستخدام درجات ضوئية دافئة أو باردة، في حين لا يمكن خفض مستوى الإنارة التي توفّرها طرز أخرى من الصمامات الثنائية الباعثة للضوء إلى ما دون 20 واط. وفي هذا يقول أوهارا: «لا يمكنك اختبار هذا المستوى من اللمسات المصقولة في أي منزل ذكي. أضف إلى ذلك أنها تضفي طابعًا شاعريًا على تجارب العشاء.»

في المنطقة التي تحتضن ستة مقاعد ويمكن تحويلها إلى حجرة لتناول الطعام، تزخر الطائرة بمزيد من الأسرار المتاحة للاستكشاف. ففي الزخارف المشغولة من قشرة خشب الجوز والمميزة لطاولة الطعام، تحتجب منصة شحن لتزويد أي هاتف ذكي بالطاقة عند وضعه على سطح الطاولة. تشيع اللمسات الإبداعية والمزايا التقنية المدمجة في مختلف الأرجاء، وتحتجب خلف العناصر التصميمية الخارجية التقليدية.

كانت المنطقة المفضلة لدي تلك المخصصة لأغراض الترفيه، والتي جُهزت بشاشة بحجم 43 بوصة ترتفع من منضدة بالتزامن مع الخفوت التلقائي للإنارة وتعتيم النوافذ. لا وجود لمكبرات الصوت هنا. عوضًا عن ذلك، ينبعث الصوت المحيط من خلال ناقلات للموجات الصوتية مثبتة خلف ألواح الجدران. إن تجربة مشاهدة أحد الأفلام هنا ترتحل بالمرء إلى عالم آخر، على ما هو متوقع من طائرة لرجال الأعمال يبلغ سعرها 75 مليون دولار. يقول أوهارا: «إنها في الواقع تجربة غير مسبوقة في العالم كله»، مضيفًا أن أعضاء فريقه يحضرون كل عام معرض الإلكترونيات الاستهلاكية للتنقيب عن تقنيات جديدة.

 

"تشكل حجرة النوم التي تضم حماما خاصا بها أهم ميزة تتوافر على متن أي طائرة خاصة. أما على متن الطائرة الأكبر حجما في العالم، فإنها تعد ملاذا "

نوم هانئ

في حجرة النوم التي تحتل الجزء الخلفي من المقصورة، يحاكي نظام الإنارة، الذي يستهدف إيقاع الساعة البيولوجية للمسافرين، ضوء النهار في مختلف المناطق الزمنية، ولكن بوتيرة أسرع. يضمن هذا النظام، والحفاظ على معدل ضغط جوي منخفض داخل المقصورة، نومًا هنيئًا للركاب بحيث يبقون متيقظين ونشيطين عندما تحط بهم طائرة من طراز G700 بسهولة في قارة أخرى.

 

أرقام مفيدة

0.925 ماخ

السرعة القصوى لطائرة من طراز G700.

7,500 ميل بحري

المدى الذي يمكن أن تقطعه الطائرة، أي ما يعادل رحلة دون توقف من نيويورك إلى دلهي.

56 قدمًا و11 بوصة

طول المقصورة الداخلية دون قسم الأمتعة. ويمكن تقسيم المقصورة إلى خمس مناطق.

سنة 2022

الموعد المتوقع لبدء تسليم الطائرات الأولى من هذا الطراز.

 


www.gulfstream.com