عندما يتعلق الأمر بالتفرد والسحر الإيطالي الكلاسيكي، لا شيء يُضاهي نسخة من 250 GT/L Berlinetta Lusso من فيراري، خصوصًا حين تكون السيارة واحدة من 23 نسخة فقط صُنعت بعجلة قيادة جهة اليمين.
وُلدت هذه التحفة التي يحمل هيكلها الداخلي الرقم 5461 في ديسمبر 1963، وجاءت بتوليفة لونية نادرة من الأزرق الداكن مع فرش جلدي بلون غريجيو كونوَلي Grigio Connolly، وهو جلد بريطاني فاخر معروف بنعومته الفائقة واستجابته العالية للتشطيب اليدوي، وهو اختيار لم يتكرر في أي سيارة مماثلة من التي تسلّمتها السوق البريطانية آنذاك.
واليوم، وبعد مسيرة استثنائية من الحفظ والاقتناء، تستعد هذه النسخة النادرة للظهور في مزاد آر إم سوذبيز المقرّر في 8 يوليو بالمملكة المتحدة، مع تقدير سعري يراوح بين 900 ألف (1.2 مليون دولار) ومليون ومئتي ألف جنيه إسترليني (1.6 مليون دولار) ما يعكس مكانتها التاريخية المرموقة بين السيارات الكلاسيكية.
250 GT/L Berlinetta Lusso من فيراري.. تاريخ ملكية حافل ونخبة من الهواة
تسلّمت شركة مارانيللو كونسيسيونير Maranello Concessionaires الشهيرة في مدينة إيغام طلبية هذه النسخة الخاصة من فيراري في أبريل 1963، قبل أن تُسلَّم رسميًا في يناير من العام التالي إلى السائق البريطاني المخضرم إرنست "فيل" سكراغ، المعروف بمشاركاته في سباقات ما بعد الحرب ومنافسات تسّلق الهضاب. ورغم مسيرته الرياضية الحافلة، لم يستخدم سكراغ هذه السيارة في الحلبات، بل اقتناها للاستمتاع بجماليات القيادة وفخامة الأداء، مسجّلًا إياها تحت اللوحة رقم "PS 1216" التي لا تزال تزيّنها حتى اليوم.
بعد سنواتها الأولى مع سكراغ، انتقلت السيارة لاحقًا بين نخبة من أبرز جامعي سيارات فيراري في المملكة المتحدة، بدءًا بجي تي بانكس، أحد الأعضاء البارزين في نادي ملاّك فيراري البريطاني، ثم إلى الميجور ييتس، ثم إلى السيد ريج باركر من مقاطعة وركشير، حيث واصلت الحفاظ على طابعها الأصلي تحت ملكية أفراد لديهم تقدير عميق للإرث الميكانيكي الإيطالي.
RM Sotheby’s
وفي مرحلة لاحقة، انضمت السيارة إلى أسطول السيد ريتشارد بوند، مدير شركة مودينا إنجينيرينغ Modena Engineering في ديفون، وهو اسم مرموق في أوساط العناية بالسيارات الكلاسيكية الإيطالية.
ثم انتقلت إلى هاوي الجمع البريطاني جون فازاكيرلي، قبل أن تحط في مرآب رجل الصناعة الشهير السير أنتوني بامفورد، أحد أبرز جامعي السيارات النادرة في أوروبا.
وفي عام 1984، دخلت السيارة مرحلة جديدة مع سائق سباقات التحمل ويليام تاكيت، الذي يُرجّح أنه أقدم على إعادة طلاء الهيكل باللون الأحمر بدلًا من التوليفة الزرقاء الأصلية، وهو تغيير ظلّ ملازمًا لها منذ ذلك الحين.
أما التحوّل الأبرز، فكان في عام 1991، حين انتقلت ملكيتها إلى هاوٍ مخضرم يُعرف بشغفه بالسيارات الكلاسيكية واحترافه سباقات الفورمولا والمركبات الرياضية، غير أن اسمه لم يُكشف رسميًا في سجل المزاد.
وقد احتفظ هذا المالك بالسيارة طيلة 34 عامًا، مقدّمًا لها عناية استثنائية تعكس عمق ارتباطه بها، وهو ما يتجلّى في حالتها الراهنة وحضورها في أبرز المناسبات الكلاسيكية.
RM Sotheby’s
صيانة متكاملة وشهادة Ferrari Classiche
حظيت هذه النسخة من فيراري 250 GT/L Berlinetta Lusso برعاية تقنية مدروسة حافظت على أصالتها الميكانيكية. ففي عام 2004، خضعت لعملية إعادة بناء شاملة للمحرّك وعلبة التروس، إلى جانب تجديد كامل لنظام التعليق لدى شركة دي كي إنجينيرينغ DK Engineering المتخصصة في صيانة سيارات فيراري الكلاسيكية. وفي مارس 2021، تولّت شركة أوميغا موتورسبورت Omega Motorsport في باكينغهام إصلاح نظام المكابح، ما أتاح تعزيز الأداء الديناميكي للسيارة من دون المساس بالأصالة.
وقد شاركت السيارة في مناسبات بارزة مثل Ferrari Gran Tour Italia Classic (جولة فيراري الإيطالية الكلاسيكية) التي انطلقت من مارانيللو إلى البندقية في سبتمبر 2011، مؤكدة بذلك جاهزيتها للقيادة واستمرارها كسيارة جولات ريادية بكل معنى الكلمة.
وتتجلّى القيمة الحقيقية لهذه النسخة في احتفاظها بمحرّكها الأصلي من فئة كولومبو Colombo بسعة 3.0 لترات، وهو عنصر محوري أهّلها للحصول على شهادة الأصالة من قسم Ferrari Classiche المرموق في يوليو 2011.
تأتي السيارة مرفقة "بالكتاب الأحمر" الشهير الذي يُعد مرجعًا رسميًا لتوثيق أصالة مكوّناتها الميكانيكية والتاريخية، إلى جانب حقيبة المعدات الأصلية، وعجلة بوراني Borrani السلكية الاحتياطية، وتقرير تأريخي مفصّل من إعداد الخبير العالمي مارسل ماسيني، أحد أبرز المؤرخين المعتمدين في أرشيف سيارات فيراري.
