تذكرنا تجربة قيادة بورشه 911 من الجيل القادم في إسبانيا بأهمية هذا الطراز

 

انطلقي 911، أطربيني! دعيني أستمع إلى الزمجرة التي تنبعث من خلف ذاك المحرك المسطح المكون من ست أسطوانات الذي يحثني دومًا على أن أسلك الطريق الطويل إلى المنزل. لقد لبّيت، مثل كثير من عشاق السيارات على مدى نصف القرن الماضي، نداءات الإغراء مرة بعد أخرى. لكن الوقت يعيد صياغة الأشياء كلها، وهكذا يفعل مرة أخرى بطراز 911 الذي يدخل الآن جيله الثامن مع نموذج عام 2020. إن احتمالات إبداع نسخة جديدة بالكامل تُعد مثيرة ومحفوفة بالمخاطر: يمكننا جميعًا التفكير في عناصر مرغوبة حظيت بصياغة «جديدة ومحسنة»، وأخفقت إخفاقًا ذريعًا في الفئة الثانية.

 

سيارة Porsche 911 Carrera S تجوب طريقا إسبانيا جبليا متعرجا

سيارة Porsche 911 Carrera S تجوب طريقا إسبانيا جبليا متعرجا

 

يشير الناس في بورشه إلى هذا الإصدار الأحدث على أنه طراز 992، وهناك كثير من الجديد الذي يمكن الحديث عنه، بما في ذلك التقنية المحدثة، ومزيد من القدرة الحصانية، وتصميم الهيكل الذي جرى توسعته. مع ذلك، فإنه من السهل أن تتيه في التفاصيل وتنسى لماذا نحن مشغولون بهذا الطراز في المقام الأول.

 

كل ما يتطلبه الأمر هو تذكر لحظة خلف عجلة القيادة. في أحد الأيام في جنوب إسبانيا مؤخرًا، انزلقت إلى مقعد السائق في سيارة 992، التي أطلق عليها رسميًا 911 Carrera S. كانت الشمس تحتجب خلف غيوم قاتمة، وترسل أشعتها فوق قمم جبال صخرية. لم يكن للطريق خط وسطي. إنه شريط إسفلتي متعرج متماسك بإحكام مع جوانب منحدرات عالية. ثمة، قبالة الجانب الأيمن،  منحدر شديد باتجاه وادٍ. لكن ليس هناك ما يبعث على الخوف. فعجلة القيادة أداة محكمة ودقيقة. كما أن البنية القاعدية أسفلها تنقل بالضبط ما تفعله الإطارات المطاطية وهي تعدو على الطريق. عند الانعطاف إلى زاوية حادة، يمكن أن أشعر بذلك في الفخذين. إننا نرقص رقصة التانغو. إن الأمر يشبه تخاطرًا، لكنه بين الإنسان والآلة.

 

2020 Porsche 911 Carrera S

 

نعم، هناك شبكة غير مرئية ومعقدة من الخوارزميات الحاسوبية تتحكم تقريبًا في كل عنصر من عناصر الرحلة، من زاوية العجلات الخلفية (عند السرعات المتوسطة إلى العالية، تتحول العجلات الخلفية في الاتجاه نفسه مثل العجلات الأمامية، وذلك بسبب نظام توجيه العجلات الخلفية الاختياري) إلى الأسلوب الذي تتصرف به الصدامات، المتحكم فيها مغناطيسيًا، عندما ترتطم بمطب. في هذا الخصوص، تختلف السيارة اختلافًا جذريًا عن طرز 911 الأولى. كانت السيارة الأصلية لعام 1963 بسيطة في حد ذاتها. أما سيارة عام 2020 فهي حاسوب عملاق.

 

مع ذلك، لا شيء من التقنية يعيق الطريق. ليس هناك أمور شكلية. إن طراز 992 ذكي، نعم، لكنه ذكي على نحو يضخم نواياك بدلاً من أن يسقطها. تريد السيارة أن تجعل السائق سعيدًا.

 

الأكثر أهمية أن العناصر الأساسية التي تجعل من طرز 911 فريدة إنما هي عناصر يُعتمد عليها. وما هو أكثر أهمية أن وضع المحرك الخلفي هو الذي يحدد الطراز. هذا أمر غريب متوافر أيضًا في طرز فولسفاغن بيتلز، سلف طراز 911. إن الوزن في العمق الخلفي يغير من توازن المركبة. دفعت بورشه، على مر السنين، بالمحرك ليكون أقرب إلى الوسط، وطبقت تقنية تقلل من زيادة الاستدارة الشديدة للطرز القديمة، وهي مقاربة خطيرة يمكن أن تجعل السيارة تلتف فجأة. لا يزال طابع قيادة سيارة ذات محرك خلفي قائمًا في طراز 992، على نحو لا لبس فيه، لأن الأنوار الأمامية والاكتناز البارز في الجانبين يدعوانك لإعادة ضبط أسلوبك الخاص في القيادة. أنت تتأرجح دائمًا عبر منحنيات. إن زمجرة المحرك تأتي من خلفك، مثل شخص ما يصيح في أذنيك لكي تسرع، من فضلك، أسرع دائمًا.

 

"إن زمجرة المحرك تأتي من خلفك، مثل شخص ما يصيح في أذنيك لكي تسرع، من فضلك، أسرع دائما"

 

إن الشيء المفقود، إلى حد ما، هو البهجة الخالصة بالمحرك، المسطح المكون من ست أسطوانات، ذي التنفس الطبيعي للطرز الأقدم. يحتضن طراز 992، مثل الجيل السابق، محركًا معززًا بشاحن توربيني مزدوج، سعة ثلاثة لترات، ينتج قدرة كبيرة (443 حصانًا، وعزم دوران مقداره 390 رطلاً/ قدم). لكن هذا لا يبدو قيمًا ومقنعًا تمامًا مثل محرك الطراز القديم. فالطراز القديم له صوت حاد، بينما صوت هذا الطراز أشد مهابة بطبيعته. إنه لا يزال جيدًا، لكن ليس إلى ذلك الحد.

 

إني أضغط على المكابح، وأنقل مقبض نقل السرعة الأيسر إلى سرعة منخفضة حتى إني لا أسمع صريرًا من الإطارات عندما تدور السيارة في منحنى حاد. ذلك أن أحد التغييرات الرئيسة هو الإطارات نفسها. أصبحت العجلات الخلفية، الآن، أكبر من العجلات الأمامية (21 بوصة، و20 بوصة على التوالي)، ما يوفر وضعًا ينعم بمزيد من الثبات بعض الشيء. كما أن إطارات بيريللي التي تحيط بها باتت أوسع أيضًا، ما يعد بتحكم أفضل. وباتت مقدمة السيارة تدور بسهولة أكثر من أي وقت مضى. سوف يأتي نقل الحركة اليدوي لاحقًا. في الوقت الحالي، يحصل المشترون على دليل آلي منقح لناقل الحركة PDK مع سرعة ثامنة لمزيد من كفاءة السير على الطرقات السريعة.

 

إن مراقبًا غير رسمي إلى حد ما سوف يخلص إلى أن طراز 992 إنما هو سلالة مختلفة عن الجيل 991.2 المنتهي. كما ذُكر سابقًا، فإن الهيكل نفسه بات أعرض على نحو ملحوظ، سواء جهة الأمام أو في الخلف، في طراز S. (المركبات البديلة الأخرى هي طراز 4S والنماذج ذات الأسطح القابلة للطي من طراز S وطراز 4S.) يستلهم مظهرها الجمالي عمومًا، من ناحية الإبهار، السيارة 930 Turbo من سبعينيات القرن المنصرم. أصبح غطاء المحرك أطول، وهو ممتد تقريبًا، وباتت مؤخرة السيارة أكثر رحابة عن ذي قبل، يزينها شريط إضاءة جديد يمتد بعرض السيارة بالكامل، ويوجد أسفل مصد الهواء القابل للسحب تمامًا.

 

2020 Porsche 911 Carrera S

 

تُعد أحدث تفاصيل المقصورة الداخلية رائعة حقًا. فقد أعيد صياغة خيارات التصميم بالكامل، مع ضبط أجهزة القياس والشاشات الرقمية التي تمتد عبر أفق لوحة العدادات، بدلاً من تكدسها على نحو قبيح. كانت النتيجة مساحة أكثر رحابة وتميزًا تغري عينيك بمشاهدة مداها بالكامل. يوفر هذا الجيل، في جوانب أخرى، نوعًا من الأمان والتقنية الملائمة التي قد يتوقعها المرء في آلة على الأسلوب التنفيذي مثل سيارة بورشه باناميرا. تتوافر خاصية تحكم قابلة للمواءمة في ثبات السرعة، ويعاد تنشيطها حتى عندما تتوقف السيارة تمامًا، كما تتوافر أدوات مساعدة مثل أداة المحافظة على البقاء داخل مسرب السير، وأداة تعرف علامات الطرق. حتى إنه توجد أيضًا أداة رؤية ليلية، تتفحص الطريق تحسبًا لوجود حيوانات أو مشاة.

 

أرقام مفيدة

مليون: عدد سيارات 911 التي أنتجت خلال عام 2018

70: النسبة المئوية لسيارات بورشه التي لا تزال تسير على الطرقات

8: عدد أجيال سيارات 911

992: تسمية بورشه الداخلية لأحدث سيارة 911

1.7: مقدار اتساع الواجهة الأمامية بالبوصة

168 ألف دولار: سعر السيارة 911 Carrera S التي قدتها في إسبانيا

23: زيادة في القوة الحصانية مقارنة بالسيارة السالفة

3.3:  الوقت الذي تحتاج إليه السيارة Carrera S للتسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة، بالثانية (المجهزة بحزمة Sport Chrono Package)

191 ميلا/الساعة: أقصى سرعة للسيارة على مضمار السباق

12: الثواني التي يستغرقها فتح السقف المشغول من النسيج في السيارة المكشوفة

 

من الصعب الجدال فيما يتعلق بازدياد السلامة، لكن لطالما اتجهت روح السيارة 911 دائمًا إلى الهروب من مصاعب العالم المعتادة: إنها سيارة أداء تتيح لك التركيز على التجربة. جرت العادة أن يكون سائقو طراز 911 ماهرين ومتيقظين، لذلك فإنه من المعيب الاعتقاد بأنهم ربما استسلموا أيضًا لتشتيت الانتباه بسبب التقنية الرقمية، وأنهم بحاجة إلى تنبيه آلي للمحافظة على بقائهم في مسرب السير.

 

لكن من شأن الفزع من التقنية المتسللة دومًا أن يتلاشى عندما تضغط على دواسة السرعة على طرق مثل تلك التي وجدتها في إسبانيا. تندفع السيارة، وينتابك شعور بفيض من الحرية والانطلاق. ذلك أنه بعد أن تكون Carrera S قد تجاوزت، دون عناء، مجموعة من المنعطفات المعقدة، بينما يزمجر المحرك المسطح المكون من ست أسطوانات في الخلف، سوف تعلو وجهك ابتسامة وتنتابك سعادة مفرطة. هذه هي صرخة 911، إنها لم تتلاشَ.

 

"لطالما اتجهت روح السيارة 911 دائما إلى الهروب من مصاعب العالم المعتادة: إنها سيارة أداء تتيح لك التركيز على التجربة"