في عالم السيارات الكلاسيكية الذي يمزج بين الفخامة والندرة، تُعد سيارة Giulia Tubolare Zagato TZ-1 من ألفا روميو التجسيد الأرقى لسلسلة الطرز رباعية الأسطوانات التي اشتهرت بها العلامة الإيطالية.
ولكن هذه النسخة الاستثنائية من TZ-1 تميزت أكثر من غيرها بتفاصيل فريدة، إذ إنها كانت مملوكة للسائق ديمتري نابوكوف، نجل الكاتب الشهير فلاديمير نابوكوف، صاحب روايتي "لوليتا" و"النار الباهتة".
اليوم، تعود هذه السيارة النادرة إلى دائرة الضوء من خلال دار آر إم سوذبيز، التي ستعرضها ضمن مزاد مونتيري المنتظر يومي 15 و16 أغسطس 2025 في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بقيمة تقديرية تصل إلى 900 ألف دولار أمريكي، ما يعكس تفرّدها التقني وتاريخها الاستثنائي بوصفها النسخة الوحيدة من TZ-1 المزودة بسقف "دابل بابل" Double Bubble، الذي أُنتج خصوصًا لها عند خروجها من المصنع.
كان ديمتري، الذي امتلك السيارة وخاض بها سباقات عديدة خلال موسم 1964 حتى منتصف عام 1965، شخصية متعدّدة المواهب.
فهو كاتب أكاديمي ومترجم متمرس، ومغني أوبرا صاعد سبق أن اعتلى المسرح برفقة مغنى الأوبرا الشهير لوتشيانو بافاروتي، فضلًا عن كونه هاويًا للسيارات الرياضية.
امتلك ديمتري خلال حياته مجموعة لافتة من الطرز شملت تريومف Triumph، وبيزاريني Bizzarrini، ودودج فايبر Dodge Viper، وإم جي MG، إلى جانب عدد من سيارات فيراري، ما يعكس شغفه العميق بعالم الأداء العالي والهندسة الميكانيكية النقية.
RM Sotheby's
تصميم استثنائي استُحدث خصوصًا لنابوكوف
وُلدت هذه النسخة الفريدة من سيارة TZ-1 في أبريل عام 1964، وهي تحمل الرقم المرجعي 750061. طُليت بلون أبيض ناصع، وزُوّدت بمقصورة تضم مقاعد مكسوة بجلد أسود طبيعي Nero leather، ما يضفي عليها طابعًا رياضيًا صارمًا.
وأكثر ما يميزها هو السقف المزدوج "دابل بابل"، أحد أبرز السمات التصميمية التي اقترنت لاحقًا باسم زاغاتو Zagato. هذا السقف لم يكن اختيارًا جماليًا فحسب، بل جاء بطلب مباشر من ديمتري نابوكوف، الذي بلغ طوله قرابة مترين عند ارتدائه خوذة السباق، ما استوجب تعديل التصميم ليتناسب مع قامته، ليجعل منها السيارة الوحيدة من طراز TZ-1 التي تجهزت بهذا السقف في المصنع.
فور تسلم السيارة، انطلق نابوكوف بها إلى حلبات السباق، مسندًا إعدادها الميكانيكي إلى السائق والمُعد الإيطالي الشهير كارلو فاكيتي Carlo Facetti.
RM Sotheby's
وخلال موسم ونصف من المنافسات في عامي 1964 و1965، خاضت السيارة 23 سباقًا، وحققت عددًا من الانتصارات والمراكز المتقدمة في سباقات السرعة وتسلق الهضاب الأوروبية، أبرزها في حلبة مونزا، عندما سجلت المركز الرابع ضمن فئة GT 1.6 في سباق الألف كيلومتر خلال عام 1965.
وفي أغسطس من ذلك العام، عرض نابوكوف السيارة للبيع، فاقتناها لاحقًا أليك ميلدرن، السائق والتاجر الأسترالي المعروف، الذي لم يحتفظ بها طويلًا، إذ أعاد بيعها سريعًا إلى مواطنه ماكس برونينغهاوزن، أحد أبرز المتسابقين في تلك الحقبة.
خاضت سيارة TZ-1 مع برونينغهاوزن عددًا من منافسات بطولة تاسمان Tasman Series، التي أُقيمت بين أستراليا ونيوزيلندا، وحققت معه فوزًا بارزًا في سباق وارويك فارم الدولية Warwick Farm International، الذي أُقيم في ضواحي مدينة سيدني خلال شهر فبراير من عام 1966.
RM Sotheby's
تاريخ يمتد من الحلبات إلى قاعات المزادات
في وقت لاحق، ووفقًا لما ورد في عدد أبريل 1969 من مجلة سبورتس كار وورلد Sports Car World، قرر برونينغهاوزن تغيير طراز TZ-1 بنسخة أحدث هي TZ-2، وأعاد السيارة الأولى إلى الوكيل روي كومبتون.
ومع ذلك، تُشير مصادر موثوقة، من ضمنها كتاب Alfa Romeo Giulia TZ إلى أن السيارة واصلت خوض السباقات تحت إشراف فريق إيان هندمارش موتورز Ian Hindmarsh Motors الذي كان ينشط أيضًا في أستراليا.
بقيت سيارة TZ-1 في أستراليا خلال العقود التالية، إذ تنقّلت بين عدد من المالكين إلى أن استقرت في حوزة الزوجين نيك ولوني لانغفورد بحلول عام 1984. وفي نوفمبر من عام 1990، عُرضت السيارة في مزاد سوذبيز بأستراليا، وكانت حينها مطلية باللون الأحمر وتحمل محركًا من نوع 536 تعود أصوله إلى طراز جوليا جي تي Giulia GT.
وفي العام التالي، أي عام 1991، انتقلت ملكية السيارة إلى أحد جامعي السيارات المتخصصين في طرز ألفا روميو الذي باشر فورًا بإعادة تأهيلها للمشاركة في سباقات السيارات الكلاسيكية. وخلال أوائل التسعينيات، ظهرت السيارة في عدد من الفعاليات البارزة، منها سباقات موروسو Moroso وسيبرينغ Sebring وواتكنز غلين Watkins Glen داخل الولايات المتحدة.
ومع مطلع العقد الثاني من الألفية، خضعت السيارة لمرحلة جديدة من التحسينات التقنية، شملت تركيب خزان وقود جديد، ومجموعة تروس تفاضلية مطابقة للمواصفات، إلى جانب صندوق هواء صُنع خصوصًا بأسلوب يتوافق مع التصميم الأصلي للمصنع.
تُعرض هذه التحفة اليوم موثقة بالكتيبات الأصلية، ومراسلات المالكين، وفواتير الصيانة، وقائمة قطع الغيار. إنها واحدة من مركبات ألفا روميو الأشد ندرة بفضل سقفها المزدوج الفريد، وسجلها الحافل، وارتباطها باسم بارز في عالم الثقافة والسباقات، ما يجعلها كنزًا لا يُقدّر بثمن في نظر هواة السيارات الكلاسيكية والمشاركة في المناسبات الفاخرة.