منذ اللحظة الأولى التي ترى فيها العين مقصورة JetZero Z4، يتبدّد الانطباع التقليدي عن السفر الجوي كما عرفناه لعقود. فلا أثر لذلك الأنبوب الضيق المتطاول، ولا لتلك الممرات الخانقة التي تقسم المساحة بصرامة وظيفية بحتة.
بل ينكشف أمام الناظر مشهدٌ غير مألوف، يفيض بالاتساع والانسيابية، كما لو أن الجناحين قد انثنيا ليحتضنا الركاب في بطن السماء نفسها.
فالتصميم ذي الجناح المدمج يحرر المقصورة من قيود الشكل التقليدي، ويمنحها حضورًا معماريًا جريئًا بامتداد يصل إلى 2,400 قدم مربعة من المساحة القابلة للاستخدام، تعادل في أرقامها ما توفره طائرة Boeing 787-8، لكن بفلسفة توزيع مختلفة تمامًا؛ فلسفة تستلهم المستقبل، إذ لا تُقاس الراحة بالمساحة فحسب، بل بطريقة انسياب الضوء، وتوزيع الفراغ، وإيقاع الحركة داخل هيكل لا يشبه غيره.
JetZero Z4.. تخطيط مرن ومساحات قابلة للتخصيص في الطائرة
لا يُشبه هيكل JetZero Z4 أي بنية طائرة ألفها الخيال المعماري أو الواقع الصناعي من قبل؛ فهي ليست طائرة بالمعنى التقليدي، بل مأثرة هندسية تُعيد رسم حدود التحليق من الداخل إلى الخارج.
في عالم اعتاد أن يُقحم الركّاب داخل أنبوب معدني ضيق، تبرز هنا رؤية مغايرة تُجسد مبدأ "السطح الرافع بالكامل"، إذ تنصهر المقصورة في قلب الجناح، ليس بوصفها إضافة، بل كتلة عضوية تنتمي إليه وتنبض بروحه الهوائية.
لم تعد المقاعد أسيرة الأسطوانات، ولا الحركة مقيدة بخطوط صارمة، بل أصبحت المساحات مُقسمة إلى خانات فسيحة، تفصلها أعمدة إنشائية تنبض بالاتزان، وتحاكي في ترتيبها لغة المعمار الداخلي.
كل تفصيل هنا يراهن على الانعتاق من الرتابة، ويفتح المجال أمام تجربة قابلة للتشكيل وفق رؤية من سيحوّل هذه المساحة إلى عالم طائر يحمل بصمة علامته الجوية.
كل موضع داخل المقصورة قابل للتخصيص: من مقاعد رجال الأعمال الممتدة أفقيًا في المقدمة، إلى مقاعد بترتيب 2-3-2 في الوسط، وصولًا إلى الدرجة الاقتصادية في الخلف بتخطيط 2-5-2 مع أربعة ممرات كاملة.
JetZero
ويمكن كذلك تخصيص أجنحة فاخرة أو صالات استراحة بين الأقسام. المدهش أيضًا هو وجود مساحة مخصصة للأمتعة لكل راكب، وهي ميزة نادرة حتى في الطائرات عريضة البدن.
ومن أبرز أوجه الاختلاف عن الطائرات الأسطوانية التقليدية، موقع المطبخ المركزي. فبدلًا من وضعه في المقدّمة أو المؤخرة، تضع JetZero Z4 المطبخ في منتصف الطائرة لخدمة مختلف المقصورات بكفاءة.
بل إن هذا التمركز الذكي لا يكتفي بتحسين تدفق الخدمة، بل يحرر أطراف الطائرة لتُعاد صياغتها وفق احتياجات المشغّل، سواء بمقاعد إضافية، أو مناطق راحة للطاقم، أو حتى حلول تخزين ذكية.
وعلى الرغم من التحوّل العميق الذي طرأ على هيكلها، تظل JetZero Z4 وفية لمتطلبات الواقع التشغيلي، فلا تطلب من المطارات سوى أن تستقبلها كما هي.
فهذه الطائرة الفاخرة، التي كُتب لها أن تخرج عن المألوف في كل شيء، لا تُرهق البنى التحتية، ولا تُجبر البوابات والجسور الهوائية على التكيّف معها، بل تنسجم بانسيابية تامة مع المساحات التقليدية للطائرات ذات الممرين، متخفية في قالب اعتيادي، بينما تحمل في جوفها فلسفة توزيع ثورية تُعيد تعريف الكفاءة والاستغلال الذكي للحيّز الداخلي، وكأنها تُجيد فن التمرد بهدوء، من دون أن تُثير الفوضى من حولها.
JetZero
ضوء من الأعلى.. ونوافذ رقمية بدلًا من الزجاج
لا تحتوي مؤخرة المقصورة على نوافذ تقليدية، ولا ترى JetZero Z4 في ذلك مشكلة. بينما تضم المقصورة الأمامية بعض النوافذ الجانبية، فإن معظم الإضاءة تأتي من الأعلى عبر كوات في السقف وفتحات أمامية تسمح بدخول الضوء الطبيعي طيلة النهار.
أما في المساء، حين ينسحب الضوء، فتحلّ التقنية مكان الطبيعة، إذ تتولى شاشات عالية الدقة مدمجة في الجدران الجانبية مهمة بث مشاهد بانورامية أو لقطات حيّة لما يدور خارج الطائرة، لتمنح الركاب إحساسًا بالانفتاح لا يقل واقعية عن النافذة نفسها.
وتكتمل هذه التجربة البصرية المبتكرة بتفصيل هندسي بالغ الذكاء. فقد صُمم الهيكل الداخلي بخا يضمن الإبقاء على فراغات في المناطق غير الخاضعة للأحمال، لتسمح بمرور الضوء وتضفي على المقصورة إحساسًا بالرحابة والانسيابية، حتى في غياب النوافذ التقليدية. إنها مقاربة مستلهمة من عمارة البناء المتجدد، إذ تنبع الإضاءة من صميم الهيكل، وليس من خارجه.