فيما تميل المنتجعات الصحية الفرنسية الفاخرة إلى استنساخ الأنماط الكلاسيكية، اختار منتجع شاتو دو كاند Château de Candes أن يكسر القاعدة، مقدّمًا رؤية تجمع بين التاريخ والفن في موقعٍ يتربّع على أرض مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
بين الفن والرفاهية.. فلسفة غير مألوفة
سعى المدير العام برتران بينييه إلى إعادة تعريف مفهوم الفخامة في شاتو دو كاند، عبر رؤية تمزج بين الفن والضيافة في تجربة واحدة متكاملة. فقد تحوّل القصر إلى منصة إبداع حي، استضافت أكثر من 40 فنانًا مقيمًا تركوا بصماتهم في فضاءاته من خلال لوحات تجريدية ومنحوتات وأعمال معاصرة أعادت صياغة العلاقة بين العمارة والفن، وجعلت من القصر متحفًا نابضًا بالحياة.
بهذا التوجه، نجح بينييه في تحرير القصر من صورته الكلاسيكية الجامدة، ليحوّله إلى فضاء تفاعلي يحتفي بالجمال بمعناه الإنساني الشامل، ويُقدّم الفخامة في قالب من الانفتاح والإبداع.
تعود جذور هذا التوجه إلى والدته مونيك بينييه، التي كانت في البداية مترددة في فكرة شراء قصر، قبل أن تقع في حب المكان عند مشاهدتها موقع التقاء نهري اللوار وفيين.
Château de Candes
تولّت مونيك مهمة الترميم بنفسها مع زوجها ديدييه، فأعادت بناء السلالم بأسلوب يحاكي التصميم الأصلي، وحافظت على ورق الجدران العائد إلى القرن السابع عشر، واضعة أسس تصميم تقوم على الوحدة والهدوء، وكأنها كانت تمهّد لتحويل القصر إلى منتجع صحي فاخر منذ اللحظة الأولى.
ومع انتقال الإشراف إلى الجيل الجديد عام 2022، اكتسب المكان روحًا أكثر معاصرة. فقد تسلّم برتران وزوجته جينغوين زمام الإدارة في قصة انتقال غير تقليدية، إذ قضى برتران سنوات طويلة يعمل فنان عروض نارية وراقصًا محترفًا، وشارك مع زوجته الصينية في عروض عالمية حتى وصلا إلى نصف نهائي برنامج China’s Got Talent عام 2021.
اليوم يوظّف خبرته الفنية في عالم الضيافة، مستندًا إلى إيمانه بأن الانضباط وفهم الجمهور هما جوهر النجاح سواء على المسرح أو في إدارة الفنادق.
Château de Candes
Troglodyte.. تجربة استشفائية داخل كهوف تاريخية
لكن تفرّد المنتجع لا يقف عند حدّ تصميمه الفني، بل يمتد إلى تجربة استشفائية استثنائية في عمق المكان. ففي باطن الصخور القديمة يحتضن المنتجع مركز عافية يُعرف باسم تروغلوديت سبا Troglodyte Spa، وهو فضاء فريد شُيّد داخل كهوف تاريخية كانت تُستخدم قديمًا لتجفيف البرقوق. ويُقال إن هذه الكهوف ما زالت تحتفظ بطاقة طبيعية نادرة تمنح زوّارها إحساسًا عميقًا بالصفاء والهدوء.
يضم المركز مسبحًا داخليًا وغرفة ساونا وغرف تدليك ومساحات مخصّصة للاسترخاء، جميعها منحوتة في الحجر الطبيعي بتصميم يجمع بين العراقة والرفاهية العصرية.
أما جلسات اليوغا، من نوعي هاثا وفينياسا، فتُقام داخل قبة هندسية تتوسط حديقة المنتجع الممتدة على مساحة 12 فدانًا، إذ تطل أشجار التوبياري المستديرة على حقول الخزامى في مشهد يختزل فلسفة المنتجع القائمة على التناغم بين الإنسان والطبيعة.
Château de Candes
الإقامة في شاتو دو كاند.. خصوصية وتفاصيل مدروسة
بعيدًا عن الفنون ومفاهيم العافية، يمتد تميّز شاتو دو كاند إلى أدق تفاصيل الإقامة، إذ إنه يجعل من خصوصية الضيوف جوهر التجربة. يضم المنتجع 34 غرفة فاخرة موزعة على 21 وحدة مستقلة، تتوزع بين سبع غرف داخل القصر الرئيس، وغرفتين في برج تاريخي، إلى جانب منازل خاصة صغيرة تمنح كل ضيف إحساسًا بالعزلة.
تحتوي كل وحدة على مطبخ مستقل، في لمسة عملية مستوحاة من تجربة مونيك بينييه الشخصية في السفر مع أطفالها، حين كانت تفضّل إعداد وجباتها بنفسها حفاظًا على الراحة والمرونة.
يُجسّد مطعم بالادان Baladin الجديد هذه الفلسفة بأسلوبه الخاص، إذ يقدّم أطباقًا محلية عضوية ونباتية تُحضّر منزليًا، في أجواء غير متكلّفة، ما يعكس روح الضيافة الأصيلة التي يتبنّاها المنتجع، بعيدًا عن القوالب الفندقية التقليدية.
