مثل مذنّب ساطع، لا يظهر طراز خارق حقيقي مثل فيراري F80 الجديدة من مارانيلو إلا نادرًا. لكن عندما يتحقق ذلك، يحبس قطاع السيارات أنفاسه. 

أطلقت العلامة الطراز الأسطوري F40 في عام 1987، تلاه طراز F50 في عام 1995، ثم في 2002 سيارة إنزو Enzo التي بدت كأنها من عالم آخر، وفي عام 2013 لافيراري LaFerrari. واليوم يكشف الصانع عن سيارة  F80 العصية على الاستنساخ، والتي تصل إلى الأسواق مطلع عام 2026.

قد يبدو الاكتفاء بوصف الحصان الجامح الذي تجسده هذه السيارة المهيبة، المصرَّح بقيادتها على الطرقات والمولِّدة لقوة 1,184 حصانًا، بأنه "مذهل" ضربًا من التبسيط المجحف. 

فعلى مرّ عقدين تمرّست خلالها على القيادة الاحترافية، لم أقد مركبة تمتلك هذه القدرة المبهرة على نهب الإسفلت حد استثارة الرهبة. ولا غرابة في الأمر، إذ إنها تطلق العنان لقوة تفوق ما تنتج أي من سيارات فيراري المعدّة للطرقات في تاريخ المصنع. 

 منظور من الأعلى يُبرز مزايا الديناميكية الهوائية التي تسهم في توليد قوة ضغط سفلية إجمالية تبلغ 2,314 رطلاً.

Ferrari © Lorenzo Marcinnò

 منظور من الأعلى يُبرز مزايا الديناميكية الهوائية التي تسهم في توليد قوة ضغط سفلية إجمالية تبلغ 2,314 رطلاً.

كما أنها تُمثّل خلاصة ما اكتسبته العلامة من معارف وخبرات على مدى 80 عامًا تقريبًا. وخير دليل على ذلك بطبيعة الحال هو الإحساس الذي تستثيره على الطريق، كأنما لتؤكد أن فيراري وظّفت فيها كل رؤية وابتكار من دون تكلّف. 

طُوِّرت سيارة F80 جنبًا إلى جنب مع طراز Ferrari 499P المخصّص لسباقات التحمّل (يولّد هذا الطراز قوة تبلغ 670 حصانًا وقد فاز أخيرًا بلقبه الثالث على التوالي في سباق لومان 24 ساعة)، إلا أن تطوير F80 تطلّب بضع سنوات إضافية من البحث والتطوير. بل إن الصانع نفسه يلفت إلى أن بناء سيارة للسباقات أسهل بكثير من تطوير سيارة للسوق. 

وعلى ما هو عليه حال طرازي 499P و296 GTB، تستعين سيارة F80 بمحرك V6 من ست أسطوانات بسعة 3.0 لترات مرتبة في زاوية 120. 

غير أن ما يميّزها عن باقي الطرز، وعن أي سيارة إنتاجية أخرى باستثناء 911 GTS من بورشه، هو استخدامها للطاقة المستمدة من البطارية لتغذية شاحنين توربينيين كهربائيين ضخمين يدوران بسرعة تبلغ 160,000 دورة في الدقيقة. 

 المقود الجديد، الذي استُعرض لأول مرة من خلال سيارة F80، سيدخل في طرز الإنتاج المستقبلية.

Ferrari © Lorenzo Marcinnò

المقود الجديد، الذي استُعرض لأول مرة من خلال سيارة F80، سيدخل في طرز الإنتاج المستقبلية.

ويدعم قوة هذا المحرك البالغة 888 حصانًا ثلاثة محركات كهربائية: أحدها مثبت على الجانب الأيسر من محرك الاحتراق الداخلي، واثنان آخران مثبتان على المحور الأمامي، ما يمنح السيارة نظامًا متكاملاً للدفع يرفع الأداء إلى مستوى غير مسبوق.

يتبيّن لي أن أداء السيارة في الخط المستقيم مذهل بمختلف المقاييس: تتسارع من 0 إلى 125 ميلاً في الساعة خلال 5.3 ثانية فقط (بحسب فيراري)، ومن 0 إلى 60 ميلاً في غضون ثانيتين لا أكثر. 

أما نمط الإطلاق السريعLaunch Control، فيعد برحلة جامحة، تجمع بين الإثارة والعنف، إذ يطلق هذا الزخم الكامل العنان لمحرك V6 ليزأر بأقصى طاقته. ولقيادة F80 بسرعة وكفاءة، لا بد من مراقبة أضواء تبديل السرعة الموجودة أعلى عجلة القيادة: بعد ظهور سبع ومضات حمراء، يومض اللون الأزرق مرتين قرب العلامة التي تؤشر إلى 9,000 دورة في الدقيقة، وهو ما ينبّهك إلى ضرورة سحب ذراع التبديل إلى الأعلى. وإذا ما تأخرت، فإنك ستصطدم بمحدد الدوران عند 9,200 دورة في الدقيقة.

زُوّدت سيارة F80 بنظام حركة طُوّر بالتوازي مع ذلك المستخدم في السيارة الخارقة Ferrari 499P الفائزة بسباق لومان.

Ferrari © Lorenzo Marcinnò

زُوّدت سيارة F80 بنظام حركة طُوّر بالتوازي مع ذلك المستخدم في السيارة الخارقة Ferrari 499P الفائزة بسباق لومان.

بعدما دوّنت بخط يدي خمس صفحات كاملة من الملاحظات المتعلقة بمزايا الديناميكية الهوائية، يمكنني القول بثقة إنه لا سيارة تتحكم بتدفق الهواء بقدر   F80باستثناء فالكيري من أستون مارتن. 

فمأثرة فيراري هذه تُولّد قوة ضغط سفلية تبلغ 1,014 رطلاً على المحور الأمامي و1,300 رطل على المحور الخلفي عند سرعة 155 ميلاً في الساعة، وهي سرعة اقتربت منها مرارًا خلال جولاتي على حلبة ميسانو الإيطالية الممتدة بطول 2.62 ميل. 

لضمان ثبات الأداء الهوائي عند أي سرعة، تكمل أربعة ممتصات صدمات نشطة بجهد 48 فولت دورة كاملة كل 25 جزء من الألف من الثانية لضمان الحفاظ على الارتفاع المناسب والحؤول دون ميلان السيارة. 

قد يبدو غريبًا أن سيارة بهذه القوة لا تميل أو تنخفض عند المنعطفات. لكن عند الالتفاف بسرعات كهذه، يمكن لأي تغيّر طفيف في قوة الضغط السفلية أن يخلّ بالموازين.

فيراري F80.. تجسيد لقوة الأداء في أنقى صورها

Ferrari © Lorenzo Marcinnò

صحيح أن العديد من السيارات الخارقة الحديثة يتيح تسارعًا جنونيًا، لكن القليل منها فقط يوفّر هذا المستوى من التحكم: تدعوك سيارةF80  إلى الهجوم على الطريق أو الحلبة، بل تكاد تطالبك بذلك، وكلمة "هجوم" هنا ليست مجازًا. 

قدت من قبل سيارة أستون مارتن فالكيري التي تعاني ضعفًا في الثبات عند السرعات المنخفضة، وسيارة رايس ميلين من طراز Bentley GT3 Pikes Peak  من عام 2021، التي تتمتع بمزايا ديناميكية هوائية مشابهة ولكن تفتقر إلى قوة F80. كلتا السيارتين تقتضي أسلوب قيادة عدائيًا، فيما سيارة F80  تنتمي إلى فئة مختلفة كل الاختلاف. ببساطة، يمكنني القول إنها تتيح أفضل تجربة قيادة اختبرتها. 

الفكرة الوحيدة التي تُقلقني هي أني قد لا أتمكن من قيادتها مرة أخرى. وإذا لم تكن حقيقةً ضمن قائمة كبار زبائن فيراري المفضّلين، فقد لا تحظى أيضًا بالفرصة لاختبارها. فالنسخ البالغ عددها 799 نسخة من هذه السيارة قد بيعت كلها مسبقًا، بسعر يبدأ من 3.73 مليون دولار للنموذج الواحد.