بالاستناد إلى أكثر من قرن من الخبرة الرفيعة، وبالاستعانة بأبرز المبدعين المعاصرين في المجال، بدأت دار فان كليف أند آربلز في عام 2017 إنتاج سلسلة من الآلات الحركية الحديثة المبهرة، المعروفة باسم Extraordinary Objects. تُعد هذه الأعمال الفنية المتحركة، التي يتطلب تطويرها مسارًا معقدًا يستنزف الوقت، من النوادر التي لا تُرى عادةً إلا في أروقة المتاحف الكبرى، حيث تُعرض نماذج من القرن الثامن عشر. ومع ذلك، تثبت فان كليف أند آربلز أن هذا المستوى من الحرفية، الذي كان حكرًا على البلاطات الملكية في العصور الماضية، لا يزال ممكنًا في عصرنا. يتجسّد أحدث ابتكارات الدار في ساعة Brassée de Lavande التي تستعرض باقة من سيقان الخزامى المطلية يدويًا والمصقولة بطلاء المينا، تتفتّح تدريجيًا لتكشف في مركزها عن فراشة ترفرف بخفّة، مشغولة من طلاء المينا ومرصّعة بالجواهر. يقول راينر برنارد، رئيس قسم البحث والتطوير في فنون صناعة الساعات لدى الدار: "ثمة صفّان من سيقان الخزامى ينفتحان بالتتابع، ثم يتحركان ببطء معًا، كما لو أن نسيمًا خفيفًا يعبر المشهد. وتستغرق هذه الحركة الآلية نحو 45 ثانية".
وراء هذا الجمال الخارجي لساعة يبلغ ارتفاعها 27 سنتيمترًا، تكمن مجموعة من الآليات الميكانيكية المعقدة التي تبثّ الحياة في هذا المشهد عند الطلب. وتعتمد آلية الحركة على تصميم خاص أبدعه صانع التماثيل الحركية السويسري الشهير فرانسوا جونود خصوصًا لدار فان كليف أند آربلز، وقد صُممت لتحمّل وزن بتلات الخزامى المصنوعة من الذهب الصلب. لو تُرك الأمر للجاذبية وحدها، لانفتحت البتلات بسرعة مفرطة، لذا ابتكر صنّاع الساعات نظام نوابض ذكيًا يستعيد الطاقة الناتجة عن سقوط البتلات، ثم يحررها عند عودتها إلى مواقعها، ما يسمح لسيقان الخزامى بأن تتفتح وتنغلق بانسيابية طبيعية.
نظرًا لضخامة الجهد المطلوب لتنفيذ العناصر التقنية وحدها، أنشأت فان كيف أند آربلز محترفًا خاصًا لإنتاج ساعات Extraordinary Objects في بلدة سانت-كروا، المعروفة بوصفها معقل صناعة الآلات الحركية في سويسرا. وقد استغرق تنفيذ هذه القطعة، من الفكرة إلى الإنجاز، أربع سنوات كاملة. يقول برنارد عن الفريق الكبير الذي أسهم في ابتكار هذه التحفة: "إنه عمل جماعي يجمع بين فنانين يعملون جنبًا إلى جنب، ويشعرون بسعادة غامرة عند اكتمال المهمّة". ويتابع: "ينبغي أن ترى مقدار فخرهم حين نشغّل الساعة، وعندما يرون ما أنجزوه، لأن كل فرد عمل على جزء منها".
في زمن تُلبّى فيه الرغبات لحظيًا، بات هذا القدر من التفاني في الحِرَف نادرًا بشكل متزايد، ما يذكّر بأن الزمن نفسه هو العنصر السري الكامن خلف كل جمالٍ يدوم.
أجنحة مصقولة
يعمل أحد الحرفيين على صقل أحد جناحي الفراشة المصنوعين من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا، تمهيدًا لتطعيمه بالألوان والأحجار الكريمة.
Clara Gaudillere
شفافية لونية
تُطبّق تقنية طلاء المينا الشفّافPlique-à-jour باستخدام فرشاة دقيقة، فيُطلى الجناح بالمينا الشفاف باللون البرتقالي، والمينا المعتم باللون الأسود، ثم تُخضع القطعة لعمليات إشعال متعددة في الفرن على درجات حرارة مختلفة، للحصول على تدرّجات لونية طبيعية.
Clara Gaudillere
تويجات ذهبية
تتزيّن الساعة بمجموعة من 36 ساق خزامى مصنوعة يدويًا من الذهب الوردي عيار 18 قيراطًا. تستعرض الصورة التويجات الدقيقة (مجموعات من البتلات الأنبوبية) مثبتة مع الساق.
Clara Gaudillere
صقل الأوراق
يتأنى الحرفي في صقل ورقة الذهب يدويًا.
Clara Gaudillere
براعم مقعّرة
نظرًا لحجمها الصغير، لا بد أن تُشكَّل عناصر ساق الخزامى وتُصقل يدويًا على يد حرفي ماهر. أما براعم التويجات، فتُشكّل باستخدام أداة خاصة تمنح أطرافها شكلًا مقعّرًا.
Bertrand Moulin
تطابق مثالي
بعد ذلك، تُركّب الأجزاء معًا لاختبار مدى تطابقها مع السيقان، قبل الانتقال إلى المرحلة التالية.
Bertrand Moulin
إتقان حرفي
كاثرين نيكولا، الحرفية المعروفة والحائزة لقب أفضل حرفي في فرنسا، تتولى رش كل واحدة من التويجات (عددها 270 تويجًا) باستخدام أداة الرش الهوائي. يقول برنارد: "نحب العمل معها لأنها على الأرجح الأفضل في هذا المجال على الإطلاق". تلوّن نيكولا أيضًا أوراق الخزامى باللون الأخضر.
Clara Gaudillere
Clara Gaudillere
زخارف لونية
الزهور الزرقاء في أعلى كل ساق صغيرة للغاية، ما يستدعي زخرفتها بالكامل يدويًا. يقول برنارد موضحًا: "نستخدم طلاء اللَّك الذي يُطبّق باستخدام فرشاة".
Clara Gaudillere
مقارنة دقيقة
تُفحص سيقان الخزامى بمقارنتها مع الرسومات التصوّرية للساعة، لضمان تطابقها بأعلى درجة ممكنة مع المفهوم الأصلي للتصميم.
Clara Gaudillere
قاعدة من الهاوليت
في هذه المرحلة، تُصقل قاعدة الساعة، المصنوعة من حجر الهاوليت، والتي تحتضن سيقان الخزامى، باستخدام عجلة تلميع. أما الجزء السفلي من القاعدة، فمصنوع من حجر الفيرديت الأخضر. ويُعد اختيار القطعة المناسبة من هذا الحجر مهمة بالغة الصعوبة لضمان الحفاظ على تجانس لونها حتى بعد تشكيلها على هيئة أسطوانة.
Clara Gaudillere
إيحاءات شاعرية
تتكوّن حلقة الساعات عند قاعدة الساعة من الألمنيوم، وقد طُليت بلون اليشم وثُبّتت عليها مؤشرات مصنوعة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطًا والألماس. عند دوران الحلقة، تشير أولى سيقان الخزامى إلى الساعة. أما الحلزونات الذهبية الصغيرة على الساق والورقة، فتُعد تذكيرًا شاعريًا آخر بانسياب الزمن.
تحفة مكتملة
بعد 2,070 ساعة من العمل الحِرَفي في صياغة الجواهر، و1,400 ساعة لبناء آلية الحركة وتجميعها، اكتملت التحفة. تبدأ سيقان الخزامى بالتفتح والتموّج تدريجيًا لتُحاكي تأثير الأزهار وهي تتراقص في مهبّ النسيم، فيما ترتفع الفراشة المركزية، المزدانة بطلاء المينا والألماس والجمشت وحجر عين النمر، وتحلّق بأجنحتها في حركة دائرية مبهرة.




