وسط هذا الزخم الإبداعي الذي احتضنته قبة لوفر أبوظبي برز العمل التركيبي الغامر للفنان الياباني ريويتشي كوروكاوا Ryoichi Kurokawa الذي قدّم رؤيته المبتكرة بعنوان -skadw، في تجربة أعادت تعريف معنى "الظل" من حيث كونه حضورًا هشًا إلى عنصر مادي يمكن الإحساس به. من خلال مزيج متقن من الضوء والصوت والضباب، نسج كوروكاوا مشهدًا متبدّل الإيقاع تتحرك فيه الظلال باستمرار، مستلهمًا المفهوم الجمالي الياباني "ما" Ma الذي يحتفي بالفواصل والمسافات بوصفها جزءًا جوهريًا من التجربة البصرية والوجدانية.

وعن تجربته، عبّر كوروكاوا عن امتنانه قائلاً: "يشرفني أن أكون جزءًا من معرض Art Here 2025. أتاح لي هذا الحدث مشاركة عملي مع جمهور جديد والانضمام إلى مجتمع من الفنانين المُلهمين. في عملي -skadw سعيتُ إلى تمكين الظلال من تشكيل الفراغ نفسه، وتحويل الغياب والفواصل والعتمة المتغيّرة إلى حضور محسوس يكاد يُلمس".

ذلك الحضور البصري اللافت تُوّج في نهاية المطاف بإعلان لوفر أبوظبي بالشراكة مع ريتشارد ميل عن فوز الفنان الياباني كوروكاوا بالنسخة الخامسة من جائزة ريتشارد ميل للفن، مصحوبة بجائزة مالية قدرها 60,000 دولار أمريكي. وجاء هذا التكريم تقديرًا لقدرة الفنان على تحويل المفهوم الفلسفي إلى تجربة حسيّة تمزج التقنية بالتأمل، وتقدّم رؤية جديدة لعلاقة الإنسان بالفراغ والضوء، في عمل يُعيد تعريف الحدود بين المادي وغير المرئي بطريقة تستدرج الخيال.

تعليقًا على هذا الإنجاز، قال مانويل راباتيه، مدير لوفر أبوظبي: "يشرفنا في لوفر أبوظبي توفير منصة للفنانين لاستكشاف الأفكار القوية ودفع الحدود الإبداعية. نهنئ ريويتشي كوروكاوا على عمله الرائع -skadw، الذي يتناول موضوع الظلال بعمق عاطفي ودقة شكلية. تُعد هذه النسخة الخامسة من الجائزة واحدة من النسخ الأكثر نضجًا حتى الآن، ليس من حيث المستوى الفني فحسب، بل أيضًا من حيث صدى أعمالها لدى زوارنا".

جاء ذلك التتويج ثمرة تقييم دقيق أجرته لجنة تحكيم ضمّت نخبة من القامات الثقافية والفنية البارزة، برئاسة الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، رئيس تحالفات الاستدامة العالمية ومؤسس وعضو مجلس إدارة المتحف البريطاني، إلى جانب الدكتور جيلهم أندريه، مدير الإدارة العلمية والمنهجية في لوفر أبوظبي، ومايا أليسون، المديرة التنفيذية المؤسسة لمعرض الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، وصوفي مايوكو أرني، القيّمة الفنية ومؤسسة مجلة غلوبال آرت دايلي Global Art Daily، إلى جانب يوكو هاسيغاوا، الأستاذة البحثية في جامعة كيوتو والمديرة السابقة لمتحف القرن الحادي والعشرين للفن المعاصر في كانازاوا.

وقد أشادت اللجنة بالمستوى الرفيع للأعمال المقدمة هذا العام، مؤكدة أن المشاركين طرحوا تفسيرات جريئة، تنوّعت بين الذاكرة والمادة والمعمار والعاطفة. وأوضح الدكتور جيلهم أندريه أن النسخة الحالية أبرزت قدرة معرض Art Here على توسيع مساحات الحوار الثقافي والفكري، والتركيز على الإبداع بوصفه لغة مشتركة تتجاوز الحدود الجغرافية، ما يعزّز دور الفن في خلق مساحات من التفاهم والتقاطع بين الثقافات.