على سواحل أوكيناوا اليابانية، تكشف شركة زها حديد آركيتكتس Zaha Hadid Architects عن أحدث إبداعاتها المعمارية: منتجع فيرتيكس Vertex، المشروع الأول ضمن علامة نوت آ هوتيل NOT A HOTEL الجديدة. إنه عمل يحمل في طياته فلسفة زها حديد المستمرّة في قراءة الطبيعة وتحويلها إلى لغة معمارية تنبض بالحياة، ويعيد تأكيد الصلة العميقة التي تربط الاستوديو بالعمران الياباني منذ أكثر من أربعة عقود.
يقع المشروع على قطعة أرض نادرة تبلغ مساحتها 25,322 مترًا مربعًا، في منطقة يتقاطع فيها البياض الرملي للشواطئ مع تضاريس غابية منحدرة. في هذا المشهد الحساس بيئيًا، اختارت علامة ZHA أن تجعل العمارة تتقاطع مع الطبيعة ولا تتغلب عليها؛ فالهياكل تتدرج بانسيابية على طول الساحل في انسجام مع ظلال الأرض وانحناءات الصخر، لتشكّل سلسلة من الفلل والمرافق المتدرجة التي تندمج بيئيًا من دون أن تخل بتوازن النظم الساحلية والبحرية المحيطة.
استُلهم تصميم فيرتيكس من الطبوغرافيا الفريدة للموقع ومن الجيولوجيا الخاصة بجزيرة أوكيناوا، التي نشأت من الحجر الجيري الريوكيوي المكوّن من رواسب شعاب مرجانية تعود لأكثر من 400 ألف عام. وعلى امتداد هذا الخط الساحلي الغني، ترفع علامة ZHA عمارتها فوق المشهد الطبيعي في حوار بصري راقٍ بين الشاطئ والغابة، حفاظًا على التنوع الحيوي وتقليل البصمة العمرانية إلى الحد الأدنى.
Zaha Hadid Architects
يتجلّى المفهوم في تكوينات معمارية تمتد بوصفها امتدادًا طبيعيًا لتشكيلات الصخور، مؤلفة من مستويات أفقية متدرجة وساحات داخلية وحدائق مفتوحة على البحر. وقد اعتمد تصميم المشروع على دراسة بيئية متكاملة استمرّت 12 شهرًا، تضمنت قياسات دقيقة لدرجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح وكثافة الإشعاع الشمسي على مدار العام. جرى تحويل هذه البيانات إلى نماذج رقمية متطورة صُمم بناءً عليها اتجاه المباني وتوزيعها وتسلسلها المكاني، لتحقيق الكفاءة الحرارية والتكيّف المناخي المثالي في مناخ أوكيناوا شبه الاستوائي.
أبرز ما يميز المشروع هو المظلّات العميقة الممتدة من الهياكل، والتي تشكّل شرفات مظللة تنحدر نحو الساحل. هذه البروزات ليست مجرد عنصر تصميمي، بل رؤية هندسية أعادت تفسير الأفاريز البارزة في العمارة التقليدية المحلية لتحد من وهج الشمس والحرارة في الصيف، وتفتح أفقًا بصريًا متصلاً بالمحيط في الشتاء.
Zaha Hadid Architects
أما المواد المستخدمة، فتأتي بوصفها امتدادًا طبيعيًا للثقافة المحلية، إذ يوظف المشروع خشب صنوبر أوكيناوا والحجر الجيري المستخرج من محاجر قريبة، إلى جانب السيراميك المصنوع في ورش الجزيرة التقليدية. بهذه التفاصيل، يتحول فيرتيكس إلى منصة لإحياء الحرف الأصيلة، وليس مجرد مشروع فندقي فخم.
ورغم طبيعة الموقع الساحلية التي تفرض تحديات مناخية قاسية، جاءت هندسة المنتجع مجهزة للتعامل مع الرياح العاتية والأمطار الغزيرة والنشاط الزلزالي المتكرر في المنطقة. فقد رُفعت المرافق كلها إلى ارتفاع 6.5 متر فوق منسوب المياه المرتفعة، وصُمم الهيكل الإنشائي ليتحمل ظروف الرياح الموسمية ونظام الأعاصير شرق المحيط الهادئ.
Zaha Hadid Architects
من الناحية البيئية، يعرض فيرتيكس نموذجًا مستقبليًا للبناء المستدام في المواقع الطبيعية الحساسة. فقد اعتمدت علامة ZHA أنظمة إنشائية معيارية مسبقة الصنع لتقليل الأثر الإنشائي والاعتماد على النقل المحلي، فيما استخدمت الخرسانة المعالَجة بمواد معاد تدويرها من منشآت قديمة، لتجسّد روح الاقتصاد الدائري في استخدام الموارد.




