لطالما هيمن طراز S-Class من مرسيدس – بنز على فئة مركبات السيدان المثالية للمديرين التنفيذيين، والسبب في ذلك يُعزى إلى معادلة بسيطة لا تشوب تطبيقها أي شائبة، وتجمع بين نظام دفع انسيابي، ومعالم أناقة غير متكلفة، ووسائل راحة باذخة وفيرة.

لكن العالم كله، بما في ذلك زبائن مركبات هذا الطراز، شرع يتنبّه إلى الثورة الكهربائية، ليتجلى رد مرسيدس – بنز أخيرًا في إطلاق سيارة مرسيدس EQS، أول سيارة سيدان فاخرة كهربائية بالكامل من صنع إحدى العلامات المؤسسة لقطاع السيارات.

وبالرغم من أن الأنظار لن تغفل عن ارتباط هذه السيارة بأسطول الصانع من المركبات المجهزة بمحركات احتراق داخلي، إلا أنها ستلاحظ أيضًا تمايزها الجريء. صحيح أنها سيارة S-Class، لكنها بلا شك لا تشبه ما ألفناه من هذا الطراز. 

يعكس التصميم جرأة مثالية لهذه المركبة، وإن كان بعيدًا عن أجمل هيكل لسيارة أنتجتها مرسيدس في تاريخها. فالبنية الهندسية لنظام البطاريات الذي يقبع أسفل الركاب تولّد مركز جاذبية منخفضًا فيما يعزز خط السقف المنحني قليلاً مزايا الديناميكية الهوائية الانسيابية في ما يُعرف بتصميم "القوس الواحد" الذي يميزه خط منحن يمتد من الطرف الأمامي للمركبة إلى الذيل.

"توحي سيارة مرسيدس EQS بمتانة عناصرها التقليدية متقنة الصنع بالرغم من طابعها الرقمي الجلي"

تنساب المقدمة المائلة إلى الأمام أكثر من المعتاد عبر الجزء الأوسط المرتفع من المركبة، وصولاً إلى باب خلفي مدبب بعض الشيء ينفتح على صندوق أمتعة رحب المساحة. قد يعترض البعض على الأبعاد غير التقليدية للمركبة، لكنها تخدم غايتها: فالسيارة تخترق الهواء بأقل قدر ممكن من الاضطراب، محققة معامل جر قدره 0.20 يُعد الأدنى في أي مركبة مخصصة للإنتاج على نطاق واسع.

تصميم سيارة مرسيدس EQS.. متانة متقنة الصنع

خلف الأبواب الاختيارية التي تنفتح تلقائيًا بحركة انسيابية صامتة ولا تصدر سوى صوت خافت عند انغلاقها، تخفي الخطوط الخارجية التقدمية للمركبة مواد ألفناها في مركبات السيدان المخصصة للتنفيذيين، بما في ذلك الجلد والخشب الطبيعي ذو الحبيبات، على ما نجده في مركبة نموذجية من طراز S-Class. لكن السقف المقوس أثر في بعض عناصر الراحة والأداء الوظيفي داخل المقصورة، ففرض على غير العادة تثبيت لوح العدادات عند مستوى مرتفع نسبة إلى الزجاج الأمامي.

لكن سيارة EQS توحي بمتانة عناصرها التقليدية متقنة الصنع بالرغم من طابعها الرقمي الجلي الذي يشهد عليه لوح عدادات افتراضي بحجم 12.3 بوصة، وشاشة عرض مركزية بحجم 12.8 بوصة، بالإضافة إلى منصة Hyperscreen التي تتيح استحداث شاشة تعمل بتقنية اللمس وقابلة للتعديل أمام الراكب الأمامي. 

على الرغم من العناصر المستجدة، إلا أن سيارة EQS ما فتئت تحتفظ على نحو ملحوظ بكافة عناصر الاتصال الحركية التي جعلت من طراز S-Class ابتكارًا يصعب التفوق عليه في فئته.

يكفي تدوير عجلة القيادة المتدثرة بكسوة جلدية سميكة الأطراف للكشف عن الوزن المثالي: ما يكفي من قوة الجر للإيحاء بالثقل، وما يكفي من الخفة لإبراز الرشاقة. تنضبط أيضًا دواسة التسارع على نحو متوازن فيما تجنّد قوة عزم قدرها 568 نيوتن متر توجه إلى العجلتين الخلفيتين في طراز 450+ أو 855.5 نيوتن متر توجه إلى العجلات الأربع في طراز 580 4Matic المجهز بمحرك مزدوج.

سيارة مرسيدس EQS

سيارة مرسيدس EQS Mercedes-Benz
جُهزت المركبة بلوح عدادات افتراضي، وشاشة عرض مركزية، بالإضافة إلى منصة Hyperscreen التي تتيح استحداث شاشة قابلة للتعديل أمام الراكب الأمامي.

صحيح أن قوة الدفع تبدو هادئة، لكنها ثابتة على نحو يشعرك بالرضا فيما تختبر من مقعدك المجهز بوسادة وثيرة للرأس الإثارة عند التسارع.

مواصفات مرسيدس EQS

بالرغم من أن سيارة مرسيدس EQS ليست سريعة بقدر طراز Model S Plaid من تيسلا مثلاً، والقادر على إنتاج قوة تساوي ألف حصان، إلا أنها تتسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة في غضون 4.1 ثانية، وهذه سرعة مقبولة لا يُستهان بها.

كما جرت معايرة الأوضاع الأربع للمكابح، القادرة على استعادة الطاقة الحركية، بدقة، لضمان الانسياب بالمركبة دون عناء فيما المحرك مطفأ، أو توفير قدر متوسط من المقاومة، أو خفض السرعة بالقدر الكافي لإيقاف السيارة بهدوء في أثناء القيادة في المدينة عند رفع القدم عن الدوّاسة فحسب. 

إذا ما أخذنا الوزن في الحسبان، فإن بنية السيارة، الأشبه بخزانة، لا تعيقها عند معظم المنعطفات، فيما نظام التوجيه بالعجلات الأربع يساعد على إضفاء قدر من الرشاقة والحيوية على مركبة السيدان الثقيلة. لكن حجم السيارة الضخم لا يكشف عن نفسه إلا عند الدفع بها إلى أقصى الحدود، لا سيما في حالة الطراز المجهز بمحرك مزدوج والذي يحمل وزنًا إضافيًا بمقدار 132 كيلوغرامًا عند المحور الأمامي.

يعوّض عن ذلك أداء سيارة EQS فوق المطبات على نحو رشيق يكمّل أسلوب قيادتها الهادئ. أما مدى السفر الذي تشير التقديرات إلى أنه يتجاوز 400 ميل، فيعد على الأقل بمقدرة المركبة على مجاراة السيارات المنافسة لها. 

إذا كان لهذا الطراز أن يبرهن عن شيء، فإنه يؤكد أن شركات تصنيع السيارات ذات الإرث العريق في هذا القطاع ومجموعات الحركة التي ترتكز إلى محركات احتراق داخلي جرى تطويرها باستمرار، كفيلة بأن تضفي على لعبة التحول إلى الطاقة الكهربائية جاذبية يغفل عنها اللاعبون الجدد في غالب الأحيان أو يعجزون ببساطة عن تحقيقها.

صحيح أن طراز EQS من مرسيدس – بنز لا يمثّل أول سيارة كهربائية في الأسواق، لكنه يعكس هجمة مرتدة رائعة ضد اللاعبين الجدد في السوق.

سيارة مرسيدس Mercedes – Benz EQS

Mercedes-Benz
تتسارع سيارة مرسيدس EQS من صفر إلى ٦٠ ميلاً/الساعة في غضون ٤.1 ثانية، فيما نظام التوجيه بالعجلات الأربع يعزز مستوى رشاقتها.