إيه. لانغيه أند صونه توثّق حسها الإبداعي المستمر بالكشف عن إصدار جديد من ساعتها الثورية ذات العرض الرقمي القافز تثريه هذه المرة بالجمع بين الأرقام الوضّاءة وعلبة الذهب العسلي.  

في السنوات الأخيرة، بدا أن الغلبة في قطاع الساعات كانت لطفرة فولاذية انبثقت عن الحماسة البالغة في أوساط الهواة لساعات مشغولة في علب من الفولاذ المقاوم الصدأ، المعدن الذي كان يشيع استخدامه عادة من قبل علامات تنشط في سوق الإنتاج على نطاق واسع، أو في الابتكارات من المستوى الابتدائي في دور الساعات الفاخرة. غير أن هذا المركب المعدني المتواضع وجد طريقه إلى إبداعات عدد من كبار الصنّاع، وحتى في وقت لاحق إلى محترفات إيه. لانغيه أند صونه التي سارت في ركب هذا التوجّه مع إطلاقها سنة 2019 طراز أوديسوس Odysseus.

لكن الدار الألمانية العريقة لم تغرق في بحر الإصدارات الفولاذية وظلّت وفية لذائقة أجيال من جامعي الساعات غير المعنيين بالتوجّهات الآنية والذين يستحسنون ما توحي به ابتكارات إيه. لانغيه أند صونه من نبل تحتجب خلف معالمه البعيدة عن البهرجة أو التكلف أسرار الإتقان المتمايز في هندسة الوقت، وحكاية حلم وولادتين. إنها ساعات تخلّد إرثًا من الإبداع المستمر فيما توثّق تمايزها اليوم وفي المستقبل البعيد إذ تتجلّى مآثر ميكانيكية جديرة بخزائن الجامعين، على ما يعد به اليوم الإصدار الأحدث من إيه. لانغيه أند صونه، ساعة ZEITWERK HONEYGOLD  “Lumen”  التي كُشف عنها أواخر الشهر الفائت.  

الحلم وأصل الحكاية

في بلدة غلاشوته الرابضة في أعالي جبال ساكسونيا الألمانية، يتردد إلى يومنا هذا صدى إبداع يفيض عن مصنع إيه. لانغيه أند صونه، الدار التي أثبتت، في زمن تأسيسها، وبعد ولادتها الثانية، أن التفوق في صياغة نبض الوقت وهندسة تعقيداته ليس حكرًا على الدور السويسرية. فعندما افتتح المؤسس الأول فرديناند أدولف لانغيه، الذي تتلمذ على يد غوتكايس، صانع الساعات الأشهر آنذاك في بلاط ملك ساكسونيا، محترفه الأول في غلاشوته في عام 1845، تكرّس اسم الدار على خارطة كبار صنّاع الساعات في أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين. لكنّ تلك الأمجاد كادت تندثر بعد أن طمرتها حرب عالمية، وفوضى اقتصادية، وهيمنة شيوعية، وحركة تأميم تسببت في إغلاق شركات غلاشوته كلها، بما في ذلك إيه. لانغيه. 

غاب الاسم لسنوات قبل أن يقرر والتر لانغيه، ابن حفيد فرديناند، الذي توفّي سنة 2017 عن عمر يناهر 92 عامًا، أن يستعيد حلم أسلافه ويوقظ الدار سنة 1990 من سبُاتها الطويل. آنذاك، حرّض لانغيه الحرفيين في غلاشوته على منافسة كبار الصنّاع في سويسرا، سيرًا على خطة أجدادهم، ونجح في الإتيان بابتكارات جديدة حظيت باستحسان الجامعين، ورسّخت مكانة غلاشوته من حيث كونها مركزًا مزدهراً لصناعة الساعات يضاهي أي بلدة في فاليه دو جو السويسرية.

كانت هذه الولادة الثانية منطلقًا جديدًا لإبداع مستمر ما فتئت محترفات إيه. لانغيه أند صونه تستحضره في مزيج من سمات جمالية راقية وتعقيدات تقنية بالغة التطور تختزل بتلاحمها الجينات التي صاغ منها فرديناند هويته الإبداعية.

لكنه تلاحم يلبي أيضًا توقعات الذائقة النخبوية في عصر الحداثة عبر ما لا يزيد على بضعة آلاف فقط من ساعات يُصاغ معظمها في علب من البلاتين أو الذهب، وتوثّق في كل تفصيل منها، ظاهر أو خفي، البراعة في الربط بين حسّ ابتكار عصري وحرف تقليدية أصيلة، بين الماضي والمستقبل، على ما تشهد المجموعات المختلفة، بداية من ساعة LANGE 1 التي يميزها ميناء بعيد عن المركز ونافذة كبيرة لعرض التاريخ، وليس انتهاءً بساعة Triple Split التي قدمتها الدار سنة 2018 كاشفة عن إنجاز تقني ثوري تجسّد في آلية الكرونوغراف المعقدة التي اشتملت، إضافة إلى عداد أجزاء الثانية وعداد الدقائق الثلاثين، على عداد يسمح هذه المرة بتوقيت ثلاث قياسات للوقت المقارن أو المضاف حتى 12 ساعة.

مفهوم ثوري

منذ أول مجموعة طرحها والتر لانغيه سنة 1994 بعد الولادة الثانية، تجلى ابتكار الساعات بديعة التصميم، التي تثريها وظائف عملية متفوّقة، جزءًا راسخًا في مقاربة إبداعية ترتكز إلى الإصرار على الدفع بحدود الممكن في سياق السعي إلى تحقيق الكمال. هذا ما يعكسه اليوم أيضًا طراز ZEITWERK HONEYGOLD “Lumen”، الابتكار الأحدث من الصانع الألماني، والذي يختزل اسمه ثلاثة مسارات إبداعية انطلقت فيها إيه. لانغيه اند صونه بكثير من الزخم.

Lange Uhren GmbH

يرجع في الأصل ابتكار ساعة ZEITWERK إلى عام 2009. آنذاك، فاجأت الدار هواة الساعات والعارفين بأسرارها على حد سواء بمفهوم ريادي جريء تمثّل بالعرض الرقمي القافز والبالغ الدقة للوقت.

فقد تمايزت الساعة بآلية للأرقام القافزة تتكوّن من ثلاثة أقراص (اثنان للدقائق وثالث للساعات) لعرض الوقت في صيغة رقمية. في العرض الرقمي للساعات والدقائق، الذي يكمله أيضًا الميناء الفرعي للثواني المعزز بآلية إيقاف الثواني، تستهلك حركة الأرقام بالغة الصغر، والتي صيغت كلها بالحجم نفسه، كمًا هائلاً من الطاقة، الأمر الذي يؤثر بطبيعة الحال على عجلة التوازن، ومن ثم على دقة الساعة.

لكن إيه. لانغيه أند صونه نجحت في تجاوز هذه التأثيرات عبر استخدام مضبط انفلات ثابت القوة يشكّل نواة مختلف طُرز ZEITWERK. تضمن هذه الآلية، التي تمتلك الدار براءة اختراعها، تخزين طاقة المعيار الحركي تدريجيًا في نابض صغير ثم إطلاقها عند الحاجة إلى تبديل العرض فوق الميناء، فتتحرك الأقراص بالتزامن مرة كل دقيقة وتضمن الدقة في قياس الوقت. ترافق هذا المفهوم التقني الثوري أيضًا مع تصميم مبتكر ميّزه الجسر المقوّس لعرض الوقت الذي يهيمن على صيغة الميناء، فشكل إطارًا أنيقًا لمؤشرات الوقت، وجزءًا من آلية الحركة أيضًا.

لا تغيب هذه التفاصيل اليوم عن مأثرة إيه. لانغيه أند صونه الجديدة، لكنها تبدو أكثر تمايزًا في ظل استخدام الأرقام الوضّاءة.

Lange Uhren GmbH

نبض وهّاج

في عام 2009، فازت أول ساعة من طراز ZEITWERK بجائزة Aiguille d’Or Grand Prix الأعلى تميزًا ضمن الجائزة الكبرى للساعات في جنيف. ومنذ ذلك الحين، أعقبت إيه. لانغيه أند صونه هذا الإنجاز بطُرز إضافية شملت سنة 2010 طراز ZEITWERK “Luminous” الذي مهّد الطريق لاحقًا لسلسلة ساعات Lumen محدودة الإصدار، وصولًا في عام 2018 إلى ساعة DATOGRAPH UP/DOWN “Lumen”.

Lange Uhren GmbH

كان مصدر الإلهام لإطلاق هذه السلسلة في الأصل تجربة أنتوني دي هاس، مدير تطوير المنتجات في الدار. ففيما كان دي هاس يزيّن مرة معصمه بنسخة أولى من ساعة ZEITWERK مشغولة في علبة من البلاتين، تبيّن له صعوبة قراءة الوقت في الظلام، فشرع يبحث عن سبيل يعزز مستوى الوضوح في قراءة المؤشرات ليلاً. كانت الخطوة الأولى استخدام أرقام مضيئة للأقراص.

لكن التحدي التقني تمثّل بالتوصّل إلى طريقة تضمن شحن العناصر الوضّاءة التي تحتجب أسفل الميناء بالطاقة. وجدت إيه. لانغيه أند صونه الحل في ميناء من الكريستال الياقوتي مصقول بطلاء شبه شفاف يتيح امتصاص ما يكفي من الأشعة فوق البنفسجية، ومن ثم الطاقة الضوئية اللازمة لجعل لأرقام تتوهّج في العتمة بما يضمن بقاء العرض الرقمي مرئيًا حتى بعد كل سلسلة تبديل.

Lange Uhren GmbH

الإبداع المتكامل

قد تبدو ساعة ZEITWERK HONEYGOLD “Lumen” للوهلة الأولى ابتكارًا يستنسخ طراز عام 2009 ببنيته الهندسية المتفرّدة للمؤشرات الرقمية القافزة. لكن على الرغم من أنها تتشارك معه صيغة العرض المستلهمة من ساعة أوبرا سامبر في درسدن بألمانيا، بما في ذلك جسر الوقت المقوّس – الذي صيغ هذه المرة من الفضة الألمانية المصقولة بالروديوم بما يتناغم مع مظهر الميناء المشغول من الكريستال الياقوتي بلون داكن - إلا أنها تزهو بكثير من المزايا الجديدة.

يختزل طراز ZEITWERK HONEYGOLD “Lumen”، الابتكار الأحدث من الصانع الألماني، ثلاثة مسارات إبداعية انطلقت فيها إيه. لانغيه أند صونه بكثير من الزخم.

Erik Schimschar
يختزل طراز ZEITWERK HONEYGOLD “Lumen”، الابتكار الأحدث من الصانع الألماني، ثلاثة مسارات إبداعية انطلقت فيها إيه. لانغيه أند صونه بكثير من الزخم.

أول ما يلفت الانتباه في الساعة علبتها المشغولة بقطر 41.99 ملليمتر وسماكة 12.6 ملليمتر. فعلى غير ما ألفناه في ساعات Lumen التي تستوطن كلها علبًا من البلاتين، تتكامل تجليات الإنجاز التقني في الساعة الجديدة مع الطابع الجمالي الذي يوثّقه ثراء علبة الذهب العسلي Honeygold الخاص بإيه. لانغيه أند صونه.

في ساكسونيا، تشكل الدراسات حول معدن الذهب تقليدًا راسخًا وظّفت إيه. لانغيه أند صونه شغفها في الابتكار لاستكشافه علميًا، ما أتاح لها التوصّل في عام 2010 إلى الذهب العسلي، مركّب الذهب الأشد متانة. يتكوّن هذا المركّب عيار 18 قيراطًا، المعالج حرارياً، بنسبة 75% من الذهب الخالص، لكنّ عناصر النحاس والزنك التي تدخل في ابتكاره تولّد بالنتيجة تدرجات لونية آسرة تراوح بين لوني الذهب الوردي والذهب الأبيض وتتبدّل تلقائيًا بحسب اختلاف الإضاءة. في المقابل، وفيما تزهو العلبة باللمسات النهائية التقليدية نفسها، بما في ذلك القرص والوصلات المصقولة، يثريها هذه المرة سوار من جلد التماسيح باللون البني لإضفاء طابع أكثر فخامة ورصانة، وذلك خلافًا لما جرت عليه العادة في ساعات Lumen السابقة حيث يغلب على السوار مظهر تقني بلوني الأسود والرمادي.  

تتمايز العلبة أيضًا في جانبها بزر ضاغط عند مؤشر الساعة 4 يغيب عن طُرز Lumen الأخرى فيما يذكر بطراز ZEITWERK Date. يتيح هذا الزر، ذو الهندسة المدمجة، تغيير مؤشر الساعات على نحو منفصل، ما يسهّل مهمة ضبط الوقت. أما الدقائق، فيجري ضبطها، على ما عليه الحال عادة، بوساطة التاج. الجدير بالذكر أن الزخم المطلوب لتغيير مؤشر الساعات ينطلق عند تحرير الزر الضاغط، ليتغيّر المؤشر بصورة موحّدة بغض النظر عن مدى قوة الضغط على الزر أو لطفها.

معيار حركي جديد

اقتضى العرض الرقمي للساعات والدقائق القافزة من خلال حركة الأقراص الرقمية الثلاثة التي تتبدل من دقيقة إلى أخرى، حتى في الجزء العلوي من الساعة، ومضبط الانفلات ثابت القوة الذي يضبط هذه الحركة فيما يولّد في الوقت نفسه الزخم لطريقة العرض القافزة بموازاة توجيه عجلة التوازن بقوة موحدة للحفاظ على ثبات الساعة، فضلاً عن آلية الزر الضاغط لتصحيح مؤشر الساعة، اقتضى ابتكار معيار حركي جديد يدوي التعبئة، تطلبت بنيته الهندسية استخدام برميلين للطاقة يرتفع أحدهما فوق الآخر، ويوفّران مع النابض الثانوي لمضبط الانفلات ثابت القوة ضعف المعدل السابق لاحتياطي الطاقة الذي بات يدوم 72 ساعة.

  يتكوّن المعيار الحركي الجديد Calibre L043.9 من الجيل الثاني من 462 مكوّنًا، وينبض بمعدل 2.5 هيرتز. عبر الغطاء الخلفي للعلبة، المشغول من الكريستال الياقوتي، تتجلى براعة الصانع الحرفية في التشطيب المتقن لآلية الحركة التي جُمعت مرتين، وحيث يمكن تعرّف معايير الدقة التي تنشدها الدار حتى في الأجزاء الخفية من ساعاتها، بداية من مسننات عجلة انفلات الطاقة وعجلة الميزان المحفورة يدويًا، وعجلات التعبئة المزدانة بالزخارف الشمسية، وصولاً إلى جسر مضبط الانفلات ثابت القوة المزخرف والذي يحتضن اثنين من مواضع الفصوص الذهبية الملولبة.