شهدت قاعة مزادات آر إم سوذبيز بيع واحدة من أندر سيارات مرسيدس-بنز الكلاسيكية، وهي 300 SL رودستر من عام 1958، مقابل نحو 850 ألف دولار أمريكي، في صفقة تُعيد تسليط الضوء على إرث الهندسة الألمانية في أبهى تجلياته.
هذه التحفة التي وُلدت خلفًا لطراز "غالوينغ" Gullwing من عام 1957، لم تكن مجرد امتداد لأسطورة سابقة، بل شكلت انتقالاً نحو نضج التصميم وقوة الأداء، بفضل إعادة تصميم الهيكل لتعويض غياب السقف الثابت، مع الحفاظ على الخفة الهندسية والتسارع الخاطف.
صُنعت هذه النسخة خصوصًا للسوق الأمريكية، إذ خرجت من المصنع بهيئة أنيقة تجمع بين طلاء رمادي فضي ومقصورة جلدية باللون الأحمر، مدعومة بجهاز راديو فاخر من طراز بيكر ميكسيكو.
مرسيدس-بنز 300 SL رودستر.. تحفة تُبعث من جديد
سجّلت السيارة ميلادًا جديدًا خلال صيف عام 1988 على يد هاوٍ ألماني متمرس، أوكل مهمة إحيائها إلى ورشة بورم أوتولاكيرراي Borm Autolackiererei، المتخصصة في إعادة طلاء السيارات الكلاسيكية بأعلى درجات الدقة.
أُزيل الطلاء حتى المعدن الخام، تمهيدًا لصياغة حضور جديد يليق بتاريخها، قبل أن تُغطّى بطبقة آسرة من اللون الأزرق الملكي.
RM Sotheby’s
أما المقصورة الداخلية، فنُفّذت على يد الخبير ديتر بولميغر، الذي اختار لها جلدًا فاخرًا بلون البيج وسجادًا بلون الكراميل الدافئ، ليستحدث تناغمًا بصريًا يزاوج بين الأناقة والنقاء الكلاسيكي.
وبعد عقد من الزمان، عبرت السيارة إلى المملكة المتحدة في نوفمبر 1997، إذ تداولها عدد من الهواة المرموقين، قبل أن تستقر عام 2005 في مجموعة باري بيرنت، أحد جامعي السيارات المعروفين بشغفهم بالفئات النادرة من مرسيدس-بنز.
ولم يكن عام 2019 سوى محطة جديدة في مسيرتها، حين أُرسلت إلى أيدي فريق كريس شينتون Chris Shenton، الورشة البريطانية المتخصصة في إعادة بناء المحركات الكلاسيكية بمعايير دقيقة ومتوافقة زمنيًا.
RM Sotheby’s
هناك، خضعت السيارة لعملية شاملة تمثّلت في إعادة بناء كاملة للمحرّك ومضخة الحقن الميكانيكية، مع الحفاظ على المكوّنات الأصلية المتوافقة مع طراز 1957، ما استدعى دراسة دقيقة وتوريد قطع نادرة يصعب العثور عليها.
وبسبب تعطل سلاسل التوريد خلال جائحة كوفيد-19، امتدت العملية لعدة أعوام، قبل أن تكتمل أخيرًا في أكتوبر 2023، بتكلفة تجاوزت 77 ألف دولار أمريكي، لتستعيد السيارة صوتها العميق ونبضها الميكانيكي.
واليوم، وبعد أكثر من ثلاثين عامًا على إعادة ولادتها، لا تزال هذه النسخة من 300 SL رودستر تحمل في قلبها محركًا وناقل حركة يعودان إلى طراز 1957، وهما المكوّنان اللذان رافقاها طيلة تلك العقود، ما يُضفي عليها قيمة توثيقية نادرة في عالم السيارات الكلاسيكية.
وكشفت نتائج الفحص المستقل الذي أُجري في يونيو 2025 عن توافق دقيق في أرقام علبة التوجيه والمحور الخلفي مع بيانات بطاقة المصنع الأصلية، فيما بدا الاختلاف الطفيف في أرقام دعامات التعليق الأمامية أقرب إلى خطأ تصنيعي محدود حدث على الأرجح في خطوط الإنتاج، وهو أمر غير مألوف لكنه يُضفي مزيدًا من التفرد على هذه التحفة المتقنة.