باريس، عاصمة الجمال الأبدي، تُنجب مبدعين يُعيدون تعريف الجمال نفسه، ومن قلب هذه المدينة التي تتنفس الأناقة، وُلد أندريه مونتانا، الاسم الذي سيُصبح لاحقًا أحد أهم من صاغوا ملامح الفخامة البصرية في العالم.
بعد نيل درجة الماجستير في التصميم الميكانيكي والفضائي من جامعة ليوناردو دا فينشي، انطلق مونتانا إلى عوالم تحكمها الدقة القصوى: تصميم مكوّنات السيارات الفاخرة، وأنظمة الأقمار الصناعية، والأدوات الطبية المتقدمة. قاد فرقًا هندسية تُبدع في الظل، تصمّم ما لا يُرى ولكنها تصنع الفرق، حتى صار اسمه مرادفًا للإتقان.
التحوّل الذي ولّد علامة
كان أندريه مونتانا منذ شبابه مفتونًا بعالم النظارات القديمة، يرى فيها أكثر من أدوات للرؤية، بل شهاداتٍ على عصورٍ من الحِرفة والابتكار.
كان يجوب المدن الأوروبية باحثًا عن الكنوز المنسية: مخازن مغلقة في إيطاليا، وورش صغيرة في ألمانيا، ومتاجر قديمة في فرنسا، يجمع منها قطعًا تحكي تاريخًا بصريًا من الجمال والدقة.
مع مرور الأعوام، تحوّلت هوايته إلى شغفٍ متأصل، إذ جمع بيديه وبعينه الخبيرة واحدة من مجموعات النظارات القديمة الأشد ندرة في أوروبا، بما في ذلك تصاميم تمتد من ستينيات القرن الماضي حتى تسعينياته، لتصبح مصدر إلهامٍ لتصاميمه الحديثة.
لكن القدر كان يُحضّر له ما هو أبعد من الجمع والاقتناء. فعندما عُرضت عليه قيادة قسم جديد لتصميم الكماليات الفاخرة، شعر أن تلك اللحظة لم تكن مصادفة، بل عودة إلى جوهره الحقيقي، لحظة التقاء الدقة الهندسية بالشغف البصري. عندها قرر أن يصهر خبرته التقنية بخياله الجمالي ليبدأ فصلاً جديدًا في مسيرته.
Andre Montana
لم يكن هدف أندريه مونتانا الجمال والمظهر الخارجي فحسب، بل إعادة إحياء جوهر التصميم الأصيل، ذلك الذي تسبق فيه الحِرفة الاسم وتتكلم فيه التفاصيل قبل الشعار. ومن هذا الإيمان وُلدت علامته الخاصة، لتجسّد فلسفته الراسخة: كل نظارات يجب أن تُصنع كما تُصنع التحف، لا كما تُنتَج السلع.
تبدأ كل نظارات برسمٍ يدوي يضع ملامحها الأولى، ثم تُنفّذ بعناية في ورشٍ محدودة الإنتاج في اليابان وكوريا، حيث تُرقّم كل قطعة على حدة لتغدو عملاً فنيًا يُورّث للأجيال. تلك الاستراتيجية أخرجت تصاميم تمزج بين الكلاسيكية والجرأة، فأصبحت النظارات تتحدث بروحها الخاصة، لتكون مثل الجواهر على الوجه كما يصفها مونتانا نفسه.
Andre Montana
دقة هندسية وفن حيّ
يتعاون أندريه مونتانا مع نخبة من المصنّعين الأوروبيين الذين يتشاركون معه فلسفة الدقة والانضباط، مطبّقًا معايير لا تقل صرامة عن تلك المعتمدة في صناعة الطيران. من صلابة المفصلات إلى نعومة الطلاء النهائي، يخضع كل تفصيل لاختبارات دقيقة بإشرافه المباشر، ليضمن أن تحمل كل نظارات توقيعه الكامل في الجودة والابتكار.
Andre Montana
أما الزبائن الباحثون عن التمايز المطلق، فيقدّم لهم أندريه مونتانا خدمة التصاميم حسب الطلب، إذ تُنفّذ القطع بأسلوب الحرفيين الكبار، بإتقانٍ متأنٍ واحترامٍ للوقت بوصفه جزءًا من القيمة نفسها.
Andre Montana
من هذا النهج القائم على التفرد والابتكار، وُلدت أحدث مجموعاته التي أضافت بعدًا جديدًا للفخامة؛ إذ تتزيّن إطاراته بأحجار الأوبال الأسود المستخرجة من منطقة لايتنينغ ريدج الأسترالية، إحدى أغنى مناطق العالم بهذا الحجر النادر ذي البريق الناري المميز.
Andre Montana
تُستخرج الأحجار بطرقٍ خلقية تراعي البيئة والمجتمعات المحلية، لتجسّد رؤية مونتانا للجمال المسؤول، وتتحول كل قطعة إلى توقيع بصري فريد لا يُخطئه النظر.