في أعقاب التعديلات الضريبية التي أقرت في المملكة المتحدة، برزت إيطاليا بوصفها وجهة مفضلة لأثرياء العالم الذين يتطلعون إلى ملاذ أكثر ترحيبًا بأموالهم.
إيطاليا تصبح الوجهة الجديدة للأثرياء المغادرين من المملكة المتحدة
أظهرت الأسابيع الستة الماضية تدفقًا ملحوظًا لعدد من الأثرياء الأجانب إلى الأراضي الإيطالية، وذلك منذ أن أوقفت المملكة المتحدة رسميًا الشهر الماضي الإعفاءات الضريبية الممنوحة لـ"غير المقيمين الدائمين"، أي المقيمين الأجانب في البلاد.
وبحسب ما أفادت به وكالة بلومبرغ، أصبحت مدينة ميلانو بشكل خاص وجهة مفضلة لهؤلاء الأفراد بالغي الثراء بعد التغييرات الضريبية.
تُعد ميلانو المركز المالي لإيطاليا، وازدادت جاذبيتها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فأصبحت موقعًا مثاليًا لـ"غير المقيمين الدائمين" السابقين في المملكة المتحدة الذين لا يزالون يرغبون في الحفاظ على وجودهم داخل أوروبا، في بيئة مالية مرنة ولكن واعدة مثل ميلانو.
وتُقدم إيطاليا لهؤلاء الأفراد مزايا مالية تشبه إلى حد كبير ما كانت تقدمه المملكة المتحدة بموجب نظامها الضريبي السابق الذي استمر لأكثر من 200 عام، إذ يتيح النظام الضريبي الإيطالي لأصحاب الملايين إمكانية دفع ضريبة موحدة قدرها 223 ألف دولار، لتجنّب دفع الضرائب الإيطالية على الدخل الخارجي، وفقًا لما نقلته بلومبرغ.
أطلقت إيطاليا نظامها الخاص الذي يخص غير المقيمين الدائمين، في عام 2017، والذي لاقى ترحيبًا واسعًا بين رجال الأعمال وغيرهم من الأثرياء.
ولا يُطبق هذا النظام الضريبي ذو المعدل الثابت على الدخل فحسب، بل يمنح كذلك إعفاءات على ضرائب الميراث الخاصة بالأصول الخارجية، بحسب ما ذكرت بلومبرغ. وإذا قرر أحد الأثرياء الأجانب أن يصبح مُقيمًا دائمًا في إيطاليا، فغالبًا ما يواجه ضريبة ميراث لا تتعدى نسبتها 8%، مقارنة بنسبة المملكة المتحدة التي تبلغ عادة 40%.
Pexels
وقد ساهمت هذه الحوافز، إلى جانب الطقس المعتدل ونمط الحياة الأكثر استرخاءً، فضلًا عن ازدهار المطاعم والفنادق الفاخرة خلال السنوات الماضية، في جعل إيطاليا وجهة أكثر جذبًا للأثرياء الذين يفكرون في الانتقال والاستقرار.
ولا يقتصر هذا التحول على أفراد من طبقة الأثرياء، بل يشمل أسماء بارزة في عالم الاستثمار. إيليو ليوني شيتّي، المدير التنفيذي السابق لشركة EMI Music والمؤسس المشارك لشركة استثمارية، اتخذ من إيطاليا موطنًا جديدًا له بعد سنوات من العمل الدولي.
كما أن ناصف ساويرس، أغنى رجل أعمال في مصر ومالك نادي أستون فيلا الإنجليزي، انضم بدوره إلى هذا الاتجاه، مقسّمًا وقته بين أبو ظبي وإيطاليا. كما انتقل بارت بيخت، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة Reckitt Benckiser، إلى الدولة المتوسطية بعد أن عاش في المملكة المتحدة.
لطالما كانت التغييرات في نظام غير المقيمين الدائمين في المملكة المتحدة قيد الدراسة منذ فترة. ففي البداية، كانت خطط عام 2024 التي وضعها حزب المحافظين الحاكم تهدف إلى إلغاء هذا النظام الذي مكّن الأثرياء من تجنّب دفع الضرائب على الدخل المكتسب خارج البلاد.
وجاءت حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، التابعة لحزب العمال، لتضيف مزيدًا من التعديلات، بإلغاء الإعفاءات الضريبية على الميراث في الأصول الموجودة في الصناديق الخارجية. وبحسب وزارة الخزانة البريطانية، من المتوقع أن تُسهم هذه التعديلات في زيادة الإيرادات الحكومية بأكثر من 5.3 مليار دولار.
ثمة حاليًا نحو 75 ألف من غير المقيمين الدائمين يتخذون من المملكة المتحدة مقرًا لإقامتهم، ويسهمون بأكثر من 10.6 مليار دولار في عائدات الضرائب سنويًا، وفقًا لما ذكرته بلومبرغ. لكن في حال استمرت مغادرة الأثرياء من البلاد، ستخسر المملكة المتحدة ما يقارب 147.5 مليار دولار من اقتصادها، بحسب تقديرات مركز آدم سميث للأبحاث الاقتصادية.