يبدو أن قطاع التجزئة الفاخرة أصبح ساحة مفتوحة للهجمات السيبرانية. فبعد الاختراق الذي طال فيكتوريا سيكرت، وتأكيد اختراق كلمات مرور تخصّ زبائن نورث فيس The North Face، وبيانات زبائن ديور في الصين، جاء الدور على دار كارتييه، الاسم العريق في عالم الساعات والجواهر، التي اعترفت أخيرًا بتعرّض أنظمتها لاختراق أمني مؤقت أتاح لطرف خارجي غير مصرح له النفاذ إلى بيانات خاصة بعدد من الزبائن.

وبدأ بعض الزبائن بالفعل بتلقي رسائل رسمية تُعلمهم بالحادثة، وتؤكد أن المخترقين تمكنوا من الوصول إلى معلومات محدودة تشمل الاسم، والبريد الإلكتروني، والدولة. ورغم طمأنة الشركة بأن بيانات الدفع وكلمات المرور لم تُمسّ، إلا أن مجرد التسريب، ولو بمستوى جزئي، يكشف مدى هشاشة البنى التحتية الرقمية لدى الدور التي تبني صورتها على مفاهيم الحصرية والدقة. 

هذا الخرق يُعيد إلى الواجهة مسألة الأمن السيبراني لدى العلامات في قطاع المنتجات الفاخرة، ويطرح تساؤلات جدية حول قدرتهم على حماية البيانات الحساسة، خصوصًا في ظل ازدياد الاعتماد على المنصات الرقمية، والاتجاه المتسارع نحو التجارة الإلكترونية.

تحوّل في بوصلة الهجمات من بريطانيا إلى الولايات المتحدة

تكتسب الهجمات السيبرانية على قطاع التجزئة بعدًا جديدًا في المملكة المتحدة، حيث لا تزال تداعيات الاختراق الهائل الذي طال سلسلة ماركس آند سبنسر Marks & Spencer تُلقي بظلالها على المشهد التقني والاقتصادي. 

فقد تتجاوز كلفة هذا الاختراق 400 مليون دولار، بحسب إفصاح رسمي في بورصة لندن. في هذا السياق المأزوم، يبدو أن الأنظار قد تحوّلت إلى علامات أمريكية وأوروبية فاخرة، مثل كارتييه، لتكشف ضعفًا بنيويًا آخذًا في الاتساع في جدران الحماية الرقمية.

وفيما تتنامى شهية القراصنة لبيانات الزبائن الفاخرة، يحذّر الخبراء من تحول هذا النوع من الاختراقات إلى ظاهرة مقلقة. ويؤكد جيمس هادلي، الرئيس التنفيذي للابتكار في شركة إيميرسيف Immersive، أن قطاع التجزئة وخصوصًا في الفئات الفاخرة، بات يمثل أرضًا خصبة للهجمات الإلكترونية. 

ويقول هادلي: "إن توالي حوادث الاختراق، مقرونًا بالنتائج السريعة التي يجنيها القراصنة، قد عزّز ثقتهم في سهولة استهداف هذا القطاع، الذي يفيض بالمعلومات الحساسة؛ لكنه يفتقر إلى البنية الدفاعية الصلبة".

حتى اللحظة، لم تُفصح دار كارتييه سوى عن الحد الأدنى من التفاصيل، مكتفية بالتأكيد على احتواء الحادثة والتنسيق مع الجهات المعنية. كما دعت الزبائن إلى الحذر من أي رسائل مريبة أو محاولات تواصل مشبوهة، في إشارة إلى إمكان استغلال البيانات المُسرّبة في هجمات تصيّد أو انتحال هوية.