بالرغم من أن بوغاتي تعثّرت وعاودت النهوض أكثر من مرة خلال تاريخها الممتد 116 عامًا، إلا أنها واصلت ترسيخ معايير السيارات الخارقة التي اقتضت في كل نسخة منها مجموعة جديدة من الأوصاف الخارقة. لذا كان من المناسب أن تختتم العلامة الفرنسية حقبة محرك W16 الثوري بتطوير سيارة ميسترال Mistral التي شكلت تحية للقيادة في الهواء الطلق وسجلت أخيرًا رقمًا قياسيًا عالميًا للسرعة في فئة السيارات بلا سقف بلغ 282 ميلاً في الساعة. قُدمت هذه السيارة، التي يبدأ سعرها من نحو 5.8 مليون دولار، في عام 2022، وقد بيعت النسخ التسع والتسعون منها كلها، وبدأ تسليمها في فبراير الماضي، ما أتاح لنا في مجلة Robb Report فرصة اختبارها.

صحيح أن سيارة رودستر الجبّارة هذه تستخدم المحرك نفسه المعزز بأربعة شواحن توربينية لإنتاج قوة 1,578 حصانًا، والمستخدم في طراز Chiron Super Sport 300+، لكنها استفادت من عناصر بصرية مثيرة مثل مآخذ الهواء والمنحنيات والفتحات التي تمنحها طابعًا أكثر جاذبية بالمقارنة مع شقيقتها انسيابية الخطوط. أما التغيير الدرامي الأبرز، فيتجلّى في المؤخرة المنحوتة بعناية والتي تتزيّن بلمسات على شكل الحرف X  تذكّر بطراز بوليد Bolide المخصص للحلبات. 

يضفي هذا التصميم الخارجي على سيارة ميسترال شخصية مستقلة بما يكفي لتبدو خارجة عن المألوف، فيما المقصورة التي تتدثّر بالجلد تكشف عن عناصر مألوفة: مقياس تناظري للسرعة يصل مداه إلى 500 كيلومتر في الساعة (310 أميال/الساعة)، وجلود فاخرة لا مثيل لها، وأزرار معدنية باردة الملمس، ونسخة مصغرة من منحوتة الفيل الراقص لرامبرانت بوغاتي، مدمجة في عصا ناقل الحركة. من خلف المقود، يثير انتباهي التناقض بين شراسة ميسترال المنضبطة وهدوء التصميم الداخلي المبسّط. 

ينتج محرك W16، المدعوم بأربعة شواحن توربينية، نحو 1600 نيوتن متر من قوة عزم الدوران.

Daniel Wollstein

ينتج محرك W16، المدعوم بأربعة شواحن توربينية، نحو 1600 نيوتن متر من قوة عزم الدوران. 

مهما بلغ عدد السيارات الخارقة التي قدتَها، تظل ميسترال تبهرك بقوتها المدهشة عند الضغط على دواسة الوقود بأدنى قوة ممكنة: لمسة خفيفة كافية لتندفع بك السيارة إلى الأمام، فيما الضغط على الدواسة حتى مسافة الربع يجعلك تخال أنك تطير فوق الطريق. أما إذا ضغطت دواسة الوقود حتى النهاية، فإنك ستنهب الطريق نحو الأفق محققًا التسارع إلى 62 ميلاً في الساعة خلال 2.4 ثانية. بل إن الوصول السهل إلى هذه السرعة يستأثر بالحواس فيما يتعزز هذا الإحساس بسبب التجربة الصوتية متعددة الطبقات: صفير الهواء المتجه إلى المحرك، وهسيس الشواحن التوربينية، وتنهد صمامات التنفيس، وهدير منخفض عميق لعملية الاحتراق يتردد عبر فتحة العادم الكبيرة التي تتخذ شكل شبه المنحرف.

نسخة مصغرة من منحوتة الفيل الراقص لرامبرانت بوغاتي، مدمجة في عصا ذراع التبديل.

Daniel Wollstein

نسخة مصغرة من منحوتة الفيل الراقص لرامبرانت بوغاتي، مدمجة في عصا ذراع التبديل. 

وعلى غير ما هو عليه حال سيارة الكوبيه المغلقة شيرون، التي تحتجزك داخل شرنقة تعزلك عن العمليات الداخلية، تُغرقك بوغاتي ميسترال في حمّام صوتي ميكانيكي خام، لا يخفف من حدّته سوى كاسر الرياح القابل للتركيب مباشرة خلف منطقة المقاعد (مثبّت في النسخ المخصصة لأمريكا الشمالية) للحد من الاضطراب الهوائي داخل المقصورة وتوجيه تدفق الهواء بعيدًا عن الركاب. لا تتيح لك هذه التجربة أن تدرك على الفور تفرّد محرك W16 فحسب، بل تُبرز في الوقت نفسه القوى الهائلة التي تسمح لسيارة ميسترال بلوغ سرعة تقترب من 300 ميل في الساعة فيما السقف مكشوف، وهو ما يُعدّ إنجازًا مذهلاً على المستويين الحسي والديناميكي، ويرسّخ مكانة ميسترال بوصفها أسرع سيارة رودستر في العالم (ويُقدَّم السقف القابل للإزالة بوصفه خيارًا احتياطيًا للحماية من الأحوال الجوية). 

تتباهى المقصورة، التي تتدثر بكسوة جلدية، بمعاني أناقة غير متكلفة.

Daniel Wollstein

تتباهى المقصورة، التي تتدثر بكسوة جلدية، بمعاني أناقة غير متكلفة.

تأسرك بوغاتي ميسترال بثباتها الرشيق وقيادتها الانسيابية فيما تغلق فصلاً أخيرًا من رؤية فرديناند بييش المتأخرة لابتكار السيارة المثالية، تلك الرؤية التي أطلقها عندما كان على رأس مجموعة فولكس فاغن، ووافق على تطوير طراز بوغاتي فيرون عام 2005. كان بييش يؤمن بمحرك W16 لما يتيحه من كفاءة في استغلال المساحة وحسن توزيع المكوّنات، وقد أصرّ على أنه لا وجود لتكوين هندسي آخر يمكنه تحقيق الطموحات الخارقة للعلامة.

تستطيع سيارة ميسترال التسارع من صفر إلى 62 ميلاً/الساعة في غضون 2.4 ثانية.

Daniel Wollstein

تستطيع سيارة ميسترال التسارع من صفر إلى 62 ميلاً/الساعة في غضون 2.4 ثانية. 

اليوم يحمل الموهوب ماتي ريماك شعلة بوغاتي نحو المستقبل، ويكشف النقاب عن طراز توربيون Tourbillon الجديد القادر على إنتاج قوة 1,800 حصان، والذي يعتمد على منظومة دفع تبدو بمنزلة قفزة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء في الوقت نفسه: ثلاثة محركات كهربائية مدعومة بمحرك V-16 يعمل بالسحب الطبيعي. ومن هذا المنظور، تستحق ميسترال مكانتها في التاريخ بوصفها جسرًا مذهلاً يربط بين حقبتين أسطوريتين.