قبل الشروع في سرد تفاصيل تجربة قيادتنا سيارة رولز- رويس سبيكتر Rolls – Royce Spectre وكيف تنساب هذه المأثرة الهندسية والميكانيكية على الطريق، ربما ينبغي لنا أن نبدأ بالحديث عن منظومة الدفع التي جُهزت بها أول مركبة كهربائية بالكامل يتوّج مقدّمتها شعار روح السعادة، أو عن التعديلات التي خضع لها هذا الشعار على مستوى التصميم لتلبية متطلبات القيادة الانسيابية، أو غيرها من الأمور البدهية، كحقيقة أنّ سبيكتر هي باكورة جيل جديد من السيارات العاملة بالطاقة النظيفة التي ستسيطر على كامل إنتاج رولز- رويس بحلول العقد المقبل.

الرقي والانسيابية

على أن ما خبرناه عند قيادة سبيكتر يجعلنا أكثر حماسًا للبدء بالثناء على ذلك المزيج من الرقي والانسيابية في الحركة التي يستشعرها السائق ومرافقوه، ليتأكد بذلك أن قيم التميّز التي لطالما تمتعت بها سيارات رولز- رويس لا تقتصر على فخامة الشكل وجودة التصنيع فحسب، بل تتعداهما إلى النبل في الحركة.

فسواء أكانت الحركة انطلاقة سريعة نحو الأمام، أم التفافًا قاسيًا عند أحد المنعطفات أم كبحًا من سرعة عالية نسبيًا، فإنّ سبيكتر تؤدي مهمتها برقي يتماهى مع عظمة حضورها المهيب على الطريق.

تتميز سبيكتر بمظهر مهيب، وسطح منحدر من الخلف أكثر بروزًا.

BEEAH Headquarters \ Rolls-Royce Motor Cars Dubai, AGMC
تتميز سبيكتر بمظهر مهيب، وسطح منحدر من الخلف أكثر بروزًا.


عند الضغط على دوّاسة التسارع للانطلاق، تتحرك السيارة إلى الأمام بسرعة ولكن ليس بعنف على ما يحدث عادةً مع مركبة كهربائية تتمتع بالقدر نفسه من القوة. هذا ما هو عليه الحال أيضًا عند الانعطاف الذي يُنفذ بمستويات ثقة وأمان لا تتوقعها من سيارة قادرة على عزل مقصورة القيادة عن تعرّجات الطريق مثلما تفعل جديدة رولز- رويس هذه.

أما عند الرغبة في التوقف بشكلٍ مباشر ومن سرعة عالية نسبيًا، فتتمكّن المكابح من لجم السيارة بشكلٍ محكم من دون أن توحي بأنها تبذل جهدًا كبيرًا لإيقافها، ومن دون تسجيل أي غوص للمقدمة. باختصار، يمكننا القول إنّ سبيكتر ليست الأكثر راحة فحسب بين المركبات الكهربائية التي تسير على أربع عجلات، بل أيضًا بين أي شيء يتحرك من نقطة إلى أخرى.

يزهو العداد التناظري للاتصال بنظام المعلومات والترفيه بنقش لمجسم روح السعادة.

Rolls-Royce
يزهو العداد التناظري للاتصال بنظام المعلومات والترفيه بنقش لمجسم روح السعادة.


والحقيقة هي أن هذه الانسيابية التي تستثير الانبهار ليست نتيجة عمل نُفذ في عالم الخيال، ولو أنّ السيارة توحي بذلك، بل بفضل الهندسة المتطورة للسيارة.

إذ يعمل نظام إلكتروني على تنسيق فعالية جهاز التعليق تبعًا لمعلومات ترد إليه بدقة من مدخلات السائق وحالة الطريق لتوفير مستويات الخمد المناسبة، والتي تضمن أعلى قدر من التوازن بين التماسك والراحة.

وبذلك يمكن للنظام فصل القضبان المضادة للدوران، ما يُتيح لكل عجلة التحرك بشكلٍ منفصل، والحد من تأرجح السيارة بسبب اصطدام جانب منها بسطح متعرّج على الطريق. في المقابل، ما إن تكشف البيانات عن وجود منعطف قريب، حتى يجري ربط العناصر من جديد، وتعود المخمدات إلى الوضع الأقسى الذي يسمح بالسيطرة على جسم السيارة ومقاومة التحدي الديناميكي للانعطاف، فيما يتحضّر نظام التوجيه الرباعي للعمل حرصًا على اجتياز المنعطف بدقة.

تحاكي بطانة السقف المميزة للعلامة سماء الليل المرصعة بالنجوم.

Rolls-Royce
تحاكي بطانة السقف المميزة للعلامة سماء الليل المرصعة بالنجوم.


على صعيد قوة الدفع، جُهّزت سبيكتر بمحركين كهربائيين بقوة 577 حصانًا وقوة عزم دوران تبلغ 900 نيوتن متر. ويدعم المحركين نظام بطاريات (يبلغ وزنه 700 كيلوغرام فيما قدرته تساوي 102 كيلو واط/الساعة)، جرى دمجه في مفهوم "هندسة الفخامة" من رولز – رويس. وبذلك تستطيع سبيكتر التسارع من صفر إلى 100 كيلومتر/الساعة في غضون 4.5 ثانية، فيما تبلغ المسافة التي يمكنها اجتيازها في الشحنة الواحدة حوالي 520 كيلومترًا.

مظهر مهيب

أما في ما يتعلق بالمظهر الخارجي، فإن تصميم سبيكتر يتميّز بحزام مرتفع للغاية مع مساحات زجاجية ذات تصميم ناعم.

وزجاج خلفي مستلهم من عالم القوارب الفاخرة، بسطح منحدر أكثر بروزًا لتكريس خطوط جانبية توحي بالسرعة وتعزز الطابع الأنيق للسيارة. أما شبكة التهوية الأمامية، فوظيفتها في سبيكتر إبراز الحضور المهيب أكثر منه خدمة لضرورة وظيفية، إذ إنّ المجموعة الحركة الكهربائية لا تحتاج إلى القدر نفسه من التبريد الذي تقتضيه محركات الاحتراق الداخلي.

يتألق نظام "أبواب ستارلايت"، المستخدم لأول مرة، بضياء 4,796 مصباح LED.

Rolls-Royce
يتألق نظام "أبواب ستارلايت"، المستخدم لأول مرة، بضياء 4,796 مصباح LED.


في القسم الخلفي من السيارة، أول ما يلفت الأنظار هو مصابيح التوقف التي تتمايز على نحو جلي عمّا هي عليه في مركبات الصانع الأخرى، إذ ارتفعت معها مستويات التميز والابتكار على نحو يُنبئ بأنّ نمط تصميمها سيعرف طريقه إلى ابتكارات رولز- رويس المستقبلية. 

على أن ضمان الحضور المهيب على الطريق لم يكن المعيار الوحيد الذي حرص الصانع البريطاني على مراعاته في تصميم سبيكتر.  فالهدف الأبرز كان الإتيان بتصميم يحقق قدرًا أكبر من الكفاءة الانسيابية مقارنةً بما هو عليه الحال في أي طراز آخر من رولز- رويس. وفي هذا السياق، أعيد ابتكار مجسّم روح السعادة الشهير، الذي لم تتغير ملامحه طيلة 111 عامًا. فمع الأخذ في الحسبان بقوانين الانسيابية الهوائية، أصبح موقع المجسّم أكثر انخفاضًا، وبدلاً من الانحناء في اتجاه الريح مع وضع القدمين متلاصقتين، بات المجسّم يتمايز بساقين مثنيتين وقدم تتقدّم الأخرى بعض الشيء.  

تستطيع سيارة سبيكتر التسارع إلى 100 كيلومتر/الساعة في غضون 4.5 ثانية.

BEEAH Headquarters \ Rolls-Royce Motor Cars Dubai, AGMC
تستطيع سيارة سبيكتر التسارع إلى 100 كيلومتر/الساعة في غضون 4.5 ثانية.

مقصورة سبيكتر

في الداخل، توفر مقصورة سبيكتر مساحة تتسع لأربعة أشخاص مع مقاعد منفصلة في كلا الصفين. وأي شخص على دراية بالتصاميم الداخلية لطرز رولز- رويس العصرية سيجد هنا تصميمًا مشابهًا، وهذا بطبيعة الحال ليس إلا أمرًا مفضلاً، إذا يؤكد أنّ سمات رولز- رويس المميزة ستستمر في عصر الكهرباء. ولكن هذا لا يعني أنّ الشركة لم توفر ما يميز مقصورة سبيكتر: فبالإضافة إلى بطانة السقف المميزة للعلامة والتي تحاكي سماء الليل المرصعة بالنجوم، تزهو ألواح أبواب سبيكتر الداخلية بإنارة مماثلة مع أضواء مصدرها مصابيح LED صغيرة تتلألأ في المنطقة المحيطة بمساند الأذرع.

تزهو مقصورة السيارة بلوحة عدادات رقمية بالكامل، وهي سابقة في تاريخ الصانع.

BEEAH Headquarters \ Rolls-Royce Motor Cars Dubai, AGMC
تزهو مقصورة السيارة بلوحة عدادات رقمية بالكامل، وهي سابقة في تاريخ الصانع.


وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ حال مقصورة سبيكتر هو كحال مختلف سيارات رولز- رويس في مجال التخصيص، إذ يمكن للزبائن توضيب المقصورة كما يحلو لهم وبخيارات لا تُحصى. فالمقعد الأمامي الجديد بالكامل على سبيل المثال يحمل تصميمًا مستوحى من أسلوب الخياطة البريطاني، مع أجزاء مطوية يمكن طلبها بألوان متناغمة أو مطابقة للقاعدة الرئيسة.

على ما كان متوقعًا من أول سيارة كهربائية تحمل شعار رولز- رويس، تتباهى سبيكتر بمختلف السمات التي عهدناها من الصانع البريطاني الذي وضع منذ نشأته معايير خاصة به في مجالي الفخامة والرقي. لكنّ ما يُحسب للعلامة أيضًا هو نجاحها في الإتيان بمركبة كهربائية صامتة لكن رشيقة. بل إن محرري مجلة Robb Report رأوا، في سياق مسابقة سيارة العام لدورة 2024 أن سبيكتر هي "أفخم سيارة في هذا القرن حتى الآن"، مبررين موقفهم بالإشارة إلى أنها تعيد صياغة ملامح العلامة الشهيرة من دون تغيير هويتها قيد أنملة.