في رحلة جوية حديثة، خضعت طائرة سيروس إس آر Cirrus SR22 في منطقة خليج كاليفورنيا بالولايات المتحدة، لاختبار مباشر لنظام الهبوط الذاتي Safe Return.
فقد تخلت الطيارة آيفي ماكايفر، التي تشغل منصب المديرة التنفيذية لخط إنتاج طائرات SR عن التحكم بعصا القيادة، لتستعرض أداء نظام الهبوط الذاتي الجديد "العودة الآمنة" من سيروس.
جرى تنفيذ التجربة ضمن سيناريو افتراضي لمحاكاة حالة طارئة يكون فيها الطيار غير قادر على استكمال الرحلة، وجرى خلالها تفعيل زر Safe Return الأحمر من قِبل أحد الركّاب، ليتولى النظام مسؤولية الهبوط بالكامل من دون أي تدخل بشري.
وقد أعلنت الشركة أخيرًا عن هذا التحديث المستند إلى تكنولوجيا Autoland من شركة غارمن Garmin بوصفه الميزة الأبرز في سلسلة طائراتها الجديدة SR Series G7+ والتي تمثل الجيل السابع المُطوّر من طائرات SR20 وSR22 وSR22T. وتُعد طائرة SR22، التي يبلغ سعرها 1.2 مليون دولار، أول طائرة في العالم بمحرك من نوع Piston مزودة بنظام Autoland.
نظام العودة الآمنة Safe Return من Cirrus
بمجرد الضغط على الزر الأحمر المسمى "العودة الآمنة"، وخلال ثوانٍ معدودة، يفعّل هذا الزر شبكة معقدة من المحركات الآلية، والمشغلات، وأنظمة الاتصالات، والخوارزميات المدعومة بـالذكاء الاصطناعي.
صمم نظام العودة الآمنة ليقوم بعملية هبوط كاملة تلقائيًا، إذ إنه يمكّن أنظمة الطائرة من اختيار أقرب مطار مناسب، مع تجنّب الأحوال الجوية السيئة عند الحاجة، وإرسال إشارات استغاثة، والتواصل مع برج المراقبة، ثم الهبوط بالطائرة. وبمجرد أن تلامس الطائرة أرض المطار، تتوقف تمامًا عن الحركة، ما يسمح لفرق الطوارئ بالوصول إليها بأمان.
Cirrus
رغم أن عمليات الهبوط التلقائي بالطيار الآلي تُستخدم منذ فترة في الطائرات التجارية، إلا أن التكنولوجيا المعقدة والمكلفة التي تتيح لطائرة مثل 747 أن تهبط بنفسها بدأت تتسلل تدريجيًا إلى الطائرات الخاصة، مثل Cirrus Vision Jet، وذلك بفضل الأنظمة الرقمية التي تتحكم في الطيران بها.
وقد طُرحت تكنولوجيا الهبوط الآلي لهذه الطائرة في عام 2020، وامتد استخدام النظام لاحقًا ليشمل طائرات نفاثة وتوربينية فاخرة مثل Piper M700 وDaher TBM.
أما طائرة SR22 ذات المحرك المروحي، والتي استُخدمت بوصفها نموذجًا للاختبار، فقد كان من الأصعب تكييف النظام معها نظرًا لاعتمادها على دواسات سرعة وأنظمة تحكم طيران ميكانيكية تربط أدوات التحكم في المقصورة مباشرة بالأجنحة والمقود عبر وصلات ميكانيكية. وقد تطلب إدخال نظام "العودة الآمنة" على هذا الطراز تنفيذ عدد لا يحصى من تجارب الهبوط من أجل ضبط أداء النظام بدقة.
قال بن كوالسكي، نائب الرئيس الأول للمبيعات والتسويق في شركة سيروس، في حديثة لمجلة Robb Report: "لا أريد أن أقول إن العثور على المطار وتفادي الأحوال الجوية كان أمرًا سهلاً، لكن في العموم، الدقة وردود الفعل السريعة تكون أكثر أهمية عندما نقترب من الأرض. لقد قمنا بعدد هائل من عمليات الهبوط وقمنا بضبط النظام بعناية".
ويتضمن نظام العودة الآمنة أيضًا تحديثات برمجية وميزات أمان إضافية، مثل القدرة على التعرف على إشغال المدرج runway-occupancy awareness، لضمان عدم الهبوط على مدرج مشغول بطائرة أخرى أو عائق.
كما تطلب النظام إضافة مقياس ارتفاع راداري radar altimeter لضبط الهبوط بدقة أكبر، بالإضافة إلى مُعزز إضافي للمكابح يضمن توقف الطائرة بشكل محكَم وآمن، وإمكانية إلغاء العملية خلال أول 10 ثوانٍ من التفعيل أو في أي لحظة قبل الهبوط.
صُمم نظام "العودة الآمنة" أيضًا لبدء الهبوط تلقائيًا في حال لم يُدخل الطيار أي أوامر لمدة تزيد على 30 دقيقة في أثناء الطيران على الارتفاعات المعتادة، أو خلال فترات زمنية أقصر عند التحليق على ارتفاعات عالية، حيث يزداد خطر الإصابة بنقص الأكسجين.
Cirrus
وبمجرد تفعيل النظام، تبدأ لوحات الملاحة الإلكترونية في طائرة SR بعرض سلسلة من الرسائل التي تؤكد أن نظام Autoland نشط، وأنه جرى إبلاغ برج المراقب، بالإضافة إلى تعليمات مصورة تتضمن خطوات مثل التأكد من ربط أحزمة الأمان وانتظار فرق الطوارئ بعد توقف الطائرة.
تُعرض على الشاشات أيضًا معلومات أساسية مثل موقع الطائرة بالنسبة للمدرج، والمسافة المتبقية إلى مطار الوجهة، وكمية الوقود المتبقي.
استغرقت عملية الهبوط الآلي خلال التجربة 10 دقائق فقط، ونجحت الطائرة في الهبوط بسلاسة. وقد جرى تعديل أسلوب الهبوط ليتماشى مع احتمالية تكوّن الجليد على الأجنحة، ولهذا يعتمد زاوية اقتراب أكثر انحدارًا.
كما استخدم النظام سرعة هبوط تبلغ 95 عقدة بدلاً من السرعة التقليدية البالغة 80 عقدة، مع ضبط الجنيحات (flaps) على 50% بدلاً من الوضع الكامل كما في عمليات الهبوط التقليدية.
وسيكون نظام "العودة الآمنة" جزءًا أساسيًا في طرز SR Series G7+ الجديدة. تُعد طائرات سيروس ذات المحرك المروحي، والتي تتصدر المبيعات في فئتها منذ 23 عامًا، خيارًا شائعًا بين الطيارين الهواة وأصحاب الأعمال الصغيرة على حد سواء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ميزات الأمان مثل نظام المظلة الهيكلية للطائرة CAPS الذي ساهم على مدار السنوات في إنقاذ 132 طائرة.
وفيما قد تكون قيمة الطائرة SR22 المزودة بهذه التقنية مرتفعة، فإن الشعور بالأمان في حالات الطوارئ لا يُقدّر بثمن.