أضافت دار سوذبيز فصلًا جديدًا إلى تاريخ المزادات الفنية البريطانية ببيع لوحة Beside the Stream (بجانب الجدول) للفنانة لورا نايت، إحدى أبرز الأسماء النسائية في حركة الانطباعية البريطانية، مقابل نحو 570 ألف دولار أمريكي، متجاوزة التقديرات الأولية التي راوحت بين 190 ألف و250 ألف دولار، محققة بذلك أكثر من ضعف السعر المتوقع.
وتمت عملية البيع خلال جلسة مزاد أُغلقت في 3 يوليو 2025، مؤكدة استمرار الزخم حول أعمال نايت وسحرها المتجدد في سوق الفن العالمي.
لوحة Beside the Stream.. تحفة بصرية من العصر الذهبي لكورنوال
تُجسّد هذه اللوحة الزيتية واحدة من أبهى اللحظات التي عاشتها لورا نايت خلال إقامتها في مقاطعة كورنوال بين عامي 1907 و1918، في ذروة نضجها الفني.
يُصوّر المشهد فتاتين على ضفاف جدول مزهر في لامورنا كوف Lamorna Cove..
تحت شمس الظهيرة المتوهّجة؛ إحداهما تغفو على العشب وهي تقرأ كتابًا، فيما تتكئ الأخرى على مظلّة صينية كبيرة تحميها من الضوء.
وفي مذكراتها التي حملت عنوان Oil Paint and Grease Paint (الطلاء الزيتي والطلاء المسرحي)، استحضرت نايت تلك المرحلة بقولها: "ازددت جرأة، وبدأت أرسم بطريقتي وحدي. شعرت بحرية أعظم. كنت أريد أن أرسم العالم كله، وأقول كم هو رائع أن تكون شابًا وقويًا وتغمر القماش بالألوان بلا تردد".
Sotheby’s
عُرفت لورا وزوجها الفنان هارولد نايت بدورهما المحوري في مجتمع الفنانين في كورنوال، حيث تأثرا بالضوء الفاتن والمناظر الطبيعية الغنية. وقد شكلت منطقة لامورنا ذات الطبيعة الساحرة مصدر إلهام متكرر في أعمالها، على ما يظهر في هذه اللوحة.
تحمل اللوحة أيضًا قيمة إنسانية وشاعرية لافتة، إذ يُعتقد أن العارضة على الجانب الأيمن (ترتدي الأبيض) هي فلورنس كارتر-وود التي كانت على علاقة وثيقة بالثنائي نايت، وارتبطت لاحقًا بالفنان ألفرد مانينغز، وتُعد قصتها من أكثر القصص مأساوية في تاريخ مجتمع الفنانين البريطانيين، إذ أنهت حياتها في عام 1914 بعد زواج فاشل وحبّ مؤلم لم يُكتب له الاكتمال. وقد غابت سيرتها لاحقًا عن روايات نايت ومانينغز.
أسلوب نايت في لوحة Beside the Stream يجسّد ما وصفه النقاد بالهجوم الفني المفعم بالطاقة، بحسب ما ورد في مراجعة نُشرت في مجلة Votes for Women (أصوات من أجل النساء) عقب معرضها في صالات ليستر عام 1912، حين لاقت أعمالها احتفاء نقديًا لافتًا، وتحديدًا لما تحمله من حسّ موضوعي وألوان مشبعة بالضوء.
ويُعد هذا العمل شهادة على ما بلغته نايت من نضج فني وشخصي في تلك المرحلة، إذ تحتفي اللوحة الفنية بالحياة، والأنوثة، والطبيعة في توازن بصري دقيق.
والنتيجة المحققة في مزاد سوذبيز تُعيد التأكيد على استمرارية حضور لورا نايت في سوق الفن العالمي، بوصفها صوتًا بصريًا نسويًا متفرّدًا سعى إلى التقاط الجمال من قلب التجربة.