لا يقتصر إرث بيل غيتس على ابتكار البرمجيات أو تأسيس إمبراطورية مايكروسوفت، بل يمتد إلى عالم آخر ينسج فيه ملامح الفخامة والخصوصية عبر محفظة عقارية مترفة. قصور ومنازل بيل غيتس ليست مساكن تقليدية، بل أيقونات معمارية تجسّد لقاء التقنية مع الفخامة والطبيعة مع العزلة.
ونستعرض في ما يأتي المحفظة العقارية للملياردير الأمريكي، الممتدة من ضفاف واشنطن إلى ملاذاته في كاليفورنيا وفلوريدا ومونتانا، حيث يعيد غيتس تعريف مفهوم السكن الراقي في كل محطة.
زانادو 2.0.. القصر الأسطوري على ضفاف واشنطن
منذ منتصف التسعينيات، اتخذ بيل غيتس من قصره المعروف باسم زانادو Xanadu 2.0 مقرًا رئيسًا لإقامته، ليصبح أيقونة في عالم العقارات مثلما هو غيتس نفسه في عالم التقنية.
يمتد هذا الصرح المعماري على مساحة هائلة تصل إلى 66 ألف قدم مربعة في مدينة ميدينا، إحدى أرقى ضواحي سياتل، ويطل مباشرة على بحيرة واشنطن. صُمم المنزل بمواد طبيعية من الخشب والزجاج والحجر والخرسانة، ليبدو كأنه جزء من التلال المحيطة، فيما تكشف الواجهات الزجاجية الواسعة عن إطلالات نحو المدينة وسلاسل جبال الأولمب.
شارك في هندسة القصر اثنان من أبرز المعماريين الأمريكيين، جيمس كتلر وبيتر بولين، فيما تولّى المصمم الفرنسي الشهير تييري دوبون صياغة الديكورات الداخلية.
والنتيجة كانت مزيجًا مذهلاً بين التقنية والفخامة: مكتبة مقببة تعرض مخطوطة أصلية لليوناردو دافنشي، وقاعة استقبال تستوعب 150 ضيفًا، ومسبح بطول 60 قدمًا مزود بنظام صوتي تحت الماء، وقاعة للقفز على الترامبولين، إلى جانب جدران فيديو عالية التقنية تغطي المساحات.
وحتى اليوم، يظل القصر، الذي تُقدّر قيمته بنحو 130 مليون دولار أمريكي، رمزًا لطريقة غيتس في الجمع بين الآفاق المستقبلية والخصوصية، محاطًا باثني عشر عقارًا مجاورًا اشتراها لتعزيز عزلته الكاملة.
Steve Ringman / The Seattle Times
يلوستون كلوب.. الهروب إلى الجبال
في بيغ سكاي بولاية مونتانا، يُعد يلوستون كلوب Yellowstone Club واحدًا من المجتمعات الأكثر خصوصية على مستوى العالم، يجمع بين التزلج والغولف وسط طبيعة جبلية ساحرة.
هناك، يمتلك غيتس عقارًا مترفًا يمتد على مساحة 2.76 فدان، يضم منزلاً من ثماني غرف نوم بمساحة تقارب 7,000 قدم مربعة.
قُدرت قيمة العقار في 2024 بنحو 29.4 مليون دولار أمريكي، لكنه يتجاوز كونه مجرد استثمار عقاري. فهو ملاذ جبلي يعكس شغف غيتس بالطبيعة النقية وبأنماط الحياة التي تمنح الرفاهية معنى جديدًا.
ورغم انتقال الملكية إلى صندوق ائتماني بعد الطلاق، إلا أن وجوده داخل هذا المجتمع الفريد يُعد شاهدًا على مكانة يلوستون كلوب بوصفه وجهة لا يملكها سوى القليلين حول العالم.
Yellowstone Club
فلوريدا.. حضور متنوع بين البحر والفروسية
تمتد محفظة بيل غيتس أيضًا جنوبًا إلى ولاية فلوريدا، حيث يتوزع حضوره العقاري بين الجزر الخاصة والملاذات الفروسية.
على جزيرة جوبيتر Jupiter Island، اقتنى غيتس عام 2009 منزلاً فاخرًا يمتد على مساحة 9,500 قدم مربعة مع واجهة بحرية تمتد بطول 200 قدم.
تصميمه المعاصر منح العائلة ملاذًا شاطئيًا استثنائيًا، قبل أن يُباع لاحقًا ويُعاد طرحه في السوق بعد تجديدات واسعة بقيمة مضاعفة وصلت إلى 23.5 مليون دولار أمريكي، ليؤكد ندرة هذه المواقع وقيمتها الاستثمارية المتزايدة.
وفي العام نفسه، أضاف غيتس إلى محفظته فيلا بطابع أوروبي أنيق في هوبي ساوند Hobe Sound، امتدت على مساحة 10 آلاف قدم مربعة فوق أرض ساحلية مساحتها 5.24 فدان. ورغم بيعها عام 2013 بالقيمة نفسها التي اشتراها بها، إلا أنها شكّلت جزءًا من محاولاته لتجربة أنماط معمارية مختلفة في بيئة بحرية.
أما الوجهة الأبرز في فلوريدا، فتتمثل في مزرعة الخيول في ويلينغتون التي شكّلت مركزًا تدريبيًا لابنته جينيفر، الفارسة المحترفة.
على مدى ثلاث سنوات، جرى تجميع المزرعة لتغطي نحو 30 فدانًا بتكلفة قاربت 59 مليون دولار، وتضمنت قصرين مترفين، وبحيرة صناعية، وملعب كرة سلة، وحوضي سباحة، إلى جانب منشآت متطورة للفروسية. ورغم بيع قطعة منها تمتد على مساحة 5.5 فدان عام 2022 مقابل 26 مليون دولار، لا تزال المزرعة تمثل أحد استثمارات غيتس الأكثر خصوصية وفخامة.
Horse Nation
منازل وقصور في كاليفورنيا
في جنوب كاليفورنيا، وتحديدًا في رانشو سانتا في، حقق بيل غيتس واحدًا من استثماراته العقارية الأشد تميزًا. البداية كانت عام 2008، مع منزل أنيق في مجتمع ديل مار كانتري كلوب Del Mar Country Club، يمتد على مساحة 4,300 قدم مربعة، ويضم مسبحًا بمياه مالحة، ومساحات خارجية مصممة للترفيه والاستقبال.
غير أن التحول الأكبر جاء في عام 2014، حين استحوذ غيتس على مزرعة خيول مترامية الأطراف من رائدة الأعمال جيني كريغ.
تمتد هذه الملكية على مساحة 228 فدانًا، لتشكل عالمًا قائمًا بذاته: من مضمار سباق خاص، ومكتب بيطري مجهز، وإسطبلات بمواصفات عالمية، وبساتين زيتون تضفي طابعًا متوسطيًا، وبيت ضيافة مستقل يضمن للزوار خصوصية كاملة.
ولم تمضِ أسابيع حتى عزز غيتس وجوده في المنطقة بشراء عقار إضافي يمتد على مساحة 5,780 قدمًا مربعة ويطل على المحيط مباشرة، ليضيف بعدًا جديدًا من الرفاهية الساحلية إلى محفظته الريفية.
بهذه المجموعة، تحولت رانشو سانتا في إلى أكثر من مجرد وجهة استثمارية في سجل غيتس؛ إنها انعكاس لاهتمامه بالتوازن بين الطبيعة والترف، تلتقي فيها مساحات الفروسية الرحبة مع خصوصية الحياة العصرية.
Del Mar Country Club
ويمتد حضور غيتس إلى إنديان ويلز حيث يمتلك ملاذًا مختلفًا تمامًا، تتجسد فيه الرفاهية في أجواء أهدأ وأكثر دفئًا. اقتنى غيتس القصر عام 1999 مقابل 12.5 مليون دولار أمريكي، داخل مجمع فينتدج كلوب Vintage Club الخاص، أحد أرقى المجتمعات السكنية في الولايات المتحدة، والذي يشتهر بملعبي غولف صممهما الأسطوري توم فازيو، وعضوية لا تقل قيمتها عن 300 ألف دولار.
يمتد العقار على مساحة 13 ألف قدم مربعة، ويضم ست غرف نوم وتسعة حمامات، صُممت لتستوعب حياة عائلية مترفة وتستقبل الضيوف في بيئة من الخصوصية المطلقة. المساحات الداخلية تتوزع بين قاعات معيشة رحبة وتكتمل بواجهات زجاجية تنفتح على مشاهد طبيعية ساحرة، فيما تتيح الحدائق وحوض السباحة مساحة مثالية للراحة تحت شمس كاليفورنيا.
وقد شوهد غيتس بعد الطلاق وهو يمارس أنشطته داخل النادي، في إشارة إلى أن هذه الملكية ربما أصبحت مقرًا شخصيًا له وحده، وملاذًا يعكس طابعه الهادئ مقارنة بضخامة زانادو 2.0.
Shutterstock
وعلى الساحل الغربي لكاليفورنيا، عزز غيتس حضوره بقصر فاخر في ديل مار، اقتناه عام 2020 ليضيف إلى مجموعته فصلاً جديدًا من الفخامة البحرية.
يمتد القصر على مساحة 5,800 قدم مربعة ويضم ست غرف نوم، ويكمن تفرده في انفتاح مساحاته الداخلية مباشرة على الأفق البحري، ليمنح مشهدًا بانوراميًا متواصلاً لا ينقطع.
الملكية لا تقتصر على المنزل الرئيس، بل تتوسع لتشمل بيوت ضيافة مستقلة تضمن الخصوصية للزوار، وبيتًا زجاجيًا للنباتات يضفي لمسة طبيعية داخلية، إلى جانب مسبح واسع وحوض جاكوزي يتسع لعشرة أشخاص، وملعب تنس صُمم ليوازي أناقة القصور الأوروبية.
Vintage Club
أما الداخل، فيكشف عن فلسفة تمزج الراحة بالترف: قاعة سينما خاصة، ومنتجع صحي متكامل، ومساحات استقبال رحبة تتدفق إليها الإضاءة الطبيعية وتعكس زرقة البحر مباشرة.
وبعد انتقاله إلى صندوق ائتماني عقب الطلاق، واصل العقار الخضوع لعمليات تجديد دقيقة حتى عام 2022، ليبقى عنوانًا بارزًا في محفظة غيتس العقارية، ورمزًا لجاذبية ديل مار بوصفها وجهة تجمع بين فخامة العيش وقوة المشهد الطبيعي.