في مشهدٍ تهيمن عليه الشراكات بين العلامات التجارية لتغدو مجرّد وسيلة تسويقية تفتقر إلى الروح، تبرز كاتلر آند غروس Cutler and Gross بوصفها استثناءً نادرًا يكرّس مفهوم الأصالة في التعاون الإبداعي.
وقد ساعدت شراكاتها الأخيرة مع سلسلة أفلام Kingsman، وعلامة التزلج Palace، وصائغ الجواهر البريطاني The Great Frog، وصانع الساعات السويسري بريتلينغ Breitling، في توسيع حضورها خارج نطاق الموضة البصرية التقليدية.
بدأت الشراكة مع بريتلينغ حين سأل جورج كيرن، الرئيس التنفيذي لدار الساعات السويسرية، أحد متاجر البصريات المقابلة لمكاتب الشركة في جنيف عن أفضل العلامات لديهم، فكان الجواب: كاتلر آند غروس.
وسرعان ما تحوّل هذا اللقاء إلى شراكة تصميمية مثمرة. يقول جاك دولي، الرئيس التنفيذي لكاتلر آند غروس، في تصريحٍ لمجلة Robb Report: "بريتلينغ تمتلك هوية قوية جدًا، وكانوا واضحين في رؤيتهم، وهذا خلق نوعًا من التحدي الإيجابي".
استوحى فريق التصميم بضعة عناصر من عالم ساعات بريتلينغ، بداية من العدّادات والحواف المعدنية إلى النقشة المميّزة التي تشبه السوار الشبكي المعدني، حتى المفصلات في الإطار صُمّمت على غرار قفل ساعة Superocean Heritage.
Breitling
لم يقتصر التعاون على عناصر التصميم الخارجي، بل امتد إلى التفاصيل الوظيفية، إذ نُقشت علامة "شجرة الصنوبر" المستوحاة من عقرب الساعة داخل الإطار وأضيفت إليها مادة وضاءة تتيح رؤيتها في الظلام، مع التزام كامل بتتبّع مصادر المواد لضمان الشفافية البيئية والاستدامة.
إلى جانب هذا التعاون، تستعد كاتلر آند غروس لإطلاق مجموعة Knightsbridge Green Titanium Collection في 22 أكتوبر، في ما يُعد تتويجًا لحرفية الدار. تُصنع الإطارات في اليابان من التيتانيوم فائق الخفة، وتستغرق عملية إنتاج الإطار الواحد نحو 400 ساعة من العمل اليدوي، وتُزوّد بعدسات Zeiss الشهيرة، ما يجعلها خفيفة الوزن، ومتينة، ومتوازنة التصميم إلى حدّ الكمال.
أما فلسفة الأصالة التي تقود هذه الدار البريطانية، فليست وليدة اليوم، بل تمتد جذورها إلى أكثر من خمسة عقود، حين تأسست كاتلر آند غروس عام 1969 على يد الصديقين وخبيري البصريات غراهام كاتلر وتوني غروس، وافتتح الثنائي أول متجر لهما في 16 نايتسبريدج غرين في لندن عام 1971. سرعان ما تحوّل المتجر الصغير إلى وجهة للأناقة، وبحلول الثمانينيات، أصبحت نظارات العلامة تزيّن وجوه مادونا وغريس جونز وديبي هاري وريهانا وكيت موس وبيل نايهي ومايكل فاسبندر.
تُصنع نظارات الدار في إيطاليا واليابان على أيدي حرفيين يتقنون فنّ صناعة كل إطار يدويًا وبشكلٍ فردي، بدقّة توازي صناعة الساعات الفاخرة. ويقول دولي: "الأصالة هي المفتاح، فإذا لم تكن هناك صلة حقيقية، يصبح التعاون هشًّا. هناك كثير من العلامات التي تتعاون معًا لأسباب مادية فحسب. أما بالنسبة لنا، فالأمر مختلف تمامًا".
Breitling
ويضيف موضحًا أن الروابط الشخصية كانت وراء العديد من الشراكات الناجحة: "أحد مؤسسي Palace كان من محبي كاتلر آند غروس قبل التعاون. أما مؤسس The Great Frog، فوجد نظارات والده القديمة من العلامة نفسها، ما ألهمه لإعادة التواصل معنا".
لكن الاهتمام المتبادل لا يكفي وحده لخلق شراكة ناجحة. فالتصميم المشترك يحتاج إلى فهمٍ عميق لهوية الطرفين. وفي عذا يقول دولي: "نغوص في عالم الشريك، ونتعرف على مواده وجمهوره وتاريخه. منذ البداية قررنا الابتعاد عن نموذج الترخيص التجاري التقليدي، فكل تعاون لدينا يحمل هوية مشتركة لكلتا العلامتين. فمجرد وضع شعار على منتج لا يجعل التعاون حقيقيًا".
هذا الالتزام بالأصالة يجعل عملية التصميم أكثر تعقيدًا وكلفة، لكنه يثمر منتجًا صادقًا في جوهره، وهو ما ينعكس على تقدير الزبائن له.
فعلى سبيل المثال، يتطلّب تصنيع نظارات واحدة من كاتلر آند غروس نحو 260 ساعة من العمل اليدوي، ما يجعل التفاصيل الدقيقة في الإصدارات التعاونية أكثر إثارة للإعجاب. ويرى دولي أن امتلاك الدار لمصنعها الخاص يمنحها قدرة استثنائية على التحكّم في مختلف مراحل الإنتاج، من صناعة المفصلات والنهايات إلى القوالب المعدنية.