نشر فنان الشارع البريطاني الشهير والغامض بانكسي عبر حسابه على إنستغرام، بعد غياب دام ستة أشهر، صورة لعمل فني جديد في مدينة مرسيليا، جنوب فرنسا، يصور منارة سوداء كُتب عليها بالخط المعكوس عبارة I want to be what you saw in me (أريد أن أكون ما رأيته بي). ويظهر أن شكل المنارة قد تشكّل بسبب ظل ألقت به كتلة حجرية قريبة في الشارع، والتي تشبه بدورها هيئة شخص.
رفض استوديو بانكسي Pest Control، التعليق على الجدارية، لكن العمل أثار الكثير من التكهنات حول المعنى الشخصي المحتمل وراءه، وهو أمر كان بانكسي يتجنبه بشدة طيلة مسيرته المهنية التي حرص خلالها على الحفاظ على هويته مجهولة.
يعتقد متابعو الفنان على إنستغرام أن جدارية المنارة ربما رُسمت في حي لو بانييه بمدينة مرسيليا في جنوب فرنسا، والذي يشتهر بفن الغرافيتي.
لكن فريق BBC Verify تمكّن من تحديد الموقع الحقيقي للعمل، وتبين أن العمل موجود في شارع Rue Félix Frégier في مرسيليا، وهو شارع جانبي في منطقة سان لامبير جنوب الميناء. هذا الشارع يتميز بوجود حواجز مرورية على شكل منارات، وتظهر فيه أيضًا فتحات تهوية مشابهة لتلك الظاهرة في بعض صور عمل بانكسي الجديد.
وفيما يشكّل السياق دائمًا عنصرًا محوريًا في فهم أعمال بانكسي، فإن هذا العمل على وجه التحديد يبدو مُفرغًا من أي دلالات مكانية واضحة، ما يزيد من تعقيد تفسيره. كذلك ظل الزوجان اللذان ظهرا في الصورة المرافقة للجدارية مجهولي الهوية، ما جعل الإطار البشري المعتاد مفقودًا هذه المرة.
هذه الجدارية الجديدة تختلف كثيراً عن أعمال بانكسي السابقة ذات الطابع السياسي الحاد، والتي سلطت الضوء على قضايا مثل الحرب والرأسمالية، وحقوق الإنسان وانتقاد سوق الفن. لكن في الآونة الأخيرة، بدا كأن الفنان يتخذ طريقًا أكثر غموضًا وأحيانًا أقرب إلى التكرار، في محاولة منه ربما للموازنة بين شهرته المتصاعدة وميله إلى التعبير الصريح.
ففي الصيف الماضي، كشف بانكسي عن سلسلة من الجداريات التي تصوّر حيوانات في أرجاء لندن، والتي اعتبرها البعض تعليقًا على تأثير البشر على التنوع البيولوجي، وفي مارس 2024، رشّ جدارًا باللون الأخضر خلف شجرة كرز جرى تقليمها بشكل قاسٍ في شمال لندن، وهو ما فُسّر كتعليق على إدارة الأشجار في المناطق الحضرية.
وبعد يومين، تعرّض العمل للتشويه بالطلاء، وفقا لما نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
حققت أعمال بانكسي عشرات الملايين من الدولارات، ما جعله أحد أشهر الفنانين المعاصرين في العالم، ولا يزال الرقم القياسي لمبيعات لوحات بانكسي، للوحة "فتاة البالون" بعد أن مزق بانكسي نسخة مؤطرة منها في حركة بهلوانية خلال مزاد مباشر في دار سوذبيز بلندن. وقد بيع العمل مقابل 1.13 مليون دولار قبل أن يجري تدميره ذاتيًا.
أعاد المشتري اللوحة الجدارية الشهيرة، التي أعيد تسميتها باسم Love is in the Bin، إلى المزاد بعد ثلاث سنوات، وقد حققت مبلغًا ضخمًا قدره 25.4 مليون دولار، وهو رقم قياسي جديد لفنان الشارع.