لا يبدو أن سطوة بابلو بيكاسو على سوق الفن العالمي في طريقها إلى التراجع، حتى عندما تنتقل ساحة المزاد إلى هونغ كونغ، القلب النابض لسوق آسيا الفني. ففي مزاد كريستيز لأعمال القرن العشرين والحادي والعشرين في هونغ كونغ، عاد اسم بيكاسو ليتصدر المشهد مجددًا، ضمن موسم خريف حقق فيه المزاد نحو 106 ملايين دولار أمريكي، في أعلى حصيلة بين الأسواق الآسيوية لهذا الموسم.

المزاد الذي أقيم في موقع جديد لكريستيز في قلب وسط المدينة كرّس انطلاقة مختلفة: أجواء براقة، وأرقام لافتة، وحضور دولي واسع شمل جامعين من 32 دولة، تصدّرتها الصين، مع ملاحظة محورية لصنّاع السوق: 20٪ من المشترين كانوا يشاركون للمرة الأولى في مزادات الدار، فيما جاء أكثر من نصف المشاركين من جيل الألفية، في إشارة إلى دخول جيل أصغر سنًا وأكثر انتقائية إلى سوق الفن الراقي في آسيا. ورغم هذا الزخم، خيّم قدر من الحذر على سلوك المزايدين، في توازن واضح بين الرغبة في اقتناص الأعمال الكبرى والوعي بتقلبات السوق العالمية.

لوحة "تمثال نصفي لامرأة" لبيكاسو تحقق رقمًا قياسيًا في مزاد كريستيز هونغ كونغ

Christie’s

في قلب هذه المعادلة، وقف بيكاسو مرة أخرى في موقع الصدارة. فقد حصدت لوحته Buste de Femme (تمثال نصفي لامرأة) ما يقارب 25 مليون دولار في المزاد، وهو أعلى مبلغ يُدفع مقابل عمل لفنان في آسيا حتى الآن، لتترسخ بذلك مكانة بيكاسو بوصفه اسمًا قادرًا على تحريك مؤشرات السوق، سواء في نيويورك أو لندن أو هونغ كونغ. هذا الرقم الآسيوي الجديد، وإن بدا متحفظًا مقارنة بذروة أسعار بيكاسو تاريخيًا، يعكس استمرار الطلب القوي على أعماله في واحدة من الساحات الأكثر تنافسية في العالم.

ولمنح هذه النتيجة سياقها الحقيقي، يكفي تذكّر الرقم القياسي العالمي لأعمال بيكاسو في المزاد العلني، عندما بيعت لوحته Les Femmes d’Alger Version O (نساء الجزائر النسخة O) في كريستيز نيويورك عام 2015 مقابل 179.4 مليون دولار. الفارق بين هذا الرقم وبين نتيجة هونغ كونغ الأخيرة يوضح كيف باتت آسيا اليوم جزءًا أساسيًا من الخريطة الكبرى لسوق الفن العالمي، إذ تُختبر قوة الأسماء التاريخية في بيئة جديدة، بجمهور أكثر شبابًا، وبإيقاع مختلف من حيث الذوق والجرأة الاستثمارية.