استطاعت مجموعة ليونارد أ. لودر، وريثة إمبراطورية استيه لودر Estée Lauder الخاصة، أن تترك بصمة حقيقية على مشهد السوق الفني العالمي تجاوزت حدود الاقتناء إلى إعادة رسم خريطة الفن الحديث.

بين كنوز المجموعة التي توثق ملامح أوروبا في بدايات القرن العشرين، برزت لوحة نادرة للفنان غوستاف كليمت، ظلّت بعيدة عن الأنظار لعقود طويلة قبل أن تعود لتسرق الأضواء من جديد. هذه اللوحة، بعنوان Portrait of Elisabeth Lederer (بورتريه إليزابيث ليدرير)، لم تُعد إلى الأضواء فحسب بل إلى تاريخ الفن نفسه، بعدما بيعت في قاعة سوذبيز مقابل 236.4 مليون دولار خلال مزايدة حماسية دامت عشرين دقيقة، لتسجّل رقمًا قياسيًا عالميًا وتصبح أغلى لوحة تُباع في مزاد على الإطلاق، مانحة الدار العريقة إنجازها التجاري الأعلى منذ تأسيسها.

يجسّد العمل الفني ملامح الشابة إليزابيث، ابنة أحد أبرز رعاة كليمت في فيينا مطلع القرن العشرين، في فترة كانت المدينة تزدهر بالفن والحداثة. لا تقتصر اللوحة على كونها صورة شخصية، بل تحمل في تفاصيلها انعكاسًا لعصرٍ كامل من الرقي والجمال، امتزجت فيها الألوان الذهبية المميزة لأسلوب كليمت مع لمسة من الحميمية التي جعلت من إليزابيث رمزًا للأناقة والأنوثة في ذلك الزمن.

لوحة كليمت التاريخية تتصدر مزاد سوذبيز وتصبح الأغلى في تاريخ الفن الحديث

Sotheby’s

وما يُضفي على اللوحة قيمة استثنائية هو تاريخها المليء بالأحداث؛ فقد نجت من ألسنة الحرب العالمية الثانية بعدما فُصلت قبل الحريق الذي دمّر أعمال غوستاف كليمت في قصر إيمندورف بالنمسا، لتُكتب لها حياة جديدة وسط الركام والرماد. ومنذ ذلك الحين، أصبحت اللوحة شاهدة على قرنٍ من الجمال والمقاومة والخلود الفني، تحمل في طياتها قصة بقاء تتجاوز حدود الفن لتصبح جزءًا من الذاكرة الإنسانية.

وصف أوليفر باركر، رئيس سوذبيز الأوروبي ومدير المزاد الذي شهد الحدث، هذه اللوحة بأنها تمثل "إحدى آخر الفرص الاستثنائية لاقتناء بورتريه بهذا المستوى من الروعة للفنان غوستاف كليمت"، في إشارة إلى ندرتها وقيمتها الفنية الفائقة. ويأتي هذا النجاح بعد بيع آخر لوحة مكتملة لكليمت بعنوان Lady with a Fan (سيدة مع مروحة) في عام 2023 مقابل 108.4 مليون دولار، ما جعل من ليلة المزاد الأخيرة لحظة مفصلية تؤكد تصاعد شغف العالم بالفن الحديث وإرث كليمت الخالد.

بمبلغ 527.5 مليون دولار، تفوقت مجموعة لودر بوضوح على التوقعات الأولية المقدرة بنحو 400 مليون دولار، مع استمرار عرض أعمال جديدة في مزاد نهاري لاحق، لتؤكد هذه الأمسية على عودة الحراك القوي إلى سوق الفن الراقي بعد فترة من الركود امتدت لأكثر من عامين.