منذ لحظة مغادرتها خطوط الإنتاج حتى وصولها إلى منصة المزاد في أبوظبي، حافظت سيارة ماكلارين F1 من عام 1994 على حضور استثنائي جعلها من بين السيارات الأشد ندرة وأكثرها استقطابًا لهواة الجمع حول العالم. هذا المستوى من التفرّد منح النسخة التي طُرحت في مزاد آر إم سوذبيز يوم 5 ديسمبر زخمًا خاصًا، تُرجم إلى نتيجة لافتة وصلت إلى 25.31 مليون دولار أمريكي.
هذه القيمة الفلكية للسيارة لم تأت من فراغ، بل تقف خلفها حكاية ملكية وانتقال مدروس بعناية عبر العقود. البداية كانت مع تسليم هذه النسخة إلى العائلة المالكة في بروناي، قبل أن تشق طريقها لاحقًا إلى المملكة المتحدة حيث انتقلت إلى مالك جديد من داخل الدائرة الضيقة لصنّاعها: أحد التنفيذيين السابقين في شركة ماكلارين. ومن هناك عبرت الأطلسي إلى نيويورك، ثم تابعت مسيرتها إلى نيوجيرسي، قبل أن تستقر بعد ثلاث سنوات في ولاية كاليفورنيا.
RM Sotheby's
محطتها الأهم جاءت في عام 2006 حين تغيّر مسارها بشكل جذري بعد بيعها مرة أخرى، لتعود في العام التالي إلى قلب موطنها الأم في مقر ماكلارين في ووكينغ. هناك خضعت لعملية إعادة بناء شاملة أعادت صياغة شخصيتها الميكانيكية والبصرية بتكلفة تجاوزت نصف مليون دولار، شملت إعادة طلاء هيكلها من اللون الأصفر الأصلي إلى الأبيض، وتركيب طقم جديد مع جناح خلفي ثابت حلّ محل الجناح الخلفي النشط، إلى جانب تحديث نظام التكييف والعادم والمقعد الأوسط والعجلات والمصابيح الأمامية، لتظهر السيارة بحالة أقرب إلى قطعة مخصصة للقيادة عالية الأداء.
RM Sotheby's
ولكن هذا التحول الجذري لم يُلغِ لونها الأصلي فحسب، بل محا أيضًا توقيع أسطورة الفورمولا 1 مايكل شوماخر عن هيكلها، قبل أن تكتسب لمسة أخرى من عالم الحلبات تحمل وزنًا مختلفًا. ففي عام 2007، وقّع لويس هاميلتون على صندوق الأمتعة فيما كان لا يزال سائقًا مبتدئًا في الفورمولا 1، لتصبح هذه النسخة من ماكلارين F1 رابطًا فريدًا بين جيلين من أبطال العالم. وبعد أكثر من عقد، وتحديدًا في عام 2018، استثمر مالكها ما قيمته 50 ألف دولار أمريكي في أعمال إضافية شملت صيانة كاملة للمحرّك، لتظل السيارة محافظة على جاهزيتها الميكانيكية.
RM Sotheby's
وراء هذا التاريخ الحافل تقف هندسة ماكلارين التي منحت السيارة مكانة خاصة في ذاكرة عشاق الأداء العالي. فقد زُوّدت بمحرك V12 سعة 6.0 لترات من بي إم دبليو، يعمل بالسحب الطبيعي وينتج قوة 627 حصانًا، وهو مرتبط بناقل حركة يدوي من ست سرعات، في توليفة ميكانيكية باتت اليوم نادرة في عالم السيارات الحديثة. هذه المنظومة قادتها إلى الفوز بسباق لومان 24 ساعة عام 1995 بعد سنوات قليلة من بدء الإنتاج، لتتحول من سيارة للطرقات إلى رمز لسباقات التحمل.
بمرور الوقت، تعاظمت قيمة ماكلارين F1 في سوق السيارات النادرة، ليس بفضل أرقام الأداء وسرعتها القصوى التي تبلغ نحو 391 كيلومترًا في الساعة، بل بسبب توازنها الديناميكي الفريد، وتصميمها المميز، وبصمة مصممها غوردون موراي.
