حين بدأ ديفيد هوكني، أحد أبرز رموز الفن البريطاني المعاصر، استخدام جهاز آيباد iPad في عام 2011 بوصفه أداة للرسم، لم يكن يدري أن تلك الرسومات التي أنجزها بأصابعه فوق شاشة مضيئة ستُسجّل بعد أكثر من عقد من الزمن أرقامًا قياسية في أكبر دور المزادات العالمية.
في 17 أكتوبر الماضي، شهدت دار سوذبيز حدثًا استثنائيًا تمثل في بيع مجموعة نادرة هي الأكبر من نوعها لأعمال هوكني المُنجزة رقميًا. فقد حققت 17 لوحة تنتمي إلى سلسلة The Arrival of Spring in Woldgate (حلول الربيع في وولدغيت) ما مجموعه 8.3 مليون دولار أمريكي، متجاوزة التقديرات الأولية التي لم تكن تتعدى 2.07 مليون دولار أمريكي.

مزاد لسوذبيز يحقق إنجازًا رقميًا.. مبيعات رسومات ديفيد هوكني على الآيباد تتجاوز 8 ملايين دولار

Sotheby’s

هذه السلسلة اللافتة كانت قد أُتيحت للمرة الأولى في عام 2012، ضمن معرض هوكني الاستعادي الشهير "صورة أكبر" A Bigger Picture الذي احتضنته الأكاديمية الملكية في لندن، حيث عرض الفنان آنذاك 51 مشهدًا نابضًا للطبيعة في وولدغيت، تُظهر تحوّلات المواسم، وانفجار الحياة في تفاصيل الزهور والأشجار والألوان.

مزاد لسوذبيز يحقق إنجازًا رقميًا.. مبيعات رسومات ديفيد هوكني على الآيباد تتجاوز 8 ملايين دولار

Sotheby’s

لكن ما يجعل هذا الإنجاز الفني مميزًا ليس نجاحه في المزادات فحسب، بل القصة التي تقف خلفه. فالمجموعة الرقمية وُلدت من علاقة عميقة بين الفنان والمكان، إذ دأب هوكني خلال أشهر من عام 2011 على رسم مشاهد يومية للطبيعة في شرق يوركشاير، مستخدمًا الآيباد للتغلب على برد الشتاء القارس الذي حال دون الرسم في الهواء الطلق. 

وبفضل مرونة الجهاز وسرعته، تمكّن من توثيق تغيرات الضوء والمنظر في كل صباح، قبل أن يعود إلى مرسمه ليُكمل التفاصيل بحسّ دقيق وعين انطباعية.

من بين هذه الأعمال الفنية، سطعت لوحة The Arrival of Spring in Woldgate, East Yorkshire in 2011 (وصول الربيع في وولدغيت، شرق يوركشير في 2011) بوصفها نجمة المزاد بلا منازع، إذ بيعت بمبلغ مليون دولار أمريكي، لتحطم الرقم القياسي السابق لأعمال هوكني المطبوعة، والذي بلغ 615 ألف دولار أمريكي.

اللوحة الفنية، التي تُمثل لحظة دقيقة من انفجار الطبيعة بالحياة وسط برودة الشتاء، لم تكن مجرد مشهد عابر، بل كانت تجسيدًا بصريًا لقوة الضوء والتجدد، وواحدة من أعمال هوكني الرقمية الأكثر تعبيرًا عن شاعرية المكان، وعمق العلاقة التي تربطه بريف يوركشاير.