Le Louis XV – Alain Ducasse  

يتربّع مطعم لويس الخامس عشر على عرش المطاعم في موناكو منذ أن افتتحه الطاهي الشهير آلان دوكاس عام 1987 في فندق أوتيل دو باري، محققًا فيه الفوز بثلاث نجوم ميشلان وهو لا يزال في الثالثة والثلاثين من العمر.

ومع انضمام نائبه الطاهي إيمانويل بيلون إلى المطعم في عام 2021، توثّقت المكانة الرفيعة لهذه الوجهة التي تتقن فن إبهار الضيوف بتجارب طعام كل تفصيل فيها يستأثر بالحواس، بداية من فخامة التصميم المميز للقاعة التاريخية التي يحتلها المطعم والتي تغلب عليها أجواء تستحضر فن الحياة في الريفييرا، ووصولاً إلى المقاربة المبتكرة للطعام والتي ترتكز إلى احترام منتجات الطبيعة ومواسمها والحد من الهدر، بموازاة اعتماد تقنيات مختلفة لتعزيز المذاقات المميزة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، على ما تشهد قامة الطعام Agape الغنية بخيرات البحر والبرّ على حد سواء. 

Le Grill 

في فندق أوتيل دو باري أيضًا، يتباهى مطعم لو غريل منذ عام 2019 بنجمة ميشلان اكتسبها بفضل الفلسفة الإبداعية للطاهي التنفيذي في الفندق دومينيك لوري، والطاهي باتريك لاين الذي يدير اليوم هذه الوجهة.

على أن أوّل ما يستحوذ على الأفئدة في المطعم الرابض في الدور الثامن من الفندق الذي احتضنه منذ ستين عامًا هو إطلالة شرفته الآسرة على البحر الأبيض المتوسط والتي يتمدد سحرها وصولاً إلى كورسيكا، وبالقدر نفسه السقف القابل للسحب والذي تخال معه أنك تولم فوق منصة معلقة بين الأرض والسماء.

وسط هذه الواحة التي تحتفي لوحة ألوانها الزرقاء وخطوطها النقية والجريئة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، تبدو تجربة الطعام أقرب إلى رحلة تستدرج الحواس إلى مباهج الريفييرا على صهوة ابتكارات تزاوج بين الأصالة والحداثة.

تشهد على ذلك قائمة طعام تزخر بالأطايب التي تُعد من مكوّنات محلية موسمية يُؤتى بها مباشرة من المزارعين والصيّادين.

وتتصدرها لحوم وأسماك تشوى فوق موقد حطبي في المطبخ المفتوح، وطبق روبيان من خليج جنوى، أو طبق من صغار الدجاج التي تُربى طليقة.

بغض النظر عن خياراتكم، لا تفوّتوا في ختام التجربة اختبار المذاق الغني لحلوى السوفليه المنتفخة الزاخرة بطعم الفواكه الحمراء أو بالشوكولاته التي يؤتى بها مباشرة من مصنع آلان دوكاس الخاص في باريس.

TAERA Monte – Carlo 

في أكتوبر الفائت، استقدمت أيضًا مجموعة سوسييته دي بان دو مير في مونتي – كارلو مفهومًا جديدًا للطعام إلى فندق أوتيل دو باري حيث افتتحت في فناء Le Patio الداخلي مطعم TAERA Monte – Carlo متيحة للضيوف هذه المرة الانغماس في الثقافة الفنزويلية من خلال تجربة تحمل توقيع الطاهية الموهوبة فيكتوريا فالينيّا.

تستدرجك مساحة المطعم إلى طابعها الحيوي الذي يوثقه تصميم يوحي بالدفء وتحتفي عناصره بالأرض، من الخشب المنحوت في أشكال مختلفة إلى النحاس والحجر، فيما تتناغم مع الأغطية الكتانية والجدارية الضخمة التي ابتكرتها الفنانة المتحدرة من أمريكا الجنوبية فيفيانا غروندونا، ومع عناصر زخرفية جرى اختيارها بعناية، وبعضها ابتكرته فالينيّا بنفسها لاستحضار الثراء الثقافي المميز لوطنها.

على أن أكثر ما يوثّق ارتباط فالينيّا بجذورها في هذه الواحة هو إبداعات تختزل حس الابتكار عندها وفلسفة تقوم على الجمع بين درايتها الفنية في عالم الطهي وإرثها الثقافي من خلال مذاقات الطفولة التي تعيد ترجمتها هنا بكثير من البراعة.

وإذا كانت كلمة "تايرا" تمثّل رمز القوة في إحدى لغات الشعوب الأصلية في فينزويلا، فإن هذا المعنى ينعكس هنا في أطايب تقليدية أضفت عليها فالينيّا مسحة حداثة، على ما تشهد شطائر "آريبا" المعدة من دقيق الذرة، وأطباق السيفيتشي المكوّنة من السمك النيء، وحلوى الأرز بالحليب Arroz con leche على الطريقة الفنزويلية. 

Em Sherif 

في عام 2011، أطلقت ميراي حايك أو "أم شريف" من قلب شارع مونو في منطقة الأشرفية ببيروت، مطعمًا يحمل اسمها ويستدرج الضيوف إلى تجربة شرقية ترجع إليهم أصداء نكهات تقليدية من زمن الجدات. ويُحسب لحايك أنها نجحت في توسيع آفاق هذه التجربة إلى 21 مطعمًا موزعة في 14 موقعًا حول العالم، بما في ذلك في مونتي – كارلو حيث يحلّ مطعمها اليوم محلّ مطعم آلان دوكاس Omer في إحدى واحات فندق أوتيل دو باري. 

إلى هذه الواحة التي تستأثر بإطلالة مبهرة على زرقة البحر، والتي تغلب عليها أجواء حيوية، تستقدم أم شريف عبق الأصالة في البيوت اللبنانية وإرثها الثقافي وتعيد تشكيلهما أطايب من المطبخ اللبناني. تحت إشراف ابنتها ياسمين حايك، الطاهية التنفيذية في المطعم، تستمر حكاية العائلة وحكاية مطبخ يشبه بيروت بتنوّع ألوانها ومزاجاتها التي تنعكس هنا مذاقات أصيلة لأطباق لبنانية تقليدية حققت شهرة عالمية، بداية من الفتوش والتبولة والبرغل بالبندورة وليس انتهاء بالحمّص بالصنوبر وطبق الصيّادية.

على أن ياسمين لا تفوّت الفرصة أيضًا لإعادة ابتكار بعض الأصناف بما يضفي عليها مسحة أكثر عصرية، على ما تشهد مثلاً أسياخ الطاووق أو لحم واغيو البقري المشوي، والمغربية بالكركند، والأرز الشرقي بالمكسّرات، وحلوى "بقلاوة أم شريف" التي ابتُكرت حصريًا للمطعم في مونتي – كارلو. أما ما يزيد من تورّط الضيوف في هذه التجربة الحسية، فتستحضره زينة الأطباق التي زخرفت بأبيات من الشعر بخط عربي بديع. 

Café de Paris

منذ ان افتُتح مطعم كافيه دو باري في مونتي – كارلو سنة 1868 تحت اسم Le Café Divan، تحوّل إلى واحة تواصل إعادة ابتكار نفسها فيما تبقى محصّنة ضد تأثيرات التوجهات الآنية. وفي أحدث تحوّل شهده هذا المطعم، أعاد فتح أبوابه في شهر نوفمبر الفائت قبالة فندق أوتيل دو باري في قلب ساحة الكازينو، وذلك في أعقاب مشروع تجديد استغرق 19 شهرًا. 

في بناء من ثلاث طبقات، يحتل المطعم التاريخي اليوم طابقين: يستقبل الطابق الأرضي الذي يتكامل مع مجالس خارجية، السكان والمارة إلى واحة تتزيّن بتأثيرات من الفن الحديث وتتمايز بواجهاتها الزجاجية الملوّنة والرخام ذي النقوش المربّعة، وقطع الفسيفساء، والألواح التي تتدثر بالخشب والجلد وغير ذلك من رموز تصميمية تشتهر بها عادة وجهات الطعام الفرنسية الفاخرة بغير تكلف والمنضوية تحت المفهوم الشهير Brasserie.

أما الطابق العلوي، فيميّزه تصميم أشد فخامة يُعد الأنسب بتدرجاته اللونية الدافئة لغداء عمل، أو جلسة شاعرية، أو تجربة عشاء مع الأصدقاء (سيُخصص الدور الثالث من المبنى لمطعم أمازونيكو المتوقّع افتتاحه في فصل الربيع المقبل تزامنًا مع افتتاح مجموعة من متاجر كبرى العلامات مثل شوبارد وتيفاني أند كو).  

أما في ما يخص قائمة الطعام، فإن فلسفة مطعم كافيه دو باري مونتي – كارلو تقوم على تقديم ترجمة مبسطة ولكن متقنة للأطباق الفرنسية الكلاسيكية، مثل حساء البصل الشهير، والكرّاث مع صلصة غريبيش الباردة المعدّة من البيض، وطبق البيض بالمايونيز المقدّم مع الكافيار، وقالب العجين المحشو باللحم، وبالطبع حلوى "كريب سوزيت" التي ابتُكرت في الأصل في هذا المطعم سنة 1896 خلال زيارة أمير ويلز.