شهدت دار كريستيز خلال مزادها نصف السنوي في نيويورك أمسية استثنائية من أمسيات الفن الحديث والمعاصر، إذ تخطت المبيعات حاجز 34.9 مليون دولار أمريكي، مسجلة أعلى رقم تحققه هذه الفعالية منذ انطلاقها، ومتجاوزة النتائج القياسية التي سُجلت في أكتوبر عام 2021.

المزاد الذي امتد على جلستين، حمل أجواء من الحماس والتنافس، إذ بلغت نسبة المبيعات 76% من حيث عدد القطع، و86% من حيث القيمة، و95% من حيث التقديرات الدنيا، ما يعكس حضورًا قويًا من جامعي التحف والأعمال التاريخية، سواء داخل القاعة أو عبر الهاتف ومنصة كريستيز الإلكترونية.

أعمال فنية تصدرت المشهد

كانت البداية مع الفنانة الكولومبية أولغا دي أمارال، التي استطاعت أن تخطف الأنظار عبر لوحة Paisaje heredado 4 (منظر موروث 4). 

هذا العمل المميز، الذي يجمع بين جماليات النسيج التقليدي الكولومبي وحساسية التجريد المعاصر، تجاوز التقديرات العليا للمزاد ليُباع بمبلغ 1.14 مليون دولار أمريكي. 

هذه النتيجة لم تكن مجرد رقم، بل محطة مهمة في مسيرة الفنانة، إذ سجّلت ثاني أعلى سعر في تاريخها بالمزادات، لتثبت مكانتها بوصفها إحدى الأسماء النسائية الأبرز في الفن اللاتيني.

مزاد كريستيز لنصف العام يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في نيويورك

Christie’s

ومن النسيج الكولومبي إلى عوالم النحت الحركي الأمريكي، جاء عمل Brass Spear (الرمح النحاسي) للفنان الكبير ألكسندر كالدر، أحد أهم النحاتين في القرن العشرين. 

العمل الذي يعكس أسلوب كالدر الفريد في التعامل مع المعدن والفراغ، وجد تفاعلاً واسعًا عبر المزايدات الإلكترونية، قبل أن يُحسم بسعر 1.16 مليون دولار أمريكي. 

هذا البيع عزّز من حضور كالدر الدائم في سوق الفن العالمي، إذ تُعد أعماله من أكثر القطع طلبًا لدى جامعي التحف نظرًا لقيمتها الفنية والتاريخية.

مزاد كريستيز لنصف العام يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في نيويورك

Christie’s

أما النقلة الأكبر في المزاد، فجاءت مع لوحة Last September II (سبتمبر الماضي 2) للفنان الأمريكي سام جيليام، الذي يُعد أحد رموز الفن التجريدي المعاصر. 

لوحته التي تميّزت بتداخلات لونية جريئة وإيقاع بصري نابض، أثارت موجة من المنافسة داخل القاعة وعلى الهاتف، قبل أن تُباع بمبلغ 1.77 مليون دولار. 

هذا الرقم يؤكد استمرار الاهتمام المتزايد بأعمال جيليام، التي تُعد امتدادًا لروح الحداثة الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين.

مزاد كريستيز لنصف العام يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في نيويورك

Christie’s

القطعة الأغلى في المزاد

لكن القمة كانت محفوظة للعمل الأبرز في الأمسية، لوحة Peinture II (لوحة رقم 2) للفنانة الأمريكية جوان ميتشل، المرسومة عام 1964. 

هذه القطعة، التي تجسّد ذروة التعبير اللوني في المدرسة التجريدية الأمريكية، وتمزج بين الانفعال العاطفي والحرية التشكيلية، أصبحت محور الاهتمام منذ اللحظات الأولى للمزاد.

فمع انطلاق المزايدات عبر الإنترنت، اشتعل التنافس بين المشترين لتقفز الأسعار سريعًا، حتى استقرّت عند 2.75 مليون دولار أمريكي، متوّجة اللوحة بوصفها أعلى مبيعات الأمسية. 

وجاء هذا الإنجاز ضمن مجموعة فيفيان فوسيّلو التي بيعت بالكامل، محققة أكثر من 3 ملايين دولار، في مشهد يُكرّس المكانة الفنية لهذه المجموعة وقيمتها في سوق الفن المعاصر.

مزاد كريستيز لنصف العام يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في نيويورك

Christie’s

بهذا التدرج الفني رسم المزاد صورة قوية لسوق الفن العالمي، وأكد أن شغف المقتنين قادر دائمًا على دفع الأسعار إلى آفاق جديدة، وأن التنوع الفني يظل المحرك الأول لنبض السوق.

وعبّرت رايتشل نغ، رئيسة قسم Post-War to Present (الفن ما بعد الحرب إلى الحاضر) في كريستيز نيويورك، عن فخرها بالنتائج قائلة: "لقد شهدنا مزايدات حماسية طيلة اليوم، مع بيع أربعة أعمال بأكثر من مليون دولار. 

من فن ما بعد الحرب إلى الفن اللاتيني الأمريكي وصولاً إلى الأصوات المعاصرة، لمسنا قوة استثنائية للأعمال الممتدة عبر القرن العشرين والحادي والعشرين. تؤكد هذه النتائج شغف المقتنين واقتناعهم بقيمة الأعمال الفنية الاستثنائية".