ضمن مشروع توسعة غير مسبوق يحمل اسم مشروع دوماني Project Domani، يستعد المعرض الوطني في لندن للكشف عن جناح جديد تبلغ تكلفته 480 مليون دولار أمريكي، في خطوة تُعيد رسم ملامح إحدى المؤسسات الفنية الأعرق على مستوى العالم.

هذا المشروع الطموح لا يقتصر على التوسعة المعمارية فحسب، بل يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانة المعرض على خارطة الثقافة الدولية، وتعزيز حضوره بوصفه محورًا رئيسًا للحوار الفني المعاصر.

يُعد هذا التوسّع الأكبر من نوعه في مؤسسة فنية بريطانية كبرى منذ افتتاح معرض تيت مودرن عام 2000، ما يضع مشروع دوماني في مصاف اللحظات التحولية في تاريخ الفن البريطاني الحديث. 

ومن المتوقع أن يُحدث الجناح الجديد نقلة نوعية في تجربة الزوّار، من خلال تقديم مساحات معمارية متجددة، تدمج بين التراث والحداثة، وتُفسح المجال أمام عروض فنية أكثر تنوعًا وشمولاً.

يمتد أثر المشروع إلى ما هو أبعد من التجديد المعماري، ليكرس تحوّلاً محوريًا في فلسفة المعرض ومقتنياته الفنية. ففي سابقة تاريخية، أُعلن عن إلغاء الحظر الطويل الذي كان يمنع ضم أعمال فنية أُنتجت بعد عام 1900، في خطوة تفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التوسع الجمالي والزمني في مجموعات المعرض.

مشروع دوماني: توسعة بقيمة 480 مليون دولار تعيد رسم ملامح المعرض الوطني في لندن

Pexels

هذه الخطوة الطموح تمهّد الطريق أمام المعرض لتوسيع مقتنياته لتشمل روائع القرن العشرين وما بعده، معززة بذلك تنوع المجموعة وأبعادها الزمنية والجمالية. 

ورغم امتلاك المعرض لأكثر من 40 عملاً يعود لما بعد عام 1900، بينها قطع استثنائية لفنانين مثل بيكاسو وسيزان، إلا أن السياسة الجديدة تفتح آفاقًا غير مسبوقة لاقتناء أعمال تمثل طيفًا أوسع من المدارس والأساليب والتجارب الفنية.

ومن المتوقع أن يفتح المشروع الباب أمام معالجة اختلال تاريخي في التمثيل داخل المجموعات الفنية، إذ لا تزال مساهمات الفنانات محدودة للغاية، لا تتجاوز 27 لوحة من أصل 2300 عمل معروض. ومن هنا، تأتي التوسعة لتؤسس لمرحلة أكثر توازنًا وتنوعًا، مؤكدة التزام المعرض برؤية معاصرة تُعلي من قيم الشمول والتجديد والانفتاح على المستقبل.

ولتعزيز الطابع الاستثنائي للمشروع، أعلن المعرض عن إطلاق مسابقة معمارية عالمية ستجمع نخبة من المكاتب الهندسية لاختيار التصميم الذي سيجسّد هوية الجناح الجديد المنتظر افتتاحه عام 2030. 

ويشير غابرييل فينالدي، مدير المعرض الوطني، إلى أن التوسعة المقبلة لن تخلّ بخصوصية المكان التي طالما ميزته، بل ستكرّس طابعه الإنساني الفريد وقدرته على أن يتيح للزائر استكشاف مقتنياته كاملة في يوم واحد.