في خضم جائحة كورونا، جرى إلغاء جل المعارض التي كان يقصدها هواة الساعات الفاخرة لاستكشاف أحدث ابتكارات الصنّاع. ولمجابهة هذا الظرف الذي أَوقَف عجلة الصناعة كليًا، انطلق معرض أيام جنيف للساعات في عام 2020 بمبادرةٍ مشتركة من دور رائدة مثل بولغري ودي بيتون وإم بي أند إف، وبدعمٍ من مؤسسات مثل المعهد السويسري الرسمي لاختبار الكرونومتر ومدرسة جنيف لصناعة الساعات.
وكان الهدف من إطلاق هذا المعرض صيانة تقاليد صناعة الساعات من الاندثار وإلهام الأجيال الجديدة من الصناع وإتاحة الفرصة أمام هواة الجمع للاطلاع على آخر الإبداعات الساعاتية في جو حافل بالتنوع. وهذا ما تكرّس مرة أخرى في دورة 2025 من معرض أيام جنيف للساعات، على ما تشهد الإصدارات الخمسة التي نستعرضها في ما يأتي.
MB&F
LM101 EVO
يتزامن عام 2025 مع الذكرى العشرين لتأسيس علامة إم بي أند إف على يد ماكسيميليان بوسير، الصانع الذي أخذ على عاتقه هزّ قواعد المألوف وتطوير ساعات لا يكاد يجد هواة الجمع نظيرًا لها من حيث التمايز التقني والهندسي.
وفي دورة 2025 من أيام جنيف للساعات، عززت الدار هذا التوجه بالكشف عن ساعة LM101 EVO في علبةٍ أنيقة من التيتانيوم بقطر 40 ملليمترًا وسمك 16.5 ملليمتر، تقترن بقرص بالغ النحافة وتاج محكم التثبيت وواجهة مقببة مشغولة من البلور الياقوتي ومعززة بطبقة مانعة للانعكاسات.
أول ما يشدّ البصر عبر هذه الواجهة هو عجلة التوازن المحلقة المدعّمة بقوسين مصقولين بعناية..
ثم الميناء المزدان بلون أخضر الطاووس المستحدَث بوساطة تقنية الترسيب الفيزيائي للبخار، وبعدهما عداد الساعات والدقائق المصقول بالأسود عند مؤشر الساعة 2 وعداد احتياطي الطاقة عند مؤشر الساعة 6.
بلاغة التعبير في هذا الإصدار لا تتوقف هنا، بل تمتد إلى الناحية التقنية عبر آلية الحركة يدوية التعبئة التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 60 ساعة.
والجدير بالذكر هو أن معالجة EVO التي أبصرت النور للمرة الأولى في عام 2020 تنطوي على مجموعة من التحسينات التصميمية والهندسية، أبرزها مقاومة ضغط الماء حتى عمق 80 مترًا، والتاج المثبت لولبيًا، والحزام المطاطي المدمج، وممتص الصدمات FlexRing الحائز براءة اختراع، والذي يُثبّت بين العلبة وآلية الحركة لحماية الساعة في أثناء الاستخدام النشط.
MB&F
Bvlgari
Octo Finissimo Lee Ufan x Bvlgari
لا يخفى على هواة الجمع الدور المهم الذي اضطلعت به بولغري في السنوات الأخيرة في فئة الساعات بالغة الرقة. فمنذ طرح مجموعة Octo Finissimo في عام 2014، لم تتوقف الدار عن إثراء هذا الخط بإصدارات كسرت مرة تلو الأخرى الأرقام القياسية.
وفي دورة 2025 من أيام جنيف للساعات، سردت الدار حكاية هذه المجموعة بالتفصيل، كما اغتنمت الفرصة للكشف عن آخر الإضافات إليها والتي كان أبرزها ساعة Octo Finissimo Lee Ufan x Bvlgari.
صيغت هذه الساعة بالتعاون مع الفنان الكوري لي أوفان في علبة من التيتانيوم المصقول يدويًا بقطر 40 ملليمترًا وسمك 5.5 ملليمتر، مع قرص مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ يتباهى بزخارف على نمط أشعة الشمس.
عبر الواجهة، يتجسد أحد الموضوعات الأثيرة عند أوفان، وهو التباين بين جمود الصخور والانعكاسات غير المتناهية للمرايا. وتتخذ ترجمة هذا التباين هيئة ميناء رمادي ينحو تدريجيًا إلى الأسود، وتتخلل صفحته المصقولة عقارب مركزية للساعات والدقائق وعقرب فرعي للثواني الصغيرة.
تنبض الساعة، التي يقتصر إنتاجها على 150 نموذجًا، بآلية الحركة ذاتية التعبئة BVL 138 التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 60 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا.
Anita Schlaefli
Gérald Genta
Minute Repeater
كان الصانع السويسري المبدع جيرالد جينتا ميالاً إلى الساعات الرنّانة، إلى درجة أنه عكف خلال ثمانينيات القرن العشرين على تطوير ساعات معززة بتعقيد معيد الدقائق في زمنٍ كان توجه الدور فيه ينأى عن مثل هذه المغامرات التقنية العويصة.
وبما أن محترف "لا فابريك دو تان" La Fabrique du Temps قد أحيا علامة جيرالد جينتا تحت المظلة الواسعة لمجموعة لويس فويتون، فقد كان طرح ساعة معززة بتعقيد الرنين مسألة وقت فحسب، وهذا ما تحقق أخيرًا في معرض أيام جنيف للساعات 2025.
صيغت هذه الساعة في علبةٍ من الذهب الأصفر بقطر 40 ملليمترًا وسمك 9.6 ملليمتر، تتمايز بهيئة وسادية مستحدثة خصوصًا لتعزيز نغم الرنين وتقترن بتاج مرصع بحجر جزع بقطْع كابوشون.
فضلاً عن ذلك، تزهو الساعة بميناء أسود مشغول من الجزع، تتحقق في ثناياه فلسفة جيرالد جينتا المتجذرة في الأناقة الفائقة، لا سيما في العقارب والمؤشرات الذهبية وفي حلقة الدقائق التي تتبع منحنيات العلبة السلسة.
أما قلب الساعة، فتشغله آلية الحركة يدوية التعبئة GG-002 التي تنبض بتردد 3 هرتز وتوفر احتياطيًا للطاقة يدوم 80 ساعة فيما تضمن أداء مثاليًا لآلية الرنين التي أولى الصانعان إنريكو بارباسيني وميشيل نافاس اهتمامًا بالغًا بتشكيل مكوّناتها، بداية من المطارق المصقولة بعناية والأجراس التي ضُبط كل منها يدويًا لتحقيق نغم صوتي بالغ النقاء.
Gérald Genta
H. Moser & Cie
Pioneer Flying Hours
لا تتخلّف دار إتش موزر أند سي عن ركب الدور الرائدة في قطاع الساعات الفاخرة. فتاريخها الممتد قرنين تقريبًا يُتيح لها الانتفاع من معارف وخبرات ليست في متناول الجميع، ومن ثم ترجمتها في ابتكارات مبهرة على المستويات التقنية والجمالية معًا.
وقد شهد الوافدون على معرض أيام جنيف للساعات 2025 قبسًا من هذه الإبداعات في ساعة Pioneer Flying Hours التي تستوطن علبةً من الفولاذ بقطر 42.8 ملليمتر، تقترن بقرص أنيق يزهو بتشطيبات لامعة وتاج مثبت بإحكام وجوانب غائرة ومخدّدة.
عبر الواجهة المقوّسة المشغولة من البلور الياقوتي، يظهر الميناء بلونه الأبيض المَشوب بالرمادي وبزخارفه التي تتخذ نمط أشعة الشمس، وفوقه تبرز عجلة الدقائق المطلية بالأزرق والتي تحاذيها ثلاث نوافذ لعرض الساعات القافزة.
لا بد من الإشارة إلى أن كل نافذة تنطوي على أسطوانة صغيرة تدور حول محورها، وما إن تصل أرقام عجلة الدقائق إلى منتهاها على رأس كل ساعة حتى تقفز الأرقام بين النوافذ تواليًا، في مشهد يؤكد مبلغ ما أدركته إتش موزر أند سي من تفوّق في صنعتها.
ويذكر أن الساعة تحتضن آلية الحركة ذاتية التعبئة HMC 240 التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة.
H. Moser & Cie
Ferdinand Berthoud
Naissance d'une Montre 3
حينما أطلق كارل فريدريك شوفوليه، الرئيس المشارك في دار شوبارد، علامة فردينان بيرتود عام 2015، كان هدفه تخليد إرث الصانع السويسري الذي بلغت شهرته الآفاق في القرن الثامن عشر، واستنساخ فرائده المبتكرة في القرن الحادي والعشرين.
كان هذا الهدف واضحًا منذ الطراز الأول الذي أصدرته العلامة، وقد ازداد وضوحًا خلال دورة 2025 من معرض أيام جنيف للساعات بإطلاق ساعة Naissance d'une Montre 3.
Denis Hayoun
تطلّب استحداث هذه التحفة تضافر جهود ثمانين حِرفيًا واستغرق تنفيذها نحو 11,000 ساعة على امتداد ست سنوات من دون اللجوء إلى الأدوات المتحكّم بها عبر الحاسوب، فكانت النتيجة ساعة متقنة الصنع، يقتصر إنتاجها على 11 نموذجًا فقط، وتستوطن علبة مشغولة من الذهب الأبيض الخُلقي بقطر 44.3 ملليمتر، مع تاج بارز ووصلات مائلة وواجهة مقببة من البلور الياقوتي.
يبرز عبر الواجهة ميناء متكامل التنسيق، يحتضن بين مؤشري الساعة 1 والساعة 2 عدادًا للساعات والدقائق، وعند مؤشر الساعة 10 عدادًا لاحتياطي الطاقة، وتحيط بهما وبمختلف العناصر الأخرى، من الجسور ومنظّم القوة الثابتة إلى الميزان والعجلة، حلقة للثواني الصغيرة.
وتنبض هذه الساعة بآلية الحركة يدوية التعبئة Calibre FB- BTC.FC التي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 50 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا.