تُعرض مجموعة فنية استثنائية أمام الجمهور للمرة الأولى في قصر بكنغهام، ضمن معرض يحمل عنوان "فنانو الجولات الملكية" The King’s Tour Artists، والذي بدأ في 10 يوليو ويستمر حتى 28 سبتمبر، وذلك ضمن القاعة الكبرى المخصصة للاحتفالات في القصر، تزامنًا مع فتح غرف القصر الرسمية للزوّار خلال موسم الصيف.
ويضم المعرض أكثر من 70 عملاً فنيًا أبدعها فنانون رافقوا الملك تشارلز في جولاته الدولية خلال العقود الأربعة الماضية.
من بين هذه الأعمال، لوحة Their Royal Highnesses on North Seymour Island، التي رسمها الفنان ريتشارد فوستر عام 2009 خلال جولة ملكية شملت تشيلي والبرازيل والإكوادور.
تجسّد اللوحة لحظة هادئة تأمل فيها ولي عهد بريطانيا آنذاك، الأمير تشارلز، والدوقة كاميلا، الأفق غير المتناهي في جزيرة سيمور الشمالية الواقعة وسط المحيط الهادئ، والتي لا يقطنها سوى أسود البحر التي تنفرد بها جزر غالاباغوس، فيما تُعادل مساحتها تقريبًا ثلاثة أضعاف مساحة قلعة وندسور وحدائقها.
Royal Collection Trust
يصوّر فوستر الزوجين وهما يقفان أمام نتوءات من صخور الحمم البركانية، وقد أدارا ظهرهما للمُشاهد، فيما تمسك الدوقة بمظلة بيضاء صغيرة. ويضفي الأسلوب التخطيطي للعمل لمسة تذكّر بأسلوب الانطباعيين في أواخر القرن التاسع عشر.
وُلد هذا التقليد في عام 1985، عندما دعا الأمير تشارلز، الرسام جون وارد، أحد الفنانين المقرّبين من العائلة المالكة والذي رسم أخيرًا لوحات مراسم تعميد الأميرين ويليام وهاري، لمرافقته في جولته إلى إيطاليا بوصفه الفنان الرسمي للجولة. كانت مهمة وارد ببساطة أن يرسم أو يصوّر كل ما يثير إلهامه، وهي مهمّة تؤكد مؤسسة مجموعة المقتنيات الملكية أنها كانت ممولة بالكامل على نفقة الأمير الشخصية.
صعد وارد إلى متن اليخت الملكي بريتانيا في مدينة كاتانيا فيما كانت السفينة في طريقها إلى البندقية، وأنجز من مؤخرة اليخت رسمًا وصفه منظمو المعرض بأنه يوثّق لحظة نادرة من الهدوء، إذ يصوّر الساحة الخلفية لليخت خالية من الأشخاص، فيما عَلَم البحرية الملكية يرفرف بهدوء في النسيم، والنوارس تحلّق فوقه في الأجواء.
قالت كيت هيرد، قيّمة المعرض، في بيان: "إن الحرية التي مُنحت لكل فنان لالتقاط انطباعه الشخصي عن البلدان التي زارها أدّت إلى تكوين مجموعة غنية ومتنوعة من الأعمال الفنية". وأضافت: "تراوح هذه الأعمال بين مناظر طبيعية ودراسات لشخصيات وأعمال للطبيعة الصامتة، وهي تُجسّد التزام جلالة الملك العميق بدعم الفنانين وتشجيعهم على مدار العقود الأربعة الماضية".
Royal Collection Trust
يرى الملك تشارلز أن دور الفنان الرسمي المرافق للجولات الملكية يُتيح فرصًا ثمينة للفنانين المخضرمين والناشئين على حد سواء، لإبداع مجموعة فنية متكاملة ومتفردة.
كما شهد عدد من هؤلاء الفنانين لحظات ملكية تاريخية. فعلى سبيل المثال، كانت سوزانا فاينز حاضرة خلال مراسم تسليم بريطانيا هونغ كونغ إلى الصين في عام 1997، وهي الجولة الأخيرة التي شارك فيها اليخت الملكي بريتانيا. وصوّرت فاينز مشهدًا رمزيًا يصوّر اثنين من البحّارة وهما ينزلان علمًا ويرفعان آخر، في لحظة مشحونة بالمعاني السياسية والتاريخية.
ومن بين أبرز المعروضات الأخرى، لوحة ماري آن أيتون إليس الضخمة لشلالات كايتور في غيانا، ولوحة كولين واتسون الانطباعية التي تصوّر راهبًا في معبد تودايجي بمدينة نارا اليابانية، إلى جانب عمل فيليب بوتاه الذي يصوّر محمية أفيال في كينيا زارها الملك تشارلز في عام 2023. يُذكر أن بوتاه رسم أخيرًا لوحة للملك تشارلز والملكة كاميلا لصالح مجلة تاتلر البريطانية.
يتزامن المعرض مع إصدار كتاب فن السفر الملكي: رحلات مع الملك، ويتضمّن أكثر من 100 صورة توضيحية، بالإضافة إلى سرد مفصّل للقصص التي تقف وراء هذه الأعمال الفنية.
قال إيرل روسلين، محرّر الكتاب، في بيان: "من خلال دعوة فنان لمرافقة جولة ملكية في عام 1985، أرسى الملك تشارلز تقليدًا استمر من دون انقطاع حتى يومنا هذا". وأضاف: "كان الفنانون يدركون أنهم يعملون لصالح شخص يتفهّم جوهر الحرفة الفنية، وراعٍ للفنون، ومدافع متحمّس عن الحياة الثقافية".