بالرغم من تحوّلات الصناعة وتقلّبات السوق، إلا أن بعض الأسماء لا تزال قادرة على الصمود خارج التيار السائد. ومن بين هذه الأسماء، تلمع سيارات مورغان Morgan بوصفها استثناءً فريدًا في عالمٍ تحكمه السرعة والرقمنة. 
فالشركة البريطانية التي تأسست قبل أكثر من قرن، لم تبنِ أسطورتها على أرقام المبيعات أو سباقات الابتكار، بل على فلسفة أصيلة لا تتغير: سيارات خفيفة، بطابع كلاسيكي، تستمد قوتها من محركات علامات كبرى، وتُصنع كما لو كانت قطعًا فنية ممهورة باليد.
منذ خمسينيات القرن الماضي، نسجت مورغان علاقات صناعية مع أسماء مثل روفر، وفورد، وفيات، ولاحقًا بي إم دبليو، لترسم معادلة فريدة تجمع بين الهوية البريطانية الخالصة والمكوّنات الميكانيكية المستوردة بعناية، فكانت النتيجة سيارات تحمل ملامح الماضي، لكنها تنبض بقوة حديثة، لا تخطئها العين ولا الأذن.
لكن الحكاية الأجمل تبدأ مع مورغان Morgan Plus 8، السيارة التي وُلدت من تزاوج غير متوقّع بين التصميم الكلاسيكي الإنجليزي وقلب ميكانيكي أمريكي الأصل. 

محرك منسي يصنع مجد مورغان Plus 8

ففي عام 1961، طوّرت شركة بويك Buick لصالح جنرال موتورز محرّك V8 المصنوع بالكامل من الألمنيوم؛ لكن الحظ لم يحالفه، فتوقّف إنتاجه بعد عامين فقط. غير أن شركة روفر البريطانية رأت في هذا المحرّك إمكانات واعدة، فاشترت حقوق تصنيعه في عام 1967 وبدأت تستخدمه في سياراتها الفاخرة. 

مورغان Morgan Plus 8.. متعة القيادة البريطانية كما لم تختبرها من قبل

RM Sotheby’s

ومن هنا بدأت الخيوط تتقاطع، إذ وجدت مورغان في هذا المحرّك ما يتناغم مع رؤيتها لسيارة رياضية خفيفة وقوية، فاشترته من روفر، وزرعته في طرازها الجديد Plus 8، محتفظة بالهيكل الكلاسيكي الذي يعود إلى عام 1953. وهكذا وُلدت أسطورة، جمعت بين الحداثة الميكانيكية وروح التصميم التقليدي، وما زالت تُلهب قلوب عشاق السيارات حتى اليوم.

وجاء الظهور الأول لمركبة مورغان Plus 8 في عام 1968 كبيان تمرّد صريح على قواعد صناعة السيارات المعاصرة آنذاك: رودستر خفيفة الوزن، بمحرك V8 من الألمنيوم، مُثبّت على هيكل داخلي مصنوع من الخشب ومُغطى بألواح ألمنيوم مُشكّلة يدويًا بعناية لا يعرفها إلا الحرفيون. ورغم أن مظهرها ظل وفيًّا لجذورها الكلاسيكية المتقشّفة، إلا أن الأداء كان حديثًا بالكامل: تسارع إلى ستين ميلاً في الساعة خلال ست ثوانٍ فقط، جعل منها منافسًا لا يُستهان به على الطرقات.

كلاسيكية لا تخشى الزمن

على مدار ست وثلاثين سنة من الإنتاج، تطوّرت سعة المحرّك تدريجيًا من 3.5 إلى 4.6 لتر، مع تعديلات ميكانيكية تُراعي تطوّر المعايير من دون المساس بالروح الأصلية. 

غير أن أبرز النماذج التي شقّت طريقها إلى السوق جاءت مزوّدة بمحرّك بسعة 4.0 لترات، بقوة 190 حصانًا. لكن الحقيقة هي أن الأرقام لم تكن لبّ التجربة. فقيادة Plus 8 لا تزال أقرب إلى السفر عبر الزمن: مقود بلا مساعدات، وكسوة من الجلد والخشب، فيما صفير الريح يلامس الوجوه، وصوت العادم يقرع أضلاع السائق كإيقاع من حقبة أكثر بساطة.

Morgan Plus 8.. متعة القيادة البريطانية كما لم تختبرها من قبل

RM Sotheby’s

في المقصورة، تُحيطك الأناقة البريطانية كما يجب: مقاعد جلدية، وتطعيمات خشبية مصقولة، ونوافذ جانبية منزلقة، ومقصورة صغيرة لا تزال تحمل روح الخمسينيات. 

ومن السهل أن تنسى أنك في سيارة قادرة على منافسة أداء سيارات حديثة بفضل مكابحها القرصية ونظام تعليقها البدائي، ذلك النظام الذي وُلد في زمن الفؤوس الحجرية، لكنه ما زال ينقل أدق ذبذبات المقود أفضل من أي سيارة معاصرة.

وقد يكون أكثر ما يُثير الإعجاب هو أن الهيكل لم يكن معدنيًا بالكامل: فإطار السيارة مصنوع من خشب الرماد، مادة تتحدى الصدأ. ومع ذلك، فإن هذا البناء الفريد، الذي يقف على قاعدة فولاذية بسلم متواز، ظل يحتفظ بطابع متماسك يسمح بتحديث السيارة بسهولة. 

وقد شهدت العقود العديدة التي قضتها مورغان Plus 8 على الطرقات آلاف التحسينات من قِبل مُلّاكها، من أنظمة العادم الرياضية إلى إزالة الصادمات الثقيلة وإضافة حقائب أمتعة خلفية.