وسط الريف الإنجليزي الهادئ، وعلى ضفاف نهر التيمز، يُعرض أحد المنازل الأكثر ارتباطًا بعالم الإبداع المعماري والفني للبيع مقابل 6 ملايين دولار. 
إنه قصر "ميل هاوس" Mill House، العقار التاريخي الذي يعود للقرن الثامن عشر، والذي شكل لسنوات ملاذًا خاصًا للمخرج الأمريكي تيم برتون المعروف برؤيته البصرية المتفرّدة.

يُصنّف المنزل ضمن المباني البريطانية من الدرجة الثانية، إذ يجمع بين روح العمارة الجورجية الكلاسيكية وتفاصيل داخلية تعبّر عن ذوق إبداعي نادر، وهو يُطرح اليوم في السوق عبر وكالة "سافيلز" Savills ليشكّل فرصة نادرة لاقتناص قطعة من التاريخ المعماري والفني في آنٍ.

يقع العقار الممتد على مساحة 17 فدانًا في مقاطعة أوكسفوردشير البريطانية، وتبلغ مساحته الداخلية نحو 557 مترًا مربعًا. وعلى الرغم من طابعه الإنجليزي الكلاسيكي، إلا أن تفاصيله تعكس لمسات خيالية شاعرية لا تخطئها عين، تنسجم تمامًا مع أسلوب برتون المتفرّد. 

اشترى المخرج العقار في عام 2006 بالشراكة مع الممثلة البريطانية هيلينا بونهام كارتر، وظل المنزل ملاذًا إبداعيًا هادئًا حتى بعد انفصالهما في عام 2014، محتفظًا بمكانته ضمن محفظة برتون العقارية.

تاريخ محفور في الجدران

شُيّد منزل ميل هاوس في عام 1741 ليكون مقرًا لرئيس عمال مطبعة ساتون Sutton Mill، التي اشتهرت آنذاك بإنتاج أولى الأوراق النقدية البريطانية المقاومة للتزوير، وهو ابتكار ترك بصمته في تاريخ الطباعة والأمن المالي. 

وعلى مرّ العقود، ظلّ هذا المعلم الريفي شاهدًا على تحولات الزمن، متنقلًا من وظيفة صناعية إلى عنوانٍ للنخبة، حين اقتناه رئيس الوزراء البريطاني هربرت أسكويث في القرن العشرين ليُحوّله إلى دار ضيافة تابعة لعقاره الريفي.

ورغم زوال المطحنة الأصلية ومدخنتها منذ زمن بعيد، إلا أن عقار "ميل هاوس" ظل يحتفظ بروحه الأصيلة وتفاصيله المعمارية الراقية التي تحاكي طراز الريف الإنجليزي الكلاسيكي. فواجهته الحجرية، ونوافذه المقوّسة، ومسقوفاته العتيقة، تروي فصولًا من التاريخ البريطاني في صمتٍ أنيق لا تنقصه الهيبة.

ميل هاوس.. قصر تيم برتون الخيالي معروض للبيع مقابل 6 ملايين دولار

Savills

يتمدّد العقار على مساحة خضراء تحفّها حدائق ورود هندسية التصميم، وأشجار معمّرة تشكّل مظلة طبيعية فوق الممرات المتعرجة، التي تعبر غابات صغيرة وتتصل بثلاث جزر عبر جسور من الحبال والخشب، كأنها دعوة خفية للعبور إلى عالم موازٍ من السكينة. 

وتطل الأرصفة الحجرية للمنزل على بركة مائية تسبح فيها زنابق الماء بهدوء، فيما يتوارى عند أحد أطراف الحديقة بيت صيفي منعزل بين الأشجار، كان المخرج تيم برتون يلجأ إليه ليستلهم أفكاره ويرسم عوالمه السينمائية الفريدة.

قصر ميل هاوس.. تناغم كلاسيكي بتفاصيل فنية

في الداخل، تنبض أرجاء المنزل بروح العمارة الجورجية الكلاسيكية، حيث الواجهات الزجاجية كاملة الارتفاع تغمر المساحات بالضوء الطبيعي، والتيجان الزخرفية تنحت ظلالًا دقيقة عند التقاء الجدران بالسقف، فيما تتكامل الجدران المكسوّة بالخشب والمدافئ الرخامية المنحوتة لتشكّل خلفية أنيقة لا تخلو من الدفء.

ميل هاوس.. قصر تيم برتون الخيالي معروض للبيع مقابل 6 ملايين دولار

Savills

تُعد غرفة الرسم أبرز ملامح الطابق الأرضي، إذ تمتد على طول الواجهة الخلفية لتطل مباشرة على المروج وأشجار الأرز المعمّرة، فيما تحتضنها من الجوانب غرفة دراسة، وغرفة طعام رسمية، وصالة جلوس تتّقد أجواؤها بحميمية مدروسة. 

أما المطبخ، فيجمع بين الطابع الريفي واللمسات الفاخرة، مع الموقد الكلاسيكي من علامة أغا Aga المصنوع من الحديد الزهري، والخزائن الخشبية المطلية يدويًا، فضلًا عن غرفة مؤن، وغرفة غسيل مستقلة، وخزانة عالية الأمان ذات مدخل خاص يوفّر مستوى متقدّمًا من الخصوصية.

ميل هاوس.. قصر تيم برتون الخيالي معروض للبيع مقابل 6 ملايين دولار

Savills

في الطابق العلوي، يمتد الجناح الرئيس على عمق المنزل ميل هاوس ليشكّل مساحة خاصة مترفة، تحتضن غرفة نوم فسيحة تتصل بغرفة ملابس رحبة، يمكن تحويلها بسهولة إلى استوديو عمل شخصي. وعلى امتداد الممرات، تتوزع سبع غرف نوم إضافية بأحجام متباينة، تتكامل مع أربعة حمّامات. كما خُصّص جناح علوي مستقل ليكون مساحة معيشة مثالية، يمنح الخصوصية والاستقلالية داخل الإطار العائلي.

بفضل توزيع المساحات المدروس، وتعدّد الغرف والمرافق، يوفّر المنزل بيئة مثالية لعائلة كبيرة أو فريق تصوير سينمائي كامل، من دون المساس بجوّه الحميمي وخصوصيته الرفيعة، ما يجعله تجسيدًا حقيقيًا لفكرة المنزل متعدد الوظائف.