عندما أطلق حسان الأخرس في عام 2014 مدوّنته "دليل العرب للساعات"Arab Watch Guide، المتخصصة في المحتوى والاستشارات في مجال الساعات، مدفوعًا بشغف راسخ بخبايا هندسة الوقت، لم يكن مدركًا بعد أن عامًا واحدًا فقط يفصله عن وضع أول لبنة في تشكيل معالم مجتمع من الهواة الذين يشاركونه الشغف نفسه. وفي هذا يقول الأخرس، الذي يُعد اليوم من أبرز الأسماء المؤثرة في أوساط هواة جمع الساعات في منطقتنا والعارفين بخبايا هذا القطاع وتاريخ صنّاعه والتوجهات التي تحكم سوقه: "آنذاك، كان مجتمع هواة الساعات في منطقة الشرق الأوسط مشتتًا نوعًا ما في ظل غياب أي "كيان" متين يجتمعون تحت مظلته. لم يكن ثمة حضور جلي للجامعين وكان تفاعلهم مع دور الساعات في سياق منظّم محدودًا للغاية. كنت في ذلك الوقت ألتقي والعديد من الأفراد في منطقة الخليج العربي الذين يشاركونني شغفي بالساعات واهتمامي بجمعها، ما دفعني إلى التفكير في استحداث منصة تسدّ هذه الفجوة وتؤسس لبناء قنوات تواصل حقيقية بين الهواة أنفسهم وبين الهواة والصنّاع". 

في عام 2015، ترجم الأخرس فكرته على أرض الواقع بإطلاقه، مع عشرة أفراد آخرين من دول الخليج العربي الست كلها، نادي العرب للساعات Arab Watch Club الذي ما لبث أن تنامى ليضم ما يزيد على 100 عضو يحتفون هذا العام بمرور عشر سنوات على نشأة شبكة توثّق بها حضور الجامعين العرب في السردية الأوسع نطاقًا للقطاع وتأثيرهم على السوق. يقول الشيخ عبدالعزيز المعلا، الذي انضم إلى نادي العرب للساعات من دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016: "كنت مدفوعًا بالشغف بصناعة الساعات والرغبة في التواصل مع هواة لا يرون في الساعة أداة لقياس الوقت فحسب، بل مزيجًا من الفن والتراث وحس الابتكار. إن ما استثار اهتمامي حقيقةً كان البعد العميق للحوارات بين أعضاء النادي.

فالنقاشات حول المهارات الحرفية، والتعقيدات الوظيفية، والجماليات التصميمية لا تنفك تعزز تقديري لصناعة الساعات". وعلى ما يقول الشيخ المعلا، فإن ما يتفرّد به هذا النادي هو روحه المتمايزة، بداية من تنوّع خلفيات الأعضاء والصداقات التي نشأت بينهم، وليس انتهاء بحس الانتماء إلى مجتمع حصري ولكن عائلي الطابع في آن (قد يُعزى السبب في ذلك بجزء منه إلى المعايير الصارمة التي يحتكم إليها النادي لقبول الأعضاء الجدد، وفي طليعتها الإحالات من أعضاء سابقين). 

مجموعة من أعضاء النادي في زيارة إلى مصنع بياجيه في لا كوت أو فيه بسويسرا.

مجموعة من أعضاء النادي في زيارة إلى مصنع بياجيه في لا كوت أو فيه بسويسرا.

يتردد صدى هذا الشعور أيضًا في تجربة جامع الساعات السعودي حسين العوامي الذي يقول: "انضممت إلى النادي في عام 2021 بعد أن جذبتني فرصة التواصل مع هواة يشاركونني الاهتمام نفسه. فما يتمايز به هذا النادي هو الحس المجتمعي العميق والشغف المشترك بفن صناعة الساعات. فالأحداث التي ينظمها النادي، وجلسات النقاش، وفرص بناء شبكة من العلاقات، كلها شكلت إضافات قيّمة إلى مسيرتي في جمع الساعات. أتاح لي حضوري في النادي التعلّم من تجارب الآخرين، وتشارك تجاربي الشخصية معهم، والوقوف على أحدث التحوّلات والتوجهات في القطاع. إنها عضوية مجزية، وأنا ممتن للصداقات التي بنيتها والمعارف التي اكتسبتها من خلال ولعنا المشترك بالساعات". ويضيف العوامي: "لا يسعني إلا أن أتوجّه بالشكر إلى المؤسس حسان الأخرس الذي أتاحت رؤيته ومساعيه بناء هذا المجتمع الحقيقي لهواة الساعات". 

زخارف مستوحاة من الثقافة الشرق أوسطية تزيّن ساعة  Place Vendôme “Al Kanz”  (الكنز) التي أطلقها النادي بالتعاون مع دار تشابيك، وجرى بيعها من خلال مزاد لدار كريستيز دبي.

زخارف مستوحاة من الثقافة الشرق أوسطية تزيّن ساعة  Place Vendôme “Al Kanz”  (الكنز) التي أطلقها النادي بالتعاون مع دار تشابيك، وجرى بيعها من خلال مزاد لدار كريستيز دبي.

قد يكون تبديد المسافات بين أفراد من العالم العربي يتشاركون الشغف نفسه بجمع الساعات ومنحهم منصة للتواصل والتفاعل وتبادل الخبرات في طليعة الأهداف التي انطلق منها نادي العرب للساعات، لكنه ليس الركيزة الوحيدة التي يقوم عليها. فبموازاة ذلك، يُعنى النادي بمد جسور التواصل بين دور الساعات والجامعين بوصفهم زبائن هذه العلامات. يتحقق هذا التواصل عبر قنوات مختلفة تشمل تنظيم فعاليات حصرية، وزيارات إلى مصانع الدور ومحترفاتها، وصفوفًا وورش عمل لتعلّم مهارات صناعة الساعات، فضلاً عن الاطلاع حصريًا على أحدث الإصدارات قبل الكشف عنها للعامة، على ما يوضح الأخرس مضيفًا: " تُبدي دور الساعات بمعظمها رغبة في استضافة أعضاء النادي لعرض أحدث إصداراتها بشكل سنوي، أو للاحتفاء بإنجاز محدد. ومنذ انطلاقتنا، زرنا نحو 14 مصنعًا للساعات، ونسعى دومًا إلى المشاركة في صفوف عملية تتناول الدراية في صناعة الساعات، على ما فعلنا على سبيل الذكر مع علامات مثل كارتييه، وبياجيه، ومون بلان، وروجيه دوبوي". 

حسان الأخرس، مؤسس نادي العرب للساعات.

حسان الأخرس، مؤسس نادي العرب للساعات.

الجدير بالذكر أن لقاءات أعضاء النادي بصنّاع الساعات ومراجعتهم لإصداراتها الجديدة كرّس اسمه مرجعًا للمعلومات المرتدّة التي تتيح للدور استكشاف ذائقة الهواة في المنطقة واستشراف ما ينجح في سوقها وما قد لا يحقق الرواج المطلوب، على ما يقول الأخرس مضيفًا: "عندما تسعى الدور إلى ابتكار إصدارات خاصة بمنطقتنا، كثيرًا ما تستطلع رأينا بعناصر محددة مثل الخطوط، والأسلوب الطباعي، والسرد القصصي، والخيارات اللونية، والأرقام، وغيرها من التفاصيل". 

إصدار حصري لأعضاء النادي من ساعة الكرونوغراف  Polo Chronograph من بياجيه.

Gustavo Kuri

إصدار حصري لأعضاء النادي من ساعة الكرونوغراف  Polo Chronograph من بياجيه.

على أن تعاون نادي العرب للساعات مع كبار الصنّاع في القطاع يتجاوز في الواقع هذه الحدود إلى ابتكار إصدارات خاصة نادرة، متاحة حصريًا لأعضاء النادي، بما يُسهم في تعزيز شبكة علاقاته داخل القطاع، وترسيخ دوره الريادي في بناء شراكات متفردة مع مجموعة من العلامات. يقول الأخرس: "خلال عقد من الزمن، أنجز النادي نحو 25 مشروع تعاون، منها ثلاثة مشاريع لثلاث سنوات متتالية مع دار كارتييه، أثمرت عن إصدارات متفردة من طُرز Santos Dumont وPasha وTank Asymétrique. كما ابتكرنا إصدارًا خاصًا من ساعة Piaget Polo Chronograph  من بياجيه، وكنا النادي الوحيد في المنطقة الذي أطلق إصدارات عدة بتوقيع كاسيو Casio، وترافق ذلك مع زيارة مصنع العلامة في اليابان لاستلام النماذج شخصيًا. وخلال جائحة كوفيد، أنجزنا إصدارًا فريدًا من ساعة Czapek Tourbillon من تشابيك، جرى بيعه في مزاد لدار كريستيز دبي وخُصصت عائداته لصالح مؤسسة الإمارات". 

أثمر مشروع التعاون الثاني بين النادي وكارتييه عن ساعة Pasha De Cartier AWC LE 50 التي تميزها أرقام هندية للمؤشرات والتاريخ، ونقش لعبارة "الوقت معلّم من لا معلّم له" على العلبة الفولاذية.

أثمر مشروع التعاون الثاني بين النادي وكارتييه عن ساعة Pasha De Cartier AWC LE 50 التي تميزها أرقام هندية للمؤشرات والتاريخ، ونقش لعبارة "الوقت معلّم من لا معلّم له" على العلبة الفولاذية.

وفي هذا السياق، يُحسب للنادي مساهمته في تخطي قواعد المألوف، ودفع الأعضاء إلى الخروج من دائرة الاهتمام بثلاث علامات كبرى فقط لاستكشاف نطاق أوسع من الساعات المتاحة. يقول الأخرس: "كنا أول من تبنّى ساعة Joker من شايكين Chaykin في بداياتها، وكررنا التجربة مع علامات مثل تشابيك ونوموسNomos  وسِنSinn  وليت لابز Lytt Labs وآرنولد أند صن Arnold & Son وغيرها. قررنا أن نخوض المغامرة دومًا مع علامات واعدة غالبًا ما يغفل عنها البعض. وبموازاة ذلك، سعينا إلى تغيير المفاهيم لدى بعض دور الساعات الفاخرة التي لم تكن قد خاضت بعد تجربة الإصدارات الخاصة بالنوادي، على ما يشهد مشروع تعاوننا مع بياجيه". 

مجموعة من أعضاء النادي يستعرضون التصميمين الخاصين من حذاء Triple Stitch اللذين انبثقا عن التعاون مع دار زينيا.

مجموعة من أعضاء النادي يستعرضون التصميمين الخاصين من حذاء Triple Stitch اللذين انبثقا عن التعاون مع دار زينيا.

اللافت أيضًا هو أن أعضاء النادي التقوا على مكامن شغف تتجاوز حدود الساعات، على ما يشهد التعاون مرتين مع دار زينيا  Zegnaالشهيرة للأزياء الفاخرة لتكون النتيجة تصميمين مختلفين من الحذاء الرياضي Triple Stitch وسترة Windbreaker بلون خاص بالنادي، فضلاً عن قبعة ابتُكرت حسب الطلب حصريًا لأعضاء النادي.  

لقيت هذه الفعاليات صداها في نفس جامع الساعات البحريني فهد مراد الذي انضم إلى النادي في نوفمبر من عام 2017. على هامش معرض Jewellery Arabia آنذاك، وفي سياق حفل عشاء نظمته دار فاشرون كونستانتين، تعرّف مراد إلى حسان الأخرس من خلال أحد أعضاء النادي في البحرين. وفي هذا يقول: "كان هذا أول نادٍ وجدته يجمع تحت مظلته نخبة متميزة من جامعي الساعات الحقيقيين. أثارت انتباهي مشاريع التكليف الثلاثة السابقة التي نفذها النادي، فتحمست للمشاركة في مشاريعه المستقبلية. 

"حكايات الإبداع ترويها دقات الزمن" و"جواهر فنية وقصصها غير المحكية".. كتابان يحتفيان بهواة الجمع في المنطقة.

"حكايات الإبداع ترويها دقات الزمن" و"جواهر فنية وقصصها غير المحكية".. كتابان يحتفيان بهواة الجمع في المنطقة.

وبانضمامي إلى النادي أسعدني أن أكون جزءًا من مشاريع تكليف عدة نُفذت بالتعاون مع علامات مرموقة مثل تشابيك، ونوموس، وبياجيه، وكارتييه". ويضيف مراد: "أتاح لي النادي، بفضل مؤسسه حسان الأخرس، فرصة مشاركة هذا الشغف مع مجموعة متميزة من الهواة، وتبادل المعارف والخبرات ليس من خلال اللقاءات المباشرة فحسب، سواء عبر الاجتماعات والعروض التقديمية واللقاءات الخاصة مع أرقى العلامات في دبي وأبوظبي والبحرين، بل أيضًا من خلال الزيارات مُحكمة التخطيط والتنفيذ إلى مصانع الساعات في سويسرا، حيث تعرّفنا أسرار هذا الفن في مصانع دور مثل كارتييه، وبياجيه، وبوفيه، وأوليس ناردين، ومون بلان. إنها مسيرة أفخر بكوني جزءًا منها. فإلى جانب الأعضاء القدامى الذين باتت تربطني بهم علاقة عائلية، كان من الرائع أيضًا لقاء أعضاء جدد من مختلف أنحاء العالم العربي، اجتمعت بهم أخيرًا في سياق احتفالاتنا بالذكرى العاشرة لتأسيس النادي". 

على هامش هذه الإصدارات والفعاليات الحصرية، طرح حسان الأخرس في عام 2024، بالتعاون مع كاتيا الجندي، مؤسسة صفحة Katsbling، كتاب "حكايات الإبداع ترويها دقات الزمن" الذي استكشفت صفحاته عمق ثقافة الجمع في المنطقة من خلال الإضاءة على 36 جامعًا للساعات استعرضوا ما يمتلكونه من روائع نادرة تحمل توقيع دور رائدة في القطاع. أما هذا العام، فشهد إطلاق كتاب "جواهر فنية وقصصها غير المحكية"  الذي يحتفي بروائع مجموعات الهواة من الحِسان في الشرق الأوسط. وقد أهديت نسخ الكتابين حصريًا لمجموعة من ألفي جامع للساعات والجواهر في منطقتنا.  

إصدار Parmigiani Tonda PF 10th Anniversary من برميجياني احتفاءً بالذكرى التأسيسية العاشرة للنادي.

إصدار Parmigiani Tonda PF 10th Anniversary من برميجياني احتفاءً بالذكرى التأسيسية العاشرة للنادي.  

يقول الأخرس في افتتاحية الكتاب الأول: "لطالما تميّزت منطقة الشرق الأوسط بتاريخها الغني وتقديرها للمهارات الحرفية، وهي اليوم موطنٌ للعديد من هواة جمع الساعات الذين نجحوا في اقتناء مجموعات متفردة". وما حققه الأخرس على مر عشر سنوات من خلال نادي العرب للساعات هو على الأرجح وضع هؤلاء الهواة على الخارطة العالمية لفن صناعة الساعات وسوقها. وفي الذكرى التأسيسية العاشرة للنادي، الذي يرى فيه الشيخ عبدالعزيز المعلا "واحة يتلاقى فيها الإرث العربي مع فن هندسة الوقت لتتحوّل كل مناسبة إلى احتفاء بالصداقة والثقافة والإتقان"، يتهيأ الأعضاء لاستلام نسخهم من إصدار Parmigiani Tonda PF 10th Anniversary من برميجياني، فيما يستمر العمل مع عدد من العلامات الأخرى على مشاريع تكليف ستبصر النور في المستقبل القريب، و"تعكس طابعًا رياديًا من حيث طبيعة التعاون والتصميم" على ما يقول مؤسس النادي.