لم تعد لوحة بابلو بيكاسو L’Hetaire (العاهرة)، التي تعود إلى عام 1901، مجرّد أثر فني على جدار متحف الفنون الجميلة في مونتريال، بل تحوّلت إلى مشهد احتجاجي صاخب، بعدما أقدم ناشط بيئي شاب على تغطيتها بطلاء وردي ساطع، في لحظة صدام بين جمال الفن وصرخات الكوكب المستغيث.

المشهد، الذي وثّقته مجموعة Last Generation Canada (الجيل الأخير كندا) عبر كاميرا هاتف محمول، وثّق لحظة الاعتراض، إذ اقترب الشاب البالغ من العمر 21 عامًا، المعروف باسم مارسيل، من اللوحة ورشّها بالطلاء قبل أن يرافقه حارس الأمن إلى خارج القاعة وسط دهشة الزوّار.

لا فن على كوكب ميت

لم يُبدِ الناشط الشاب أي ندم، بل أعلن موقفه صراحة قائلًا: "أنا لا أهاجم الفن؛ بل أحميه. فالفن وُجد للحياة، ومن أجل الأحياء. لا فن على كوكب ميت". 

طلاء وردي فوق بيكاسو.. لوحة من القرن العشرين تتحوّل إلى مساحة احتجاج مناخي في متحف مونتريال

Last Generation Canada

في بيانه، أشار إلى وينيبيغ، المدينة الكندية التي ترزح حاليًا تحت موجة حرّ غير مسبوقة تهدّد بتحويل موسم حرائق الغابات إلى الأسوأ هذا الصيف، متسائلًا: "هل سيكون في مقدوري أن أخلق الفن وأنا أركض خلف ماء أو ظلّ؟".

وفي أعقاب الواقعة، أعلنت شرطة مونتريال توقيف الناشط قبل أن تُطلق سراحه لاحقًا، على أن يُستدعى للمثول أمام المحكمة في وقت لاحق. 

أما الشخصان اللذان قاما بتوثيق العملية، فقد جرى احتجازهما لفترة وجيزة وأُفرج عنهما من دون توجيه أي اتهام. وقد باشرت إدارة متحف مونتريال للفنون الجميلة على الفور فحص اللوحة الفنية المتضررة، للتأكد من سلامتها وإجراء الصيانة الضرورية، وسط ترقّب لما ستؤول إليه التبعات القانونية والثقافية لهذا الحدث اللافت.

طلاء وردي فوق بيكاسو.. لوحة من القرن العشرين تتحوّل إلى مساحة احتجاج مناخي في متحف مونتريال

Pinacoteca-Agnelli

هذه الحادثة امتداد لسلسلة من التحركات الجذرية التي قامت بها مجموعات بيئية خلال السنوات الأخيرة، إذ تحوّلت الأعمال الفنية الكبرى إلى منصات احتجاج بديلة، مستهدفة رموزًا ثقافية مثل لوحات فنسنت فان غوخ، وإدغار ديغا، وغوستاف كليمت، في صالات العرض الأشهر في أوروبا وأمريكا الشمالية. 

النشطاء يرون في هذه الأعمال تجسيدًا لجمال مهدد بالزوال، ورسائلهم تؤكّد أن لا معنى للفن في عالم ينهار بيئيًا. ومع ذلك، لا تزال هذه الوسائل تُثير انقسامًا حادًا في الرأي العام، بين من يرى فيها نداءً مشروعًا للاستيقاظ، ومن يعدها اعتداءً صارخًا على الإرث الثقافي الإنساني.