يتوق هواة السيارات من المحافظين إلى التصاميم البسيطة التي كانت شائعة في عصور سالفة. فإذا كانت سيارة جاغوار E-Type سيارة رائعة، فلماذا لا يُعاد إنتاجها؟ بالطبع، ألغت القوانين الحديثة المتعلقة بالحوادث والانبعاثات هذا النهج منذ فترة طويلة، وسيسهم الحظر الوشيك على المحركات المعتمدة على البنزين في قطع صلة معظم الإصدارات المستقبلية بأسلافها، لا سيما من الناحية الميكانيكية. ولكن، إذا كان ثمة سيارة واحدة معاصرة تتغلغل فيها تلك النزعة الأصولية أكثر من غيرها، فإنها بلا شك سيارة "إينيوس غرينادييه" Ineos Grenadier. 

اغتمّ الملياردير البريطاني السير جيم راتكليف، قُطب الصناعات الكيميائية والرجل الشغوف بالهواء الطلق، لمّا استبدلت لاند روفر بتصميم سيارة ديفندر القديم والمتين تصميمًا يشترك في مبادئه الهندسية مع سيارات الركاب الحالية.

وعندما امتنعت لاند روفر عن بيعه العدّة اللازمة للإبقاء على الطراز الأصلي قيد الإنتاج، صرف راتكليف 1.5 مليار دولار على إنتاج وريث جديد لسيارة ديفندر الكلاسيكية، يمتاز ببنية على هيكل، ومحاور حاملة (آملاً أن تجعلها هذه المزايا موثوقة أكثر من السيارة الكادحة التي استلهمت منها).

لكن لسوء الحظ، أدت سلسلة من العقبات غير المتوقعة، منها الدعوى القضائية اللاحقة التي رفعتها لاند روفر والوباء ومشاكل سلسلة التوريد العالمية، إلى تأخير إصدار السيارة. الآن، وبعد ست سنوات من الإعلان عن سيارة غرينادييه، أصبحت أخيرًا جاهزة لإجراء اختبار قيادة.

تصوّر السير جيم سيارة غرينادييه بوصفها مركبة تجارية بقدر ما هي مركبة تُعبّر عن أسلوب حياة محدد. ولذلك، من المرجح أن يقل سعرها عن سعر سيارة ديفندر الحالية وقت طرحها للبيع في الولايات المتحدة، غير أن قيمتها الحقيقية لا تكمن هنا.

فتميز مثل هذه المركبات المُعدة للطرق الوعرة ليس قائمًا على التكلفة، بل على القدرة والموثوقية، لا سيّما أن زبائنها أشخاصٌ يحتاجون إلى اجتياز أراضيهم الشاسعة. لنأخذ على سبيل المثال سيارة مرسيدس-بنز من طراز G-Wagen، التي كانت في الأصل سيارة لإنجاز الأعمال الشاقة لحظة إطلاقها قبل نصف قرن، ولكن وضعها سرعان ما تغير. ولذلك، إذا كانت سيارة غرينادييه بالجودة نفسها، فإنها قد تتبع المسار الناجح نفسه. ويسعدنا أن نعلن أنها جيدة للغاية.

قد تبدو سيارة الدفع الرباعي عتيقة التصميم هذه مختلفة تمامًا عن سيارة ديفندر الكلاسيكية، فقط بما يكفي لإبقاء المحاكم سعيدة، غير أنها مصنوعة على نحو أفضل، إذ تكفلت بتصميمها الشركة النمساوية Magna Steyr، التي تُصنّع أيضًا سيارات G-Wagen. لهذا، لا عجب في أن تصدر أبوابها الصوت نفسه الذي ينبعث من أبواب سيارة مرسيدس - بنز عند إغلاقها.

في الداخل، تثير جودة المقصورة القدر نفسه من الإعجاب، على الرغم من أن الصانع تقصّد تغييب المواد الفاخرة. ذلك أن المقاعد من طراز "ريكارو" Recaro مثيرة، ولوحة المفاتيح، التي تمتد فوق وحدة التحكم المركزية وإلى لوحة ثانية مثبتة في السقف، تُبين نوايا غرينادييه التناظرية.

أما محرك BMW سداسي الأسطوانات بسعة 3 لترات والمقترن بعلبة تروس أوتوماتيكية من طراز ZF بثماني سرعات، فهو ما يتيح للسيارة التقدم بهدوء وسلاسة (من دون الحاجة إلى قوة مفرطة).

على الطريق، تنساق غرينادييه وتتحرك بصورة أفضل بكثير مما هو متوقع من وسيلة نقل مصممة بغرض الكدح. ولن تخلط بينها وبين السيارات الرياضية، فحركتها متأنية وثقيلة وبطيئة نوعًا ما، كما أن فتح القفل التفاضلي وإغلاقه يتطلب الجهد نفسه.

بالطبع، تستطيع قيادة غرينادييه بسهولة على الطرقات المعبدة، ولكن حركتها تُظهر ببساطة أن أولوياتها تقع في مكان آخر، وبالتحديد على الطرق الوعرة. عند تجهيز هذه المركبة بالأقفال التفاضلية الثلاثة (الاختيارية)، لا مجال لإيقافها، لأنها تصعد المنحدرات الصخرية وتنزلها بأقل قدر من الجلبة ومن دون كثير توجيه من السائق.

على أن سيارة غرينادييه ليست مثالية. فالتجهيزات الإلكترونية كانت باعثة على الانزعاج عندما أخضعنا السيارة التجريبية للاختبار. كما أن بعض المزايا التصميمية مثل الباب الخلفي المنفصل مثيرة للضيق.

ولذلك، لا يمكن القول إن وسيلة النقل هذه مخصصة للجميع. بل إنها موجهة لأولئك الذين ينظرون إلى الوراء بقدر ما ينظرون إلى الأمام، وبالتحديد إلى الذين يفضلون اتباع طريقهم الخاص، أو على الأرجح اتباع اللاطريق.