تحت وطأة التراجع المالي وضغوط السوق العالمية، تقف دار بربري البريطانية أمام معادلة صعبة تُعيد رسم أولوياتها بين الحفاظ على بريق الفخامة والاستجابة لحاجات الإنقاذ. وفيما تتحضّر العلامة لتقليص قوتها العاملة بنحو 1,700 وظيفة حول العالم، حمل تقريرها السنوي مفارقة لافتة، إذ كشف عن مكافآت ضخمة تلقاها مديرها التنفيذي الجديد جوش شولمان وتجاوزت 3.5 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من توليه المنصب، بما في ذلك أكثر من نصف مليون دولار خصصت لتكاليف انتقاله.

مكافآت قياسية وخطة إنقاذ محفوفة بالتساؤلات

بعيدًا عن ضجيج الشارع، تَسكن في أروقة الإدارة قصة مختلفة، إذ تطمح بربري إلى كتابة فصل جديد في سجلّها العريق. ففي تقريرها المالي الأخير، ألمحت العلامة إلى مستقبل مشروط بأداء استثنائي، إذ قد ينال شولمان ما يصل إلى 7.6 مليون دولار هذا العام إذا بلغ الأهداف الموضوعة، إلى جانب حافز إضافي بقيمة 4.9 مليون دولار في حال استطاع مضاعفة سعر السهم خلال ثلاث سنوات، في محاولة للعودة إلى مؤشر FTSE 100 في بورصة لندن.

ولا تقف المكافآت عند حدود الرواتب، إذ خصّص له بدل سكن شهري يفوق 34 ألف دولار، وأكثر من 190 ألفًا للمساعدة في إيجاد منزل جديد، فضلًا عن نحو 163 ألفًا لنقل متعلقاته من نيويورك. وبينما تواصل الشركة تقليص موظفيها، سجّلت القوى العاملة تراجعًا بأكثر من 870 موظفًا خلال عام واحد.

بين مجد الأناقة وتحديات الإنقاذ.. بربري تعيد رسم مستقبلها بقيادة جوش شولمان

Burberry

التحولات الكبرى في بربري

على أن بربري لم تبلغ هذه المرحلة من فراغ. فقبل وصول شولمان، غادر المدير السابق جوناثان أكيرويد، الذي قاد الدار بعد تجربته في فيرساتشي، منصبه محمّلاً بتعويض بلغ قرابة مليوني دولار، بعد إخفاقه في تحقيق نقلة نوعية. 

أما شولمان، الرئيس التنفيذي السابق لعلامة كوتش Coach الأمريكية، فجاء إلى لندن محمّلًا برؤية طموحة تجلّت في مشروع Burberry Forward الذي يرنو إلى إعادة رسم هوية العلامة عبر مفردات "الفخامة البريطانية الخالدة" وشعار "الطقس دائمًا بربري"، في إشارة إلى المكانة التاريخية للمعطف الذي شكّل منذ الحرب العالمية الأولى حجر الأساس في هوية الدار، وارتقى لاحقًا إلى أيقونة للأناقة.

ورغم موجة الانتقادات التي طالت حجم المكافآت، أكدت بربري أنها أجرت مشاورات مع المساهمين قبل اعتمادها، مشيرة إلى أن الأغلبية قدّروا ظروف التعيين الاستثنائية وأبدوا دعمهم لهياكل الحوافز المصممة خصوصًا لمرحلة إعادة البناء؛ لكن في الخلفية، لا تزال تُطرح أسئلة حقيقية حول الكلفة الإنسانية لهذا التحوّل، وما إذا كانت الأرقام وحدها كفيلة بترميم الهوية المترنحة لعلامة كانت يومًا مرادفًا للأناقة البريطانية، قبل أن تُغرقها التحديات في متاهة السوق العالمية.