في مؤشر واضح على عمق التحديات التي تواجهها بربري Burberry، أعلنت دار الأزياء البريطانية عن خطة لخفض نحو 1,700 وظيفة من شبكتها العالمية بحلول عام 2027، أي ما يعادل خُمس القوى العاملة لديها. وتندرج هذه الخطوة ضمن برنامج تقشّف يستهدف تقليص النفقات التشغيلية بما يعادل 60 مليون جنيه إسترليني.
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب ما وصفه مراقبون "بانهيار مالي غير مسبوق"، إذ سجّلت الشركة خسارة سنوية قدرها 66 مليون جنيه إسترليني خلال السنة المالية المنتهية في 29 مارس، مقارنة بأرباح بلغت 383 مليونًا في العام السابق، ما يعكس تراجعًا بنسبة 117% في الأرباح قبل الضرائب.
وكان من أبرز تداعيات الخطة إلغاء المناوبة الليلية بالكامل في مصنع بربري التاريخي بمدينة كاسلفورد بمقاطعة ويست يوركشير، والذي يشتهر بإنتاج معاطف الدار الأيقونية.
وتهدد هذه الخطوة نحو 170 وظيفة لحرفيين ذوي مهارات عالية، ما أثار مخاوف محلية بشأن مصير أحد أقدم مواقع الإنتاج اليدوي في بريطانيا.
خفض للوظائف واستثمارات مؤجلة
أوضح جوشوا شولمان، الرئيس التنفيذي لبربري، أن غالبية التخفيضات ستتركّز في المقرات الرئيسة للشركة حول العالم، وفي مقدمتها لندن، إضافة إلى إعادة هيكلة جداول عمل الموظفين في المتاجر.
كما أشار إلى أنه لا توجد خطط راهنة لإغلاق متاجر رئيسة، لكنه كشف عن نية الشركة تنفيذ استثمار كبير خلال النصف الثاني من العام لتحديث مصنعها العريق في بلدة كاسلفورد بمقاطعة ويست يوركشير شمال إنجلترا.
ويُعرف هذا المصنع التاريخي، المشيَّد في الحقبة الفيكتورية، بدوره المحوري في صناعة المعاطف الشهيرة، وهي معاطف طويلة بطابع كلاسيكي ابتُكرت في الأصل لأغراض عسكرية، ثم تحوّلت لاحقًا إلى أحد أبرز رموز بربري.
ورغم الطابع المؤلم للقرار، إلا أن شولمان شدد على أن هذا التعديل ضروري لحماية مستقبل التصنيع المحلي، في وقتٍ صرحت فيه دار بربري بأنها تسعى للانتقال من مفهوم "الفخامة البريطانية المعاصرة" إلى "الفخامة البريطانية الخالدة"، معتبرًا أن مجموعة المدير الإبداعي دانيال لي الأخيرة تُجسّد هذا التوجّه الجديد.
Burberry
تراجع جماعي في قطاع السلع الراقية
جاءت تصريحات شولمان في سياق أداء غير مستقر لأسواق بربري، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تباينت المبيعات بشكل ملحوظ، إلى جانب تراجع الطلب من السيّاح الصينيين، وتأثير قرار بريطانيا بإلغاء الإعفاءات الضريبية للزائرين عقب الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من تلك التحديات، استقبلت بورصة لندن خطة خفض التكاليف بترحيب واسع، ما أسفر عن ارتفاع سهم بربري بنسبة 17% فور الإعلان.
إلا أن هذا الارتفاع لم يُخفِ تشاؤم المحللين، إذ وصف تشارلي هاغينز من شركة ويلث كلوب Wealth Club عام 2025 بأنه الأسوأ في تاريخ بربري، مشيرًا إلى فقدان العلامة البريطانية الكثير من جاذبيتها بسبب ما وصفه "بالإدارة المرتبكة" وتراجع بريق الهوية البصرية.
وقد جاءت هذه القرارات في وقت يعاني فيه قطاع السلع الراقية تباطؤًا عالميًا ملحوظًا، انعكس أيضًا على أداء مجموعات كبرى مثل كيرينغ المالكة لعلامتي غوتشي وبالنسياغا، ومجموعة إل في إم إتش LVMH التي تضم لويس فويتون وكريستيان ديور، إذ سجلت كل منهما خسائر كبيرة في قيمتها السوقية خلال الأشهر الماضية.