لا تزال سفينة تايتانيك تفصح عن أسرارها بصمت من قاع المحيط. هذه المرة، كان الكشف عن إحدى أندر القطع التي استُعيدت من الحطام: قلادة سوداء مصنوعة يدويًا من خرز الزجاج، بعضها على شكل قلب وآخر مثمّن، نُسجت يدويًا في تكوين فني يوحي بأنها لم تكن مجرّد زينة، بل كانت ذكرى ثمينة، أو تعويذة أمل احتفظ بها أحد الركّاب حتى اللحظة الأخيرة.

قلادة نجَت من الأعماق

القطعة الناجية، التي تُعد من أندر ما استُعيد من سفينة تايتانيك حتى الآن، لم تُكتشف دفعة واحدة، بل ظهرت على هيئة شظايا مبعثرة خلال بعثة استكشافية عام 2000، حين عُثر عليها مدمجة داخل كتلة صلبة تُعرف "بالتكتّل البحري" في حقل الحطام الواقع بين المقدّمة والمؤخّرة، على عمق يقارب 12,500 قدم. 

هذه الكتلة كانت قد تشكّلت بفعل اندماج فيزيائي وكيميائي بين مواد مختلفة التحمت تحت ضغط الأعماق، ومن هناك، بدأت رحلة ترميمها التي امتدت على مدى 25 عامًا داخل مختبر الاستعادة التابع لشركة آر إم إس تايتانيك RMS Titanic، حيث أُعيدت الحياة إلى حباتها الزجاجية السوداء، خرزةً تلو الأخرى.

قلادة زجاجية من تايتانيك تعود للحياة بعد 25 عامًا من الترميم

RMS Titanic, Inc

اليوم، تجد القلادة مكانها المستحق في قلب معرض Titanic: The Artifact Exhibition (تايتانيك: معرض القطع الأثرية) في أورلاندو، فلوريدا، حيث تُعرض وسط أكثر من 300 قطعة أصلية، ومجسّمات بحجم حقيقي لغرف السفينة، وممثلين يرتدون أزياء تلك الحقبة ليعيدوا للزوار تفاصيل الرحلة التي لم تكتمل. 

القلادة، مثل أكثر من 5,500 قطعة استُعيدت خلال تسع بعثات استكشافية امتدت لأربعة عقود، تُجسّد قدرة الفن على البقاء، حتى في قاع المحيط.

تقول توماسينا راي، رئيسة مؤسسة آر إم إس تايتانيك، الجهة الوحيدة المصرح لها قانونيًا باستخراج قطع من الحطام: "كل قطعة تروي قصة شخصية. 

من الخرز الأول الذي وجدناه وصولًا إلى خيط العقد الممزق، أدركنا أننا نعيد إحياء أثر إنساني كان يومًا ما عزيزًا على أحدهم". وأضافت: "هذا العقد يمنحنا نافذة نادرة على أسلوب ركّاب السفينة وذوقهم، ويعكس طقوس الأناقة في عام 1912".