من بيت متواضع في كامبريدج، ماساتشوستس، حيث نشأ بن أفليك وسط حي من الطبقة العاملة، وصولاً إلى مجمّعات سكنية فارهة في بيفرلي هيلز، شهدت منازل الممثل تحوّلات لافتة على امتداد مسيرته.
لم تكن هذه التغيّرات مجرد انتقالات مكانية، بل عكست في مضمونها مراحل مفصلية في حياته المهنية والشخصية. بين الطابع التاريخي في جورجيا، والتصميم الريفي المعاصر في باسيفيك باليسيدز، والتقنيات المتطوّرة في قصور بيفرلي هيلز، تنوّعت اختياراته السكنية لتجمع بين الخصوصية والطابع المعماري المميّز والموقع الاستراتيجي، ما يجعلها اليوم أشبه بخريطة عقارية لحياة نجم عالمي في تحوّل دائم.
منزل السيناريو الفائز بالأوسكار
في مرحلة التأسيس المهني، وقبل أن يرسّخ حضوره في هوليوود، عاش بن أفليك إحدى أبرز محطاته الشخصية والإبداعية في منزل استثنائي يقع في حي إيغل روك بشمال شرق لوس أنجليس.
هذا المنزل الذي يُعرف اليوم باسم إيغاس-براش Egasse-Braasch House، يعود تاريخه إلى عام 1923، وقد صمّمه المعماري الفرنسي جان إل. إيغاس بطراز يُجسّد الأسلوب القصصي المعروف بستوري بوك ستايل Storybook Style، الذي يدمج بين الطابع الخيالي والتفاصيل البنيوية المستوحاة من العمارة الأوروبية التقليدية.
تميّزت واجهات المنزل بانحناءات غير متماثلة ونوافذ زجاجية ملوّنة، وأقواس مصممة بعناية تتبع خطوطًا نورمانية وساكسونية وشمالية إيطالية، ما منح المبنى طابعًا بصريًا متفرّدًا.
المنزل لم يُخلّد بسبب طرازه المعماري النادر فحسب، بل لأن أفليك وصديقه المقرّب مات ديمون كتبا بين جدرانه سيناريو فيلم Good Will Hunting، الذي فاز لاحقًا بجائزة الأوسكار عن أفضل سيناريو أصلي.
وقد أصبح هذا العقار معروفًا محليًا باسم "منزل غود ويل هانتينغ"، وتحول إلى مرجع ثقافي في ذاكرة سكان الحي. وفي عام 2013، منحت بلدية لوس أنجليس المبنى صفة "معلم ثقافي وتاريخي"، ليس بسبب شهرة ساكنيه، بل تقديرًا لقيمته المعمارية وتفرده في المشهد العمراني للمدينة.
Egasse Braasch
عقار جورجيا.. بين العزلة والتاريخ
في عام 2003، وبعد تجربته التمثيلية في فيلم Forces of Nature، وقع اختيار بن أفليك على واحدة من الملكيات الأكثر خصوصية في الولايات المتحدة، حين اقتنى أرضًا تمتد على 87 فدانًا داخل مجمّع هامبتون آيلاند بريزرف Hampton Island Preserve، الواقع على بُعد نحو 35 ميلاً جنوب مدينة سافانا في ولاية جورجيا.
يتمتع هذا الموقع الطبيعي المنعزل بسِحر خاص، إذ لا يمكن الوصول إليه إلا عبر طريق ترابي طويل، تحيطه من الجانبين أشجار السرو والبلوط، ما يمنح المكان إحساسًا بالعزلة والهدوء التام.
يتكوّن المجمع من ثلاثة مبانٍ رئيسة، أولها "المنزل الكبير" Big House، وهو مقر الإقامة الرئيس المصمم على الطراز الإغريقي الكلاسيكي، بمساحة 6,360 قدمًا مربعة، والذي يُشبه في تكوينه المعماري منازل الجنوب الأمريكي قبل الحرب الأهلية، مع أعمدة شاهقة وواجهات متناسقة وسقف معدني. المبنى الثاني هو "أويستر هاوس"، وهو مبنى خشبي مخصص للإقامة الجماعية، بمساحة 10 آلاف قدم مربعة، يحتوي على ست غرف نوم بطراز الأسرّة المعلّقة ونمط يشبه نُزل الصيد، إلى جانب جناحين رئيسين.
ويكتمل المشهد بجناح "سامر هاوس"، وهو مفتوح على الطبيعة ومخصّص لجلسات الهواء الطلق، ومزوّد بمدافئ داخلية وخارجية ومساحات مخصصة لطهي الروبيان والأسماك بأسلوب محلي تقليدي.
Habitually Chic
من أجواء برينتوود إلى مجمّع خاص في باليسايدس
لم يكن الانتقال إلى حي برينتوود مجرد اختيار سكني بالنسبة لبن أفليك، بل خطوة نحو نمط حياة أكثر استقرارًا، جاءت بعد زواجه من جينيفر غارنر عام 2005. اختار الثنائي منزلًا تاريخيًا بُني عام 1929 على الطراز الإسباني التقليدي، وامتاز بتفاصيل معمارية كلاسيكية وساحات خارجية مزروعة بأشجار الزيتون.
وقد وفّر العقار، الواقع وسط حيّ هادئ تحيطه الخصوصية، خمس غرف نوم ومسبحًا خارجيًا وبيت ضيافة، واحتضن أولى سنوات الأسرة قبل أن يباع لاحقًا مقابل 6.25 مليون دولار.
وفي 2009، انتقل أفليك وغارنر إلى مستوى جديد من الرفاهية باقتناء مجمّع عقاري مترامي الأطراف في باسيفيك باليسايدس Pacific Palisades، مقابل 17.6 مليون دولار. امتدت الملكية على مساحة ثلاثة أفدنة، وتألفت من منزل رئيس من تصميم المعماري الشهير كليف ماي بمساحة 20 ألف قدم مربعة، تميّز بتصميم منفتح يدمج بين الطابع الريفي والحداثة.
كما ضم العقار استوديو فنيًا، وصالة رياضية، وبيت ضيافة مستقلاً، ومزرعة صغيرة تولّت غارنر تجهيزها لتشمل خلايا نحل وحدائق عضوية ودواجن.
وبعد الانفصال في 2015، واصل أفليك الإقامة في جناح الضيوف السفلي لمدة عامين، قبل أن تُباع الملكية للنجم آدم ليفين وزوجته بيهاتي برينسلو، وتُعاد لاحقًا إلى السوق بسعر تجاوز 50 مليون دولار.
العقار الأغلى في القائمة
بعد طيّ صفحة حياته العائلية مع جينيفر غارنر، اتجه بن أفليك في عام 2018 نحو أسلوب معيشة أكثر استقلالية، مقتنيًا منزلاً مستقلاً في حي باسيفيك باليسايدس مقابل 19 مليون دولار. بُني العقار حديثًا على الطراز الساحلي التقليدي بلمسات شرقية، وجاء بمساحة تبلغ 13 ألف قدم مربعة، تضمنت سبع غرف نوم وتسعة حمّامات موزعة بعناية لضمان الخصوصية والرحابة.
تميّز المنزل بمجموعة من المرافق المصممة للرفاهية الكاملة، شملت سينما خاصة، وصالة رياضية، وغرفة ترفيهية، ومسبحًا خارجيًا مرفقًا بناد صحي وحديقة مُنسّقة.
كما شكّل موقعه الاستراتيجي قرب نادي ريفييرا الريفي أحد أبرز عناصر الجذب، إذ ارتبط الحي تقليديًا بالمشاهير وكبار الشخصيات في لوس أنجليس.
وقد انعكس ذلك على القيمة السوقية للعقار، إذ باعه أفليك في أكتوبر 2022 مقابل 28.5 مليون دولار، بعد زواجه من جينيفر لوبيز، محققًا أرباحًا تجاوزت 10 ملايين دولار في واحدة من أنجح صفقاته العقارية.
وبعد زواجهما، بدأ الثنائي رحلة مطوّلة للبحث عن مسكن مشترك يوازي حجم شهرتهما ومكانتهما الاجتماعية. وبعد أكثر من عام من محاولات شراء فاشلة وانسحابات من ثلاث صفقات مختلفة، توصّلا في مايو 2023 إلى اقتناء قصر ضخم داخل مجمّع "وولينغفورد استيتس" Wallingford Estates المغلق في بيفرلي هيلز، مقابل 61 مليون دولار دُفعت نقدًا بالكامل.
جاء العقار على قمة ربوة عالية تضمن إطلالة بانورامية وخصوصية مطلقة، وامتد على مساحة 38 ألف قدم مربعة، ليضم 12 غرفة نوم و24 حمّامًا و15 مدفأة داخلية.
كما اشتمل على مسرح سينمائي، وصالون تجميل، وغرف ساونا، وغرف تدليك، ومركز لياقة بدنية مستقل بمساحة 5,000 قدم مربعة يحتوي على حلبة ملاكمة وملعب داخلي للبيكلبول. أما المرافق الخارجية، فشملت بيتًا للحراسة من غرفتين، وموقف سيارات يتّسع لنحو 80 مركبة، ما يعكس حجم الترف المعماري والبنية التحتية الفاخرة للمكان.
ورغم أن العقار جُهّز ليكون مقرًا دائمًا للثنائي، إلا أن الارتباط لم يدم طويلاً، إذ انفصل الزوجان رسميًا، ما دفعهما إلى إعادة طرح القصر في السوق في يوليو 2024 بسعر 68 مليون دولار. ورغم تلقي عرض جاد، تعثرت الصفقة بعد انسحاب المشترين بسبب ظروف عائلية خاصة، ما أدى إلى خفض السعر لاحقًا إلى 60 مليون دولار في محاولة لتحريك السوق.
MEGA
عودة إلى الجذور بتوقيع كليف ماي
في مايو 2024، اختار بن أفليك الابتعاد مؤقتًا عن دائرة الأضواء، وانتقل للإقامة في منزل إيجار فاخر بقيمة 100 ألف دولار شهريًا. يقع العقار في حي برينتوود، ويغطي مساحة 10 آلاف قدم مربعة، وهو بتصميم عصري يدمج بين الطابع التقليدي والخصوصية القصوى. تكسو ألواحه الخارجية أخشاب فاتحة اللون، وتزينه أربعة مدافئ كلاسيكية، فيما تحيط به أشجار كثيفة تضمن عزلة تامة عن المحيط.
لكن الإقامة المؤقتة لم تدم طويلاً. فبعد أقل من شهرين، أضاف أفليك إلى مجموعته العقارية منزلاً جديدًا في باسيفيك باليسايدس، اشتراه مقابل 20.5 مليون دولار.
العقار من تصميم كليف ماي، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1941، بمساحة 6,200 قدم مربعة، ويجسّد بأسلوبه الطابع الأمريكي الريفي، ويضم خمس غرف نوم، وستة حمّامات، وبيت ضيافة من طابقين، وحظيرة خيول.
الحدائق المحيطة بالمكان صممها ستيف جانيتّي، ودمج فيها أشجار سنديان ناضجة مع صفوف من الخزامى ومسارات نباتية توصل إلى المسبح المركزي.
أما المساحات الداخلية، فجاءت بإشراف الثنائي جيسي كارير ومارا ميلر من شركة كارير آند كومباني Carrier and Company، واللذين حافظا على الطابع الريفي من خلال استخدام الأسقف الخشبية المكشوفة، والأرضيات المصنوعة من ألواح الخشب المعتّق، ومدافئ موزّعة بعناية في أنحاء المنزل.
وتتميّز هذه الإقامة بأجواء دافئة ومريحة، تشكّل نقيضًا واضحًا للطابع المعماري العصري والبارد الذي طغى على مساكن أفليك في السنوات الأخيرة.