عاد أسبوع دبي للتصميم 2025 إلى حي دبي للتصميم في الفترة الممتدة بين 5 و9 نوفمبر، مُسجلاً في دورته الحادية عشرة احتفاءً بالمجتمع والتعاون والإبداع. وقد أضاءت دورة هذا العام، التي شارك فيها ما يزيد على ألف مصمم ومهندس معماري ومبدع من أكثر من 50 دولة، على الدور المتنامي للتصميم بوصفه رابطًا اجتماعيًا وعاملاً مُحفّزًا للاستدامة. وفي هذا تقول خديجة البستكي، النائب الأول لرئيس حي دبي للتصميم: "احتشد حي دبي للتصميم بطاقات الإبداع والحوار والأفكار القيّمة. فأسبوع دبي للتصميم يتيح للمبدعين والعلامات والزوّار من مختلف أنحاء العالم سبلاً متفردة للتفاعل مع صناعة التصميم دائمة التطور واكتشاف مواهب وأفكار جديدة. إنه منصة للتواصل والتعاون والإلهام".
Ziga Mihelcic
استحدثت دار بوتشيلاتي بيئة غامرة لمعاينة الآنية الفضية والجواهر احتفالاً بالتراث والفخامة العصرية.
وقد ترددت أصداء هذا التوجّه في تصريح ميت دين - كريستنسن، مديرة داون تاون ديزاين، التي قالت:
"يتطور عالم التصميم بسرعة وتؤدي دبي دورًا متناميًا في هذا العالم من خلال رسم مستقبل يزخر بقدر أكبر من التعاون والابتكار وأكثر شمولية. ومن هذا المنطلق، يُعدّ معرض داون تاون ديزاين 2025 مساحةً مجتمعيةً للاستكشاف والتطور والتواصل".
جسدت علامة Roche Bobois الإبداع الفرنسي على نحو بليغ أيضًا في أشكال منحوتة وألوان سينمائية وأيقونات مُعاد تخيلها.
داون تاون ديزاين 2025
يعود داون تاون ديزاين إلى الواجهة البحرية في حي دبي للتصميم، مؤكدًا أنه منصة التصميم المعاصر الرائدة في الشرق الأوسط. وقد استقبل المعرض هذا العام أسماء عالمية بارزة ومواهب إقليمية ناشئة، تنشط في تخصصات مختلفة مثل الأثاث والإضاءة والأسطح والمنسوجات وأغراض الزينة المنزلية. وقد طرح المعرض أيضًا مفاهيم مؤقتة وتجارب غامرة، تحوّل على إثرها إلى ملتقى للحوار بين الحرفية والابتكار والمجتمع.
من خلال الإضاءة على الابتكار في المواد والاستدامة والسرديات المحلية، قدّم معرض "صُمم في السعودية" لمحة أصيلة عن بيئة تصميم واثقة ومتنامية.
استضاف ملتقى "ذا فوروم" The Forum نخبةً من رواد الفكر العالميين والإقليميين، يتقدمهم توم ديكسون، الذي حطّ بدبي لأول مرة، فضلاً عن مارسيل واندرز ولي بروم وديفيد هيكس، وأسماء إقليمية مثل رباح سعيد وبالافي دين وعمر القرق. كان فضاء الملتقى قطعةً فنيةً قائمة بذاتها، أبدعت تصميمه المهندسة المعمارية والمصممة اللبنانية رلى سلمون، التي اعتمدت أسلوبها الفني الملموس والحدسي للجمع بين التجريب المادي والأشكال العضوية المستوحاة من الطبيعة. وفي سياق سعي المعرض للتأكيد على اهتمامه المستمر بالمواهب الإقليمية، أوكلت إلى سلمون مهمة تصور بيئة متجذرة في التقاليد المجتمعية الإماراتية القائمة على التجمع والحوار. كما أكد العديد من الأعمال على اتساع نطاق الإبداع في دورة هذا العام. ففي أول مشاركة لبوتشيلاتي في معرض داون تاون ديزاين، ابتكرت الدار، بالتعاون مع استوديو التصميم ديفيد/نيكولا الذي يقع في بيروت، ردهة مريحة تستحضر خطوطها الانسيابية وأسطحها العاكسة أناقة البحار. وقد استحضرت بوتشيلاتي إرثها الطويل في مجال التصميم من خلال استخدام الأخشاب الناعمة والألواح العاكسة، متيحةً بذلك بيئة غامرة لمعاينة الآنية الفضية والجواهر احتفالاً بالتراث والفخامة العصرية. أما دار روش بوبوا، التي شاركت كذلك في المعرض لأول مرة، فقد استقدمت فلسفتها القائمة على فن العيش بدبي من خلال تركيب فني مكسو بالمرايا، يحوّل التصميم إلى مسرح. يتجسد الإبداع الفرنسي على نحو بليغ أيضًا في أشكال منحوتة وألوان سينمائية وأيقونات مُعاد تخيلها، مثل أريكة ما جونغ Mah Jong التي أبدعها هانز هوبفر والمشغولة من أقمشة ساما لصالح كينزو تاكادا، وطاولة أكوا Aqua Table المصنوعة من الرخام في إصدار محدود بتوقيع فابريس بيروكس، وأريكة بابل Bubble Sofa بتوقيع ساشا لاكيتش والمُستحدثة بلون تفتّق عن التعاون مع بيدرو ألمودوفار.
في مجموعة Doodle & The Gang × Hands Carpets، ترجمت الشقيقتان مِنتالا وأسماء سعيد رسوماتهما الهازلة في أسطح منسوجة بإتقان.
بموازاة ذلك، استعرض استوديو ستراتا، نتاج تعاون الأم سايرة أحسن والابن يوسف شباز من باكستان، قطعًا تجمع بين العمارة والتصميم والفن، إذ كشفت أعمالهما الأولى عن بلاغة عاطفية مردّها إلى الأشكال الحسّية المنحوتة متعددة الطبقات، في إشارةٍ إلى حرف جنوب آسيا وفي مسعى لاستحضار لغةٍ تصميمية عالمية توازن بين البنية والليونة. كما عرضت الشقيقتان مِنتالا سعيد وأسماء سعيد، المقيمتان في القاهرة، مجموعة Doodle & The Gang × Hands Carpets، التي ترجمتا من خلالها رسوماتهما الهازلة في أسطح منسوجة بإتقان، تستكشف الذاكرة والحنين والفرح عبر الأنماط والألوان والحرفية، وتضيء على الإمكانات التعبيرية للتصميم بوصفه سردًا قصصيًا. أما معرض "صُمم في السعودية"، الذي قدمته هيئة فنون العمارة والتصميم التابعة لوزارة الثقافة السعودية، فقد أبرز الجيل المقبل من المصممين السعوديين الذين يعيدون رسم المشهد الإبداعي في المملكة. من خلال الإضاءة على الابتكار في المواد والاستدامة والسرديات المحلية، قدمت هذه المبادرة لمحة أصيلة عن بيئة تصميم واثقة ونامية. كذلك قدمت فينيني، إلى جانب علامات شهيرة أخرى عادت للمشاركة في الأسبوع، مثل كارتيل وبولترونا فراو وأوبيجي هوم، معارض ضخمة لابتكارات صناعية وزجاجية متمايزة، وهذا ما أسهم في تعزيز الصبغة العالمية للمعرض.
إديشينز: فنون وتصاميم محدودة الإصدار
احتفت الدورة السادسة من معرض إديشينز Editions بهواية الجمع والحرفية والابتكار من خلال أعمال مجموعة من المبدعين الإقليميين والدوليين في مجالات المطبوعات والأثاث والصور الفوتوغرافية والسيراميك والأعمال الفنية محدودة الإصدار. وأبرز ما شهده المعرض مشاركة غاليري "بورو أوف إينوفيشن" Bureau of Innovation للمرة الأولى بأثاث قابل للجمع من تصميم صوفي درايز وتوم فيريداي وكيم إليري، ومشاركة منصة "آستين" AASSTTIINN بأعمال منحوتة لفنانين إيرانيين، فضلاً عن أعمال إيلا كولومبو الرقمية والطباعية المدعومة بـالذكاء الاصطناعي.
أعمال منحوتة لفنانين إيرانيين استعرضتها منصة AASSTTIINN.
بالإضافة إلى ذلك، استكشف هذا المعرض أعمال الإضاءة النحتية المعاصرة بتوقيع استوديو سوبيربيا دوموس واستوديو إيه دي يو واستوديو طوكيو، فيما عرض وادي فينان آرت غاليري أعمالاً قائمة على الورق والقماش وركزت أنتيلا دي لاورو على الاستدامة من خلال أعمال السيراميك والمفروشات المصنوعة من مواد معاد تدويرها، جامعةً بذلك بين الحرفية والابتكار.
Florie Berger
أثاث قابل للجمع من غاليري Bureau of Innovation.
أبواب وأشغال حضرية وإبداعات إماراتية
حمل موضوع معرض أبواب لهذا العام عنوان "في التفاصيل"، وقد استكشف فن الزخرفة بوصفه لغة ثقافية زاخرة بالمعنى والرمزية والمعرفة الراسخة. قدّمت منصة "مرَج" البحرينية عملاً بعنوان "حكايات الحواف البحرية"، يعكس البيئة الهشة والتراث الثقافي لجزيرة النبيه صالح. وقد التقت المواد محلية المصدر والتطريز والحرف اليدوية في هذا العمل لإنشاء سياج نسيجي يؤكد على ضرورة الحفاظ على البيئة والذاكرة الثقافية. أما جائزة "الأشغال الحضرية"، فكانت هذا العام من نصيب عمل بعنوان "متى تتحول المساحة المتنقلة إلى حوش؟". ابتكر استوديو التصميم والبحث الإماراتي "شكل من أشكال العمل"، الذي أسسه عمر درويش وعبد الله عباس، هذا العمل الفني باستخدام مواد محلية وحرف يدوية عملية لإنشاء تركيب فني تفاعلي يدعو إلى التأمل والتمهّل والانخراط المدني على نحو يتيح ربط التراث بالحياة الحضرية المعاصرة. وقد أحاط سعف النخل بفناء مبنيّ فوق كتل خرسانية، فيما شكلت صفائح معدنية مموجة سقفًا مفتوحًا يتسرب منه الضوء والهواء، ما حوّل المكان إلى واحة لاستكشاف تطور العتبات إلى أماكن للتجمع بأسلوب شاعري.
Anique Ahmed
في معرض أبواب، ابتكرت منصة مرَج البحرينية عملاً بعنوان "حكايات الحواف البحرية"، صُمم على نسق سياج نسيجي.
وبدعم من هيئة الثقافة والفنون في دبي، عزز معرض المصممين الإماراتيين جهود إرشاد المواهب الإماراتية الناشئة وإبرازها على الساحة الدولية. في هذا السياق، طرحت المشرفة الرئيسة ندى دبس رؤاها حول المواد والحرفية والإنتاج المعاصر فيما قدم مصممون آخرون أمثال ريم البستاني ونورهان رحال وعائشة الياسي وأحمد القطان واستوديو ماوهاوس أعمالاً جمعت بين الرموز التراثية والتصاميم المبتكرة المعنيّة بحل المشكلات.
Anique Ahmed
تركيب فني تفاعلي بعنوان "متى تتحول المساحة المتنقلة إلى حوش؟" فاز بجائزة الأشغال الحضرية.
تصاميم تجريبية وأعمال عابرة للتخصصات
في سياق برنامج تنوين للتصميم، التابع لمركز تشكيل، والذي قدم تصاميم تجريبية مستدامة وقطع أثاث ومواد مبتكرة بتوقيع تسعة مصممين ناشئين، عرض مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) أعمالاً عابرة للتخصصات استكشفت الإمكانات التعبيرية للمواد المحلية المهمَلة عادة أو محدودة الاستعمال. ومن الأعمال الفنية البارزة ضمن البرنامج "مجموعة النوى" للفنان والشاعر ناصر الغاوي، وهي ثريا وطاولة عرض مشغولتان من نوى التمر ونشارة الخشب والغراء، تتحول عبرهما المواد المهملة بأناقة إلى قطع تصميمية تُشيد بالكرم والصمود الإماراتي. ثمة أيضًا طاولة القهوة لودو، بتوقيع استوديو كلوك أند كلاود، التي يستند تصميمها إلى نهج أكثر مرحًا وتأملاً، إذ تتمايز بأرجل مصنوعة من زجاج كريستالي عضوي مركب من رمال الصحراء وأسطح ملونة بالحناء والكركم والفحم.
ليكول الشرق الأوسط
ضمن فعاليات أسبوع دبي للتصميم 2025، كشفت ليكول الشرق الأوسط L’ÉCOLE Middle East، مدرسة فنون صياغة الجواهر، عن معرض "قصائد الطيور" متعدد الثقافات والذي يستمر انعقاده في حيّ دبي للتصميم حتى 25 أبريل 2026. على نسق المشاركات السابقة في باريس وطوكيو، يستكشف هذا المعرض رمزية الطيور من خلال جواهر غربية الطابع من القرنين التاسع عشر والعشرين تُحاور الفنون الإسلامية، ويتضمن قطعًا متفردة بتوقيع فان كليف أند آربلز وكارتييه وبوتشيلاتي وفابرجيه وغيرها. وتُعرض هذه الإبداعات إلى جانب قطع إقليمية بارزة من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية ومتاحف دبي. كما يوثّق هذا المعرض الظهور العلني الأول لعمل المصور الإماراتي فيصل الريس، المستلهم من كتاب "منطق الطير" لفريد الدين العطار والذي يرتحل بالزوار من الشعر الكلاسيكي إلى عالم الجواهر، قبل التعريج على رائعة بيار ستيرلي "طيور متخيلة".
L’école, School of Jewelry Arts
استكشف المعرض الخاص بمدرسة L’ÉCOLE Middle East رمزية الطيور من خلال الجمع بين الجواهر الغربية والفنون الإسلامية.
من رفاهية القليل إلى الرحلة السحرية والعافية الغامرة
بالتعاون مع استوديو بريك لاب، عرضت بي إم دبليو الشرق الأوسط عملاً يضيء على فخامة سيارة بي إم دبليو الفئة السابعة من خلال مواد مستدامة وملموسة، مستكشفة في هذا السياق البساطة والفخامة الصديقة للبيئة من منظور حسي يحثّ على التأمل في التغير الطارئ على معنى الرفاهية في القرن الحادي والعشرين. وفي عمل بعنوان "الرحلة السحرية"، حوّلت مجموعة آيريس سيراميكا Iris Ceramica Group أسطح السيراميك إلى تركيبات تجريبية منحوتة، تناغمت فيها الإضاءة والعناصر التفاعلية والمواد المبتكرة لإبراز مفاهيم الاستدامة والحِرفية وجماليات المواد المُستحدثة من منطلق الفخامة المعاصرة.
في عمل بعنوان "الرحلة السحرية"، حوّلت مجموعة Iris Ceramica Group أسطح السيراميك إلى تركيبات تجريبية منحوتة.
أما عمل "إنترلود" Interlude، الذي يُعد نتاج تعاون أنابيل شنايدر وآرت كوريرو، فانطوى على بيئة غامرة للعافية زاوجت بين الفن والتصميم وبين تجربة تخاطب مختلف الحواس. استكشف هذا التركيب تفاعل التكنولوجيا مع الحرف اليدوية والتصميم المُرتكز حول الإنسان، مستحدثًا بذلك مساحات تأملية تهدف إلى تعزيز الصحة البدنية والعقلية.
مساحات تأملية ضمن العمل التركيبي Interlude الذي يستكشف تفاعل التكنولوجيا مع الحرف اليدوية والتصميم المُرتكز حول الإنسان.
فقد شكّل تركيب "إنترلود" (المنحوتة والمأوى في الوقت نفسه) ملاذًا حسيًا يستدرج الزوّار إلى التأمل، من خلال طبقات حسية وصوتية وضوئية رهيفة تتيح الاستراحة من صخب المدينة.
